خطط النمو تدفع الشركات الأوروبية الصغيرة للتفوق على مثيلاتها الأميركية

تفوقت الأسهم الأوروبية للشركات الأصغر حجماً على نظيراتها الأميركية هذا العام، مع رهان المستثمرين على خطط النمو وانتعاش اقتصادي أوروبي، في حين يحاولون تجنب الشركات الأكثر تعرضاً للحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتدفق المستثمرون على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم البعيدة عن الأضواء في أوروبا، بفضل انخفاض أسعار الفائدة ووعد بتعزيز النمو من خلال خطة التحفيز التاريخية الألمانية بقيمة تريليون يورو.

على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، ساهم انتعاش وول ستريت من التراجع الحاد الذي شهده بعد إعلان الرئيس ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة في أوائل أبريل في دعم أسهم التكنولوجيا «الضخمة» في البلاد. أما الأسهم الأصغر، التي تميل إلى الارتباط بشكل أكبر بأحوال الاقتصاد المحلي، فقد تخلفت عن الركب.

وهذا يعني أن التباعد هذا العام بين الأسهم الأوروبية والأميركية كان واضحاً بشكل خاص بين الأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة والمتوسطة.

ارتفاع المؤشرات الأوروبية

منذ بداية عام 2025، ارتفع مؤشر MSCI للشركات الصغيرة والمتوسطة في أوروبا بنسبة 10.7%، في حين انخفض نفس المؤشر للولايات المتحدة بنسبة 2.6%.

وتشهد المؤشرات المكافئة للشركات الأكبر ارتفاعاً بنسبة 7% في أوروبا و1.2% في الولايات المتحدة.

وقال ألكسندر بيترك، رئيس أبحاث أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة في «بيرنشتاين»: «لاحظنا اهتمامًا متزايدًا، لا سيما من المستثمرين الأميركيين، بأسهم الشركات الأوروبية متوسطة القيمة»، وفق صحيفة «فايننشال تايمز».

وأضاف أن العملاء «يبحثون عن أسهم عالية الجودة، غير مستغلة، ويفضل أن تكون مرتبطة بالإنفاق الأوروبي على البنية التحتية والدفاع الألماني».

وأشارت «فايننشال تايمز» إلى أنه في أوروبا، كان أداء الأسهم الأصغر حجماً أضعف من أداء الأسهم الأكبر حجماً بنسبة 19% منذ بداية العام 2022، لكن هذه الفجوة بدأت تتقلص هذا العام.

ولكن العودة النسبية للتفاؤل بشأن النمو، إلى جانب المخاوف من أن الحرب التجارية قد تضر بالأسهم الأكبر حجماً التي تركز على التصدير، ساعدت في تضييق هذه الفجوة في عام 2025.

انخفاض الفائدة ساهم في النمو

وساهم انخفاض تكاليف الاقتراض أيضًا في انتعاش الشركات الصغيرة والمتوسطة، إذ خفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إلى النصف من ذروتها البالغة 4% في يونيو، عقب التخفيض الأخير يوم الخميس.

ويتناقض هذا مع الولايات المتحدة، حيث تباطأ صناع السياسات في مجلس الاحتياطي الفيدرالي في اتخاذ القرارات، وأشاروا إلى رغبتهم في الانتظار ورؤية تأثير رسوم ترامب الجمركية على التضخم قبل تخفيض أسعار الفائدة أكثر.

قصة أداء قوية

وقال جورج إفستاثوبولوس، مدير محفظة الأصول المتعددة في فيديليتي إنترناشونال: «كنا نمتلك في السابق أسهماً أميركية متوسطة الحجم ضمن محفظتنا، ولكن تُحقق هذه الأسهم نجاحاً ملحوظاً مع تخفيف المركزي لسياسياته ورفع معدلات النمو. لم نشهد أياً من هذه الأمور في الولايات المتحدة».

وقال إفستاثوبولوس «بعد إعلان يوم التحرير، اشترينا الضعف في أسهم الشركات الألمانية متوسطة الحجم والأسهم اليونانية، والتي كانت «قصة أداء قوية للغاية». وأضاف: «إننا نلعب على موضوع توليد الإيرادات المحلية في عالم من الاضطرابات التجارية».

ويقول بعض المحللين أيضاً إن الشركات الأوروبية الأصغر استفادت من الحماس المتجدد لاستراتيجيات اختيار الأسهم، حيث يحاول المستثمرون اختيار الرابحين والخاسرين من هجوم ترامب التجاري.

وقال جيري فاولر، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «يو بي إس»: «إن آفاق الشركات في أوروبا تختلف اختلافاً كبيراً في ظل الظروف الحالية المتمثلة في التعريفات الجمركية وتقلبات العملات وخطط التحفيز».

وأضاف فاولر، أنه من الصعب للغاية إيجاد حجة لصالح الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المخاوف بشأن تأثير سياسات ترامب على الاقتصاد الأميركي.