ومنذ بدء أحداث غزة في السابع من أكتوبر الجاري، نجح الذهب في تخطي حاجز 2000 دولار، ليواصل ارتفاعه للأسبوع الثالث على التوالي بنهاية يوم الجمعة الماضي.
ومع تصاعد العملية العسكرية في قطاع غزة، زاد الطلب على الذهب كملاذ آمن للمستثمرين الذين يترقبون اجتماع المركزي الأميركي المقرر يوم الأربعاء القادم.
ويتجه المستثمرون دائمًا في فترات الصراعات السياسية والعسكرية إلى الملاذات الآمنة ومنها الذهب، للحفاظ على قيمة استثماراتهم في المعدن الأصفر بدلًا من الأصول المتقلبة كالسندات والأسهم.
وخلال الأسبوع الماضي، صعدت أسعار الذهب الفورية بنسبة 1.3% ليسجل ارتفاعا للأسبوع الثالث على التوالي، ويغلق الذهب تداولات الأسبوع عند المستوى 2006 دولارات للأوقية، وذلك بعد أن سجل أعلى مستوى يوم الجمعة عند 2009 دولارات للأوقية، وهو أعلى مستوى منذ منتصف مايو الماضي.
فيما استقرت أسعار الذهب عالميًا في تعاملات اليوم الاثنين عند 2003.17 دولارات للأوقية (الأونصة)، رغم صعود العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.7% إلى 2013 دولارًا للأوقية.
وفي غضون الثلاثة أسابيع الماضية، حقق الذهب مكاسب وأرباحا كبيرة تجاوزت الأدوات الاستثمارية الأخرى، حيث ارتفع بمقدار 174 دولارا وبنسبة 9.5%، رغم الضغوط التي يتعرض لها جراء تحسن بعض البيانات الاقتصادية الأميركية، وتوقعات باستمرار الفيدرالي الأمريكي في سياسة التشديد النقدي.
وقبل اندلاع الأحداث في السابع من أكتوبر الجاري، كانت أسعار الذهب تتداول عند مستويات قريبة من 1800 دولار للأوقية، إلى أن وصلت لمستوى 2006.3 دولار بانتهاء تعاملات الجمعة الماضية.
وحول هذا الصعود، يقول إيهاب وصفي، رئيس شعبة صناعة الذهب في اتحاد الصناعات المصري، إن الأحداث التي تشهدها فلسطين وتحديدًا في قطاع غزة كانت المحرك والمغذي الرئيسَ لصعود أسعار المعدن الأصفر عالميًا، رغم حالة التشبع الكبير في عمليات الشراء التي شهدتها الأسواق خلال الفترة التي سبقت اندلاع الحرب.
وأضاف وصفي، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن اتجاه المستثمرين للذهب كملاذ آمن واعتباره أداة من وسائل التحوط المالي، ساعد على استمرار صعوده بصورة قياسية منذ اندلاع الاشتباكات بين حماس وإسرائيل.
وأوضح رئيس شعبة صناعة الذهب أن ارتفاع أسعار الذهب خلال هذه الفترة يعد صعودا استثنائيا، لأن مستويات الأسعار الحالية تسير عكس اتجاه الظروف الاقتصادية التي من المفترض أن لا تؤدي إلى زيادة بأسعار الذهب، لأن الكثير من البنوك المركزية حول العالم رفعت أسعار الفائدة لديها لمواجهة التضخم، خلال الأشهر الماضية، ودائما ما تتراجع أسعار الذهب مع رفع معدلات الفائدة.
كما أرجع هاني جيد، رئيس شعبة تجار الذهب في اتحاد الغرف التجارية المصرية، ارتفاع أسعار الذهب إلى زيادة الطلب عليه، خصوصًا في الفترات التي يعاني منها الاقتصاد العالمي من حالة الضبابية وانعدام الرؤية، وهو ما فرضته حرب غزة.
وأضاف جيد، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أنه بالإضافة إلى حرب غزة، كان هناك عامل آخر أسهم في زيادة أسعار الذهب عالميًا، وهو تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، الخاص بالأسهم الرئيسة في الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 2.4%، مسجلا أدنى مستويات منذ أسبوعين، ما ساعد على تخارج جزء كبير من الاستثمارات في الأسهم إلى الذهب.
وتوقع جيد استمرار ارتفاع أسعار الذهب عالميًا مع استمرار أزمة غزة التي بدأت تتصاعد بعد الاقتحام البري الذي شنته القوات الإسرائيلية للقطاع، ما يزيد من مخاوف المستثمرين ويدفعهم إلى الذهب كملاذ آمن، في ظل توترات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
ولفت رئيس شعبة تجار الذهب إلى أن أسواق الذهب تترقب حاليًا نتائج اجتماع البنك المركزي الأميركي المقرر الأربعاء القادم، خاصة وسط تزايد التوقعات بالاتجاه نحو التخلي عن سياسة التشديد النقدي ورفع الفائدة التي تمت على مدار الأشهر الماضية، ما يغذي الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب.
وأكد هاني جيد أن الذهب يعد الرابح الأكبر في ظل استمرار التصعيد العسكري، بالمقارنة بأدوات التحوط الأخرى، حيث حقق مكاسب أكبر من النفط خلال فترة الثلاثة أسابيع الماضية، مشيرًا إلى أن ارتفاعات أسعار المعدن الأصفر تجاوزت الزيادات التي حققتها أسعار النفط.
وأوضح رئيس شعبة الذهب، أن أوقية الذهب سجلت أرباحا بنحو 175 دولارا وزيادة في الأسعار العالمية بحوالي 9%، في 3 أسابيع فقط، وهي ارتفاعات غير مسبوقة في الأسواق العالمية للذهب، بينما كانت ارتفاعات النفط تدور حول 3%.
وتوقع أن يتخطى السعر العالمي للأوقية أعلى مستوى سجله الذهب العالمي في تاريخه وهو 2080 دولار للأوقية في مايو الماضي، وسط التهديدات السياسية المتصاعدة، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية وأحداث الحرب في الشرق الأوسط.
كما تتوقع العديد من المؤسسات المالية، ومنهم "آي جي بنك" مواصلة المعدن الأصفر الصعود، طالما لم تظهر الحرب أي علامات على التراجع، خاصة مع انطلاق الغزو البري الإسرائيلي لشمال قطاع غزة.
بينما يرى المحللون في بنك "أي أن زد" الأسترالي أن مزيدًا من المكاسب في أسعار الذهب تتوقف أيضاً على اقتراب دورة أسعار الفائدة من بنك الاحتياط الفيدرالي من نهايتها.
وأكدوا أن حرب غزة ستواصل دفع تدفقات الأموال إلى الملاذ الآمن، تزامنًا مع نمو الطلب من السوق المادية أيضًا، وبخاصة من جانب البنوك المركزية والمستهلكين الباحثين عن التحوط من آثار التضخم وتآكل القدرة الشرائية.