أميركا ترفع راية النصر في حرب اقتصادية عالمية

حقق اقتصاد الولايات المتحدة نمواً بشكل أسرع من أي اقتصاد متقدم آخر في العام الماضي وبفارق كبير، وهو في طريقه لتحقيق نمواً بنفس الوتيرة في عام 2024، وفق تقديرات البنك الدولي.

وفي تصريحات خاصة لـ"إرم الاقتصادية"، قال الخبير الاقتصادي ومدير شركة ترند الاستثمارية وائل محيسن إن السبب الرئيسي في نمو الاقتصاد الأميركي القوي هو أداء السوق المالي الممتاز الذي كان مرتبطاً بشكل وثيق بالتدفق المالي المستمر.

وفيما يتعلق بتوقعات النمو للعام الجاري، يرى محيسن أنه من الصعب جداً الاستمرار بنفس الوتيرة، مؤكداً انه يتوقع حصول تباطؤ في الاقتصاد، بفعل تداعيات السياسات النقدية المتشددة التي ستبدأ في الظهور.

تفوق رغم التحديات

وبحسب موقع أكسيوس الأميركي، يعود تفوق الاقتصاد الأميركي على جميع دول مجموعة السبع، إلى جذوره القوية المميزة، إلى جانب الخيارات السياسية التي تعكس مرونة أساسية في أكبر اقتصاد في العالم.

وبالأرقام نما الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 2.5% في عام 2023، وفقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي، وهو الأعلى بين اقتصادات مجموعة السبع، بينما حلت اليابان في المرتبة الثانية بنمو اقتصادي عند 1.9%، وجاءت كندا في المرتبة الثالثة بنمو اقتصادي عند 1.1%، وحلت فرنسا في المرتبة الرابعة بنمو اقتصادي بلغ 0.7%، وبينما يعاني الاقتصاد البريطاني من التشتت الحكومي وتداعيات خروجه من الاتحاد الأوروبي حل في المرتبة الخامسة بنمو 0.5%، بينما لم يحقق الاقتصاد الألماني أي نمو وجاء في المرتبة السادسة والأخيرة متراجعاً بنسبة -0.3%.

وفيما يخص توقعات خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي، ستستمر الولايات المتحدة في الصدارة بتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 2.1%، بينما ستحل كندا في المركز الثاني بنسبة 1.4%.

وفي الوضع الراهن تتعامل جميع البلدان مع مشاكل التضخم في مرحلة ما بعد الوباء، وارتفاع أسعار الفائدة بهدف مكافحته، إلا أن الولايات المتحدة تمكنت من تحقيق نمو قوي على الرغم من تلك الرياح المعاكسة.

 وكان النمو القوي في القوى العاملة في الاقتصاد الأميركي أحد العوامل، ويرجع ذلك إلى اختيار المزيد من الأميركيين لدخول القوى العاملة وزيادة الهجرة.

وشهدت الولايات المتحدة أيضًا نموًا قويًا في الإنتاجية مدعومًا بقطاع الشركات المبتكرة، كما يجادل مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، باستثمارات فيدرالية كبيرة في البنية التحتية والقدرة التصنيعية.

جني الثمار

يقول آدم بوسن رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن الجزء الأهم من قصة تفوق الولايات المتحدة، هو استجابتها للوباء التي أدت إلى تحول المزيد من الأميركيين نحو العمل ذي الإنتاجية الأعلى.

وأضاف بوسن: "إن التقلب الهائل في سوق العمل بسبب فيروس كورونا في 2021 – 2022 كانت له فائدة غير مقصودة تتمثل في نقل الملايين من العمال ذوي الدخل المنخفض إلى وظائف أفضل، ما أدى إلى مزيد من أمن الدخل أو إدارة أعمالهم الخاصة".

اقرأ أيضاً: لهذه الأسباب.. الاقتصاد الأميركي يتفوق على الأوروبي

وتابع: "إن الاقتصاد الأميركي جنى ثمار تلك التحولات في المشاركة بأسواق العمل ونمو الأجور وتحسين الانتاجية، وهو ما يختلف تماماً عن أوروبا واليابان حيث لا يزال معظم العمال بنفس مستوى وظائفهم قبل كوفيد-19".

اضطرابات الدول الأخرى

ولا يتقصر الأمر على أن أداء الولايات المتحدة كان جيد فحسب، بل إن الاقتصادات الكبرى الأخرى كانت تعاني من العديد من المشاكل الأخرى التي أعاقت النمو.

فاليابان على سبيل المثال تعاني من تقلص عدد السكان وانخفاض معدلات الهجرة، مما يعني أنه حتى عندما يكون اقتصادها في حالة جيدة فإن نموها سيكون أقل من الولايات المتحدة.

ولا تزال المملكة المتحدة تعمل على حل اضطرابات الإمدادات الناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وكانت الاقتصادات الأوروبية الكبرى تعتمد على النفط والغاز الطبيعي الروسي، وبالتالي فإن الحرب مع أوكرانيا وارتفاع تكاليف الطاقة تلحق الضرر بالمصنعين في ألمانيا وخارجها. ومن الممكن أن تؤدي الهجمات على ممرات الشحن في البحر الأحمر إلى مزيد من التعطيل للصناعة الأوروبية.

واستشهدت المستشارة الاقتصادية للبيت الأبيض لايل برينارد، في حديثها للصحفيين الأسبوع الماضي، بـ"الإجراءات السياسية القوية التي تم تصميمها لتؤدي إلى انتعاش قوي وواسع النطاق بشكل أسرع مما شهدناه سابقًا في الولايات المتحدة - وأسرع مما رأيناه في بلدان أخرى".