مع الدمار المتزايد في غزة، لم يبقَ سوى عدد قليل من أجهزة الصرف الآلي تخدم سكان القطاع البالغ عددهم مليونا نسمة، كما أصبحت غزة صحراء مالية تخضع لرقابة اسرائيلية صارمة تهدف أيضاً للقضاء المالي على حماس.
وبسبب الحصار المالي، لم تعد الأوراق النقدية (الشيكل) التي تتداول في غزة بحالة جيدة، وتدهورت جودتها بشكل متزايد بحسب تحقيق لصحيفة «لي زيكو» الفرنسية.
قبل الحرب، كان هناك حوالي مئة جهاز صراف آلي يعمل في هذا القطاع، أما اليوم فلم يتبقَّ سوى أقل من عشرة وأصبحت الطوابير الطويلة تزداد يومياً أمام آلات السحب النادرة التي تخدم مليوني نسمة.
وتستغل بعض الجماعات هذا الوضع في ابتزاز الفلسطينيين، وأولئك الذين يرغبون في تجاوز الآخرين والحصول على بعض الشيكلات أو الدنانير الأردنية، يضطرون لدفع مبالغ لهذه الجماعات المقنعة التي تستغل الفوضى والغياب النسبي لشرطة «حماس». ويتم نقل الأموال لإعادة تغذية هذه الأجهزة بشكل متقطع؛ بسبب مخاطر السطو وانعدام الأمن.
منذ 7 أكتوبر، توقفت التحويلات المالية من إسرائيل إلى غزة، حيث تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى قطع الموارد المالية عن «حماس». فإسرائيل تقوم منذ ثلاثين عاماً، بتحصيل الضرائب والرسوم الجمركية من الفلسطينيين لتحويلها بعد ذلك إلى السلطة الفلسطينية شهرياً. وهذا المال، الذي يمثل حوالي ثلثي الدخل، يُستخدم لدفع رواتب 150 ألف موظف في غزة والضفة الغربية.
فالحصار المالي يعني أيضاً أن الأوراق النقدية من الشيكل لم تعد تُستبدل، وبعضها يتدهور إلى درجة التمزق. الشيكل الإسرائيلي هو العملة الرئيسية في الأراضي الفلسطينية، ويُستخدم الدينار الأردني أيضاً.
ظهر في غزة مهنة جديدة، وهي تنظيف الأوراق النقدية، وفقاً لوسائل إلإعلام، ويكلف تنظيف ورقة نقدية بقيمة 20 شيكل حوالي 2 شيكل، و4 شيكلات لتنظيف ورقة بقيمة 100 شيكل، و5 لتنظيف ورقة بقيمة 200 شيكل. ورغم أن الفلسطينيين قد يحصلون على بعض الأوراق النقدية «النظيفة» التي يمكن استخدامها في المتاجر، فإن قدرتهم الشرائية انخفضت بشكل كبير منذ 7 أكتوبر 2023، نتيجة ارتفاع الأسعار في أبريل بنسبة 153% مقارنة بالعام السابق.
بالنسبة للعملات الأجنبية، فالدينار الأردني والدولار لا يزالان متوفرين في بعض مكاتب الصرافة، لكن العمولات ارتفعت بشكل كبير منذ عام. ويمكن للسكان أيضاً اللجوء إلى السوق السوداء، حيث يجني البعض أرباحاً كبيرة من خلال بيع السيولة المتاحة أو الذهب، مستغلين معاناة المواطنين. ومن غير المتوقع أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية والنقدية في المستقبل القريب. ووفقاً للبنك الدولي، يُتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لغزة بمقدار النصف هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 80% في الربع الأخير من عام 2023.
على صعيد متصل، انخفضت بورصة فلسطين، التي تقع في الضفة الغربية، بنسبة 18% هذا العام، في حين أن سوق الأسهم الإسرائيلي ارتفع بأكثر من 12%. كما ارتفع الشيكل بنسبة 2% مقابل الدولار منذ هجمات «حماس» في 7 أكتوبر 2023، بفضل تدخلات بنك «إسرائيل» للحد من تقلبات العملة.