تواجه العلاقة بين مصر وصندوق النقد الدولي مرحلة توتر حذرة، بعد أن أرجأ الصندوق المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج التمويل الممدد الذي تم توقيعه في 2022، وزيادته في عام 2024 ليصل إلى 8 مليارات دولار.
صندوق النقد، الذي طالما وُصف بأنه «شريك مصر في دعم الاقتصاد»، أعرب مؤخراً عن عدم رضاه عن التقدّم المُحرز في بعض بنود الاتفاق، وعلى رأسها ملف الخصخصة، أو ما يُعرف بـ«برنامج الطروحات الحكومية»، والذي ينص على بيع حصص من شركات مملوكة للدولة لصالح مستثمرين من القطاع الخاص.
الصندوق اعتبر أن الخصخصة ليست فقط شرطاً فنياً، بل ضرورة لضمان نمو حقيقي ومستدام، وتحسين كفاءة الاقتصاد، وزيادة قدرة الدولة على سداد ديونها.
كما أشار إلى بطء في تنفيذ إصلاحات السياسة الضريبية، مثل ضعف الشفافية في النفقات الضريبية، وعدم تحقيق تقدّم كافٍ في تحديث الجمارك. هذه النقاط كانت ضمن شروط الصندوق الأساسية لصرف الدفعات الجديدة من القرض.
لكن الجانب المصري يرى الصورة من زاوية أخرى، فقد أعلنت الحكومة أنها وحّدت سعر الصرف، وشدّدت سياستها النقدية، ونجحت في خفض معدلات التضخم وتحسين المؤشرات الكلية، وأكدت أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، كتراجع إيرادات قناة السويس؛ نتيجة التوترات الجيوسياسية تستدعي تفهّماً دولياً، وليس مجرد تطبيق حرفي للشروط.
فيما يتعلق بالخصخصة، أوضحت القاهرة أنها تعمل على بيع بعض الأصول، مثل بنك القاهرة، لكنها ترفض البيع بأقل من القيمة العادلة، باعتبار أن «هذه ممتلكات الشعب».
يبقى السؤال الآن: هل سيقبل صندوق النقد بمبررات مصر ويُفرج عن الدفعات، أم يُصر على تنفيذ كل الشروط؟ وفي المقابل، هل ستُكمل مصر طريق الإصلاحات كما يريدها الصندوق، أم ستبحث عن بدائل تمويلية أخرى لتخفيف الاعتماد عليه؟
العلاقة بين الطرفين دقيقة فاستمرار الدعم لا يقتصر فقط على إدخال مليارات الدولارات إلى خزينة الدولة، بل يؤثر أيضاً على ثقة المستثمرين والمقرضين الدوليين بمستقبل الاقتصاد المصري، حيث يُنظر إلى موافقة الصندوق كنوع من «شهادة الثقة» في الأوضاع المالية للبلد.
المصلحة مشتركة، لكن الطريق إلى التفاهم ما زال محفوفاً بالحسابات الدقيقة.