logo
اقتصاد

«المليارات المزورة» تُربك الاقتصاد الليبي.. وسبتمبر موعد الحسم

«الفارسي»: التزوير يهدد الثقة بالقطاع المصرفي

«بوزعكوك»: طباعة بلا غطاء تُضعف الدينار وتهز السوق

التوحيد الفعلي للمصرف المركزي والرقابة الصارمة شرطان لعدم تكرار الأزمة

«المليارات المزورة» تُربك الاقتصاد الليبي.. وسبتمبر موعد الحسم
رجل يستخدم عداد العملة لحساب الدينار الليبي في مكتب صرافة في وسط طرابلس، 30 مارس 2014.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:11 يوليو 2025, 05:00 ص

نحو 3 أشهر فاصلة في المشهد المالي الليبي الحالي لإنهاء تداعيات أزمة «المليارات المزورة»، مع قرار المصرف المركزي اكتمال سحب فئة الـ20 ديناراً الحالية بنهاية سبتمبر المقبل بعد شكوك حولها إثر ضجة كشفت عن أكثر من 3 مليارات دينار مزورة (554 مليون دولار) من فئة الخمسين. 

وتسببت الأزمة في حالة من الارتباك بالمشهد المالي الليبي، إلا أن خبراء اقتصاد ومال في ليبيا تحدثوا لـ«إرم بزنس»، مؤكدين أن الأزمة مؤقتة مع جهود السحب الحالية لكل الشكوك المرتبطة بالعملات المزورة، مرجعين ذلك إلى أن توحيد إدارة المصرف المركزي حالياً، وكذلك توحيد طباعة العملة الرسمية لن يسمح بتكرار الأزمة على هذا النحو الضخم شريطة أن يكون ذلك «التوحيد فعلياً، وليس شكلياً ويستخدم كل أدواته في الرقابة». 

وكشف مصرف ليبيا المركزي في طرابلس في بيان قبل نحو أسبوع عن وجود عملة مطبوعة خارج سلطته وسلطة بنك بنغازي، تُقدّر بأكثر من 3 مليارات دينار ليبي (أكثر من 554 مليون دولار) من فئة 50 ديناراً، موضحاً أن ذلك يُشكّل «استيلاء غير مشروع تسبب بضرر جسيم للاقتصاد الوطني».

وقام المصرف بـ«سحب الأوراق النقدية من فئة 50 ديناراً بإصدارها الأول المطبوع في بريطانيا» (طبعة البنك المركزي طرابلس)، «وكذلك الإصدار الثاني المطبوع في روسيا» (طبعة البنك المركزي بنغازي) بنهاية عمل يوم 8 مايو الماضي في إطار ممارسة المصرف للمحافظة على الاستقرار المالي والنقدي وتعزيز قيمة الدينار الليبي».

وقرر المصرف أيضاً سحب فئة 20 ديناراً من الإصدارين «واستبدالها بعملة أكثر أماناً»، موضحاً أن قرار السحب جاء «تخوّفاً من وجود كميات مطبوعة من هذه الفئة (20 ديناراً) خارج مصرف ليبيا المركزي»، وتم تحديد يوم 30 سبتمبر 2025 كآخر موعد لتداولها، وذلك «للمحافظة على هيكلة العملة وقوتها».

ووفق المركزي الليبي، فإن طباعة هذه الفئة بكميات كبيرة خارج مصرف ليبيا المركزي «أثرت سلباً على قيمة الدينار الليبي، وساهمت في زيادة الطلب على العملات الأجنبية بمستويات كبيرة في السوق الموازي، وضاعفت من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب».

«جريمة اقتصادية»

أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي وعضو لجنة السياسة النقدية بالمصرف المركزي، الدكتور أيوب الفارسي لـ«إرم بزنس» أن «جذور المشكلة بدأت منذ الانقسام السياسي بالبلاد في 2014 ونقص السيولة في المنطقة الشرقية، ما أدى لطباعة العملة بهذا الشكل وبعد إجراءات المصرف وسحب الإصدار الأول والثاني من فئة الخمسين دينار اتضح أن الأموال المسترجعة أكبر من الأموال المقيدة بنحو 3.5 مليار دينار من فئة الخمسين».

أخبار ذات صلة

مصرف ليبيا المركزي يسحب عملات «غير قانونية» من فئة 50 ديناراً

مصرف ليبيا المركزي يسحب عملات «غير قانونية» من فئة 50 ديناراً

أكد الفارسي أن «هذا العرض النقدي المتضخم جداً يهدد بفقد الثقة في القطاع المصرفي في ظل الانقسام الذي ضاعف تلك الطباعات وتنامي وجود كتلة نقدية ضخمة خارج المصارف، ما أضر بالاقتصاد وعملته المحلية مع زيادة الطلب على العملة الأجنبية، إذ تسهم العملة المزورة في ذلك بشكل كبير».

وسبقت خطوات المصرف المركزي بإنهاء تداول الإصدارين الأول والثاني من فئة الخمسين في 30 أبريل الماضي، إعلانه يوم 6 من الشهر ذاته «تخفيض قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية 13.3%»، ليصبح 5.5677 دينار مقابل الدولار، وكان ذلك أول خفض رسمي منذ عام 2020، عندما حُدِّد السعر عند 4.48 دينار للدولار، فيما بلغ سعره في السوق الموازية 7.20 دينار مقابل الدولار، بحسب ما نقلته «رويترز» آنذاك.

وحذر  مصرف ليبيا المركزي، في بيان توضيحي للقرار، من أن «بيانات الربع الأول من 2025 تظهر استمرار وتيرة الإنفاق العام المزدوج والتمويل بالعجز وارتفاع الطلب على النقد الأجنبي وعجز الإيرادات النفطية عن تغطيته»، موضحاً أن إجمالي مصروفات النقد الأجنبي في الربع الأول من العام الجاري بلغ نحو 9.8 مليار دولار، بينما الإيرادات النفطية والإتاوات الموردة للمصرف المركزي (تعاملات النقد الأجنبي لدى المصرف) بلغت نحو 5.2 مليار دولار حتى يوم الـ27 من مارس الماضي بعجز بلغ نحو 4.6 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر فقط (الربع الأول)، واصفاً الأمر بالخطير.

ووصف الفارسي ما حدث بشأن تلك المليارات المزورة بأنه «جريمة اقتصادية كبيرة مطروحة أمام النائب العام الليبي، ولا يمكن الحسم بحقائق بشأن الجهة المتورطة فيها»، موضحاً أنه «الآن تم جمع العملة المزورة وإعدام تلك الفئة ولن تتكرر في دورة الاقتصاد وسينتهي الأمر بعد سحب فئة العشرين ديناراً سبتمبر المقبل».

«إرباك للمشهد المالي»

بدوره، قال رئيس منتدى بنغازي للتطوير الاقتصادي والتنمية المحلل الاقتصادي خالد بوزعكوك، في حديث لـ«إرم بزنس» إن هذا الإعلان الذي أربك المشهد المالي بليبيا بصورة لافتة يحمل مخاطر يجب وقفها حفاظاً على الاقتصاد الليبي.

أكد أن «هناك مخاطر كبيرة تنتج عن طباعة النقد دون أن يقابلها غطاء بالذهب أو بالسندات المالية وعندها ستفقد العملة من قيمتها، وأيضاً عرض فائض من السيولة النقدية في السوق سيساهم في ارتفاع سعر الدولار نتيجة الطلب المتزايد عليه بسبب وجود عملة أكبر من الحجم المطلوب في الحالات الاعتيادية».

أخبار ذات صلة

في زمن الدينار الليبي الضعيف.. هل يصبح «المنتج المحلي» عبئاً إضافياً؟

في زمن الدينار الليبي الضعيف.. هل يصبح «المنتج المحلي» عبئاً إضافياً؟

ومنذ الأزمة السياسية في 2014، انقسم المصرف المركزي بليبيا إلى فرعين، أحدهما في طرابلس وآخر في البيضاء شرقي ليبيا، وجرت محاولات عديدة لتوحيد المصرف أبرزها عامي 2022، ثم 2023، قبل أن تنتهي قبل أشهر أزمة المصرف باتفاق بدعم أممي تضمن توحيد إدارته وامتلاك الفرع الرئيس بطرابلس الصلاحيات كاملة، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام ليبية.

وكرر محافظ مصرف ليبيا المركزي السابق الصديق الكبير، في خطابات رسمية لمجلس النواب (شرق) وحكومة الوحدة الوطنية (بطرابلس) أن هناك «إنفاقاً مجهول المصدر» أضر بالاقتصاد، وأثر مباشرة على زيادة الطلب على النقد الأجنبي في الأشهر الأخيرة لعام 2023 بقيمة 5 مليارات دولار.

هل تتكرر الأزمة؟

ورداً على سؤال بشأن إمكانية تكرار أزمة المليارات المزورة، أكد عضو لجنة السياسة النقدية بالمصرف المركزي الليبي الدكتور أيوب الفارسي أنه «لن تكون هناك أي طباعة روسية لعملة الدينار، وأن الأمر سيكون مقتصراً فقط على الطباعة الوحيدة التي يقوم بها المصرف المركزي في بريطانيا، والتي تتم بمواصفات قياسية غير قابلة للتزوير».

وشدد الفارسي على أن توحيد المصرف المركزي وإدارته لن يسمح بتكرر أزمة المليارات المزورة مجدداً، خاصة أن المصرف هو من يملك السلطة النقدية المسؤولية عن طباعة العملة وإدارة النقد وليس غيره.

ويستبعد المحلل الاقتصادي خالد بوزعكوك أيضاً «تكرار أزمة المليارات المزورة شريطة توحيد المصرف المركزي فعلياً وليس شكلياً كما هو الآن»، مؤكداً أن حدوث ذلك «سيعزز من دور الرقابة المصرفية عبر إدارة الرقابة على النقد وإدارة مكافحة غسل الأموال ولا يكرر الأزمة الحالية التي يتوقع أن تنتهي في سبتمبر مع سحب كل العملات المشكوك فيها».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC