logo
اقتصاد

في زمن الدينار الليبي الضعيف.. هل يصبح «المنتج المحلي» عبئاً إضافياً؟

في زمن الدينار الليبي الضعيف.. هل يصبح «المنتج المحلي» عبئاً إضافياً؟
مدخل المدينة القديمة في طرابلس - ليبيا يوم 5 مايو 2024المصدر: شاترستوك
تاريخ النشر:3 مايو 2025, 04:31 ص

وسط فاتورة استيراد متضخمة، أثير جدل واسع في ليبيا إثر مقترح حكومي برفع الرسوم الجمركية على السلع القادمة من الخارج، بالتزامن مع قلق بدول مصدرة وأزمة اقتصادية في البلد النفطي دفعت «المصرف المركزي» لتخفيض سعر الدينار قبل نحو 3 أسابيع.

وأكد خبراء في الشأن الاقتصادي الليبي بينهم مسؤول مالي سابق، لـ«إرم بزنس»، أن المقترح سلاح ذو حدين سيواجه ليبيا، أحدهما سلبي لتراجع المنافسة والجودة بين المنتج المحلي والمستورد وآخر إيجابي لتحفيز المستثمرين على دعم الصناعة المحلية وحمايتها من الإغراق.

واتفقوا على صعوبة تطبيق المقترح حالياً؛ لما سيكون له من تأثيرات كبيرة على المواطن جراء ارتفاع محتمل لأسعار السلع المستوردة، التي يعتمد عليها الاقتصاد بشكل كبير في ظل عدم وجود إنتاج بالشكل المأمول، أو المكافئ لنظيره القادم من الخارج.

أخبار ذات صلة

ليبيا تخفض الدينار وتستعين بــ«صديق غير مُلزم» لمنع الانهيار

ليبيا تخفض الدينار وتستعين بــ«صديق غير مُلزم» لمنع الانهيار

مقترح مثير للجدل

أكدت وزارة الاقتصاد والتجارة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، ببيان يوم 23 أبريل الماضي، أن «ما يُتداول بشأن فرض رسم استهلاك على السلع المستوردة هو مقترح تمت دراسته بناء على طلب من أصحاب مصانع وطنية لحماية المنتج المحلي».

ولفتت إلى تحويل هذا المقترح إلى رئاسة الوزراء للنظر فيه، دون أن يُتخذ بشأنه أي قرار رسمي حتى تاريخه.

وشددت على أن «الظروف الاقتصادية الراهنة لا تحتمل فرض أي ضرائب جديدة قد تمس أسعار السلع، أو تثقل كاهل المواطنين».

ونقلت وسائل إعلام محلية آنذاك وثيقة أفادت بأن المقترح يتضمن فرض رسوم جمركية جديدة على السلع المستوردة إلى ليبيا من 26 دولة، بمعدل ضريبة متغير يتراوح بين 10% و25% بناء على بلد المنشأ.

ومهّد للقرار بيان من شبكة «ليبيا للتجارة» التابعة للوزارة يوم 16 أبريل الماضي، رجح أن يرفع تخفيض سعر الصرف قبل نحو 10 أيام، أسعار السلع المستوردة بنسبة لا تقل عن 25%، نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطن، وعدم توافر التغطية النقدية التي كانت متاحة في السابق.

وبحسب إحصائيات المصرف المركزي الليبي في أواخر نوفمبر 2024، فإن الواردات السلعية الإجمالية، سجلت خلال النصف الأول من عام 2024 ما قيمته 10.1 مليار دولار مقارنة مع نحو 10.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023.

وأظهرت تلك البيانات تصدرّ الصين قائمة البلدان المصدرة لليبيا خلال النصف الأول من العام 2024، وبلغت قيمة الصادرات الصينية إلى ليبيا نحو 1.5 مليار دولار. وجاءت تركيا ثانية مع 1.2 مليار دولار، وتلتها إيطاليا بـ914.8 مليون دولار واليونان بـ946.1 مليون دولار، واستحوذت الدول الأربع على 44.3% من إجمالي قيمة الواردات الليبية.

واستحوذ الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية على 34.5% لكل منهما من إجمالي الواردات الليبية، في حين شكّلت الدول العربية، ودول شمال ووسط وجنوب أميركا، والدول الأوروبية الأخرى النسبة الباقية.

أزمة اقتصادية

يأتي المقترح الحكومي وسط أزمة اقتصادية دفعت مصرف ليبيا المركزي، المسؤول عن إيرادات النفط المصدر الرئيس للعملة الأجنبية بالبلاد ودفع رواتب موظفي الدولة في 6 أبريل الماضي، إلى «تخفيض قيمة الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية 13.3%»، ليصبح 5.5677 دينار مقابل الدولار، في أول خفض رسمي منذ عام 2020،، فيما بلغ سعره في السوق الموازية 7.20 دينار مقابل الدولار، بحسب ما نقلته «رويترز» آنذاك.

وأفاد مصرف ليبيا المركزي، في بيان توضيحي للقرار، بأن إجمالي إنفاق الحكومتين المتنافستين خلال عام 2024 بلغ 224 مليار دينار «نحو 46 مليار دولار».

وأوضح أن بيانات الربع الأول من 2025 تظهر استمرار وتيرة الإنفاق العام المزدوج والتمويل بالعجز وارتفاع الطلب على النقد الأجنبي وعجز الإيرادات النفطية عن تغطيته، ووصف ذلك بـ«الأمر الخطير».

قبل أسبوعين، أكد محافظ البنك المركزي الليبي ناجي عيسى، في لقاءات مع أعضاء مجلس النواب الليبي، ورئيس الحكومتين عبدالحميد الدبيبة وأسامة حماد قبل أسبوعين، أن «الوضع الاقتصادي يتطلب قرارات جريئة، وتعاوناً وطنياً واسعاً، لتفادي سيناريوهات الانهيار الاقتصادي».

أخبار ذات صلة

اقتصاد ليبيا ينمو 12% واحتياطي النقد الأجنبي يستقر عند 94 مليار دولار

اقتصاد ليبيا ينمو 12% واحتياطي النقد الأجنبي يستقر عند 94 مليار دولار

مخاوف

استبعد المدير التنفيذي للمجلس الاقتصادي التونسي الليبي صابر بوقرة، مؤخراً، تطبيق هذا المقترح قبل نهاية السنة، مؤكداً مع ذلك أن «كل شيء وارد».

وأوضح أن السلطات الليبية بصدد مراجعة استراتيجياتها التجارية والاقتصادية، واعتماد سياسة المعاملة بالمثل لحماية المنتج الوطني.

وحذر من أن فرض رسوم جمركية  على السلع التونسية قد يؤثر سلباً على هذا التبادل التجاري الحيوي بين البلدين، وله انعكاسات سلبية على البلدان الأخرى، داعياً الجانب الليبي إلى مراجعة هذا المقترح، تفادياً لتلك الانعكاسات.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 972 مليون دولار إلى 1.077 مليار دولار في 2024، ويطمح الجانبان إلى الوصول إلى 1.6 مليار دولار بنهاية 2025.

فرص وتحديات

رأى رئيس منتدى بنغازي للتطوير الاقتصادي والتنمية المحلل الاقتصادي خالد بوزعكوك، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن الرسوم الجمركية المقترحة على السلع المستوردة من جانب وزارة الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية تأتي بغرض حماية المنتج المصنع محلياً.

وأشار إلى أنه حال تطبيق الاقتراح ستزيد قيمة فاتورة استيراد السلع التي هي بالأساس ترتفع باستمرار على المواطن الليبي.

واعتبر بوزعكوك، أن هذا المقترح «سلاح ذو حدين» أحدهما سلبي سيلغي التنافسية ويجعل من سعر المنتج المحلي الأرخص وبالتالي ينتهي التنافس ومن ثم قد تقل الجودة، وآخر إيجابي قد يحفز المستثمرين ورجال الأعمال لإقامة صناعات محلية حتى في ظل الدعم في ظل السعر المنخفض للمنتج المحلي أمام نظيره المستورد، ومن ثم يشجع صناعات محلية تتم داخل الدولة الليبية.

ويواجه تطبيق المقترح تحديات، أولها أن السلع المستوردة تتعرض لتذبذب في الأسعار؛ لعدم وجود استقرار في العملة الصعبة، مع اتجاه أغلب التجار للسوق الموازية لتوفير العملة الصعبة، بجانب ارتفاعات متكررة في أسعار الشحن من الدول المصدرة لليبيا مثل تركيا، أو من أوروبا؛ ما يمثل عبئاً إضافياً على فاتورة الاستيراد لو أضفنا إليها رسوماً جديدة أو تعريفة جمركية جديدة، بحسب المحلل الليبي.

كما أشار إلى تحدٍّ آخر يتمثل في مشاكل عملية النقل؛ بسبب عدم القدرة على الحصول على الوقود وارتفاع أسعاره مع النقل داخلياً، أو من دول الجوار الأبرز مصر وتونس، مؤكدا أن تلك التحديات ترفع فاتورة الاستيراد على المواطن الذي يعاني من تضخم سلعي، مستبعداً تطبيقه مع الرفض الذي ظهر مع طرحه، من دون نفي لحدوثه لاحقاً.

ويعتقد أن مقترح رفع الرسوم قد يؤثر على الدول المصدرة لليبيا، والتي بطبيعة الحال سترفع من قيمة سلعها؛ مما يتضرر منه البلدان.

لا إنتاج حقيقي

رأى الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة المالية والتخطيط بليبيا سابقاً إدريس الشريف، أنه لا إنتاج حقيقيا في ليبيا يستطيع تقليل الاستيراد ومن ثم لا مبرر اقتصاديا لمثل هذا المقترح حاليا كما أشارت وزارة التجارة الليبية.

وأوضح أنه بمجرد تطبيق المقترح سيزداد الغلاء خاصة، واقتصاد ليبيا يعتمد بصورة كبيرة على استيراد أغلب السلع من الخارج.

كما لفت إلى أن الرسوم من هذه النوع تضاف للتكلفة ويتحملها المواطن، خاصة والقاعدة الاقتصادية واضحة؛ رسوم جديدة تعني في حالة ليبيا زيادة في الأسعار، مستبعداً تطبيقه.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC