ولعل إحدى أهم العقبات التي تعيق حدوث الإصلاحات الاقتصادية، الجمود السياسي الذي يعيق إجراء إصلاحات اقتصادية لمواكبة ومجاراة الدول المجاورة، حيث واجهت الكويت السنوات الأخيرة العديد من الخلافات بين السلطة التنفيذية والبرلمان التي نتج عنها العديد من الاستقالات المتكررة للحكومات وحل مجلس الأمة.
وفي إطار سعي الحكومة الكويتية لاستحداث خطط لتنويع مصادر الدخل، كشف مؤخراً وزير المالية الكويتي فهد الجارلله، أن الحكومة بصدد البدء في إطار تنفيذ المشاريع الواردة في برنامج عمل الحكومة، حيث تتجه لفرض رسوم جديدة مقابل الانتفاع من المرافق والخدمات العامة، مع التأكيد على الجهات الحكومية ذات الصلة في حال تسعير خدماتها وجود الأداة القانونية المناسبة لفرض الرسوم، وفقاً لما نقلته صحف كويتية.
الكويت تتجه إلى فرض رسوم جديدة مقابل الانتفاع من المرافق العامة ضمن إطار تنفيذ المشاريع الواردة في برنامج عمل الحكومة.فهد الجارالله - وزير المالية الكويتي
والهدف من هذه الرسوم المقترحة هو إصلاح الهيكل المالي للحكومة وزيادة إيرادات الدولة في الكويت.
جاء ذلك خلال رده على سؤال برلماني عن وجود أي نية حكومية لفرض أي رسوم جديدة مقابل الخدمات، حيث أرفق الجارالله في جوابه رد الوزارة التي أفادت بأن برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي السابع عشر (2023 – 2027) وضمن المحور الأول (استقرار المالية العامة) قد تضمن برنامج زيادة وتنمية إيرادات الدولة، ويشتمل البرنامج على ثلاثة مشاريع، منها تدشين آلية تسعير للخدمات العامة والرسوم والمخالفات (تطور وتجدد بشكل دوري)، إصدار إطار عام لمراجعة وإعادة تسعير أملاك الدولة العقارية بشكل دوري يراعى أسس العدالة ومعدلات الإنتاجية.
وفي هذا السياق، قال المحلل النفطي الكويتي كامل الحرمي، في تصريحات لإرم الاقتصادية، إنه يؤيد فرض الرسوم الجديدة مقابل حق الانتفاع من الخدمات العامة، مؤكداً أن تلك الآلية يجب أن تكون مطبقة ومفروضة منذ زمن.
وأوضح الحرمي أنه لا يوجد أي دراسات تشير إلى إجمالي الدخل المتوقع الجديد للدولة من رسوم الخدمات، أو نصيبها في تخفيض أو تقليل العجز في ميزانية الدولية، موضحاً أن تطبيقها يتطلب خطة رصينة وموفقة لضمان نجاح الآلية.
لا يزال من المبكر توقع الدخل المتوقع للدولة من رسوم الخدمات وكيفية تأثيرها في سد عجز الميزانية.كامل الحرمي - محلل نفطي
وأضاف أنه يجب تضمين الأراضي والمزارع التي تستعمل لغايات ترفيهية ضمن تلك الآلية، إلى جانب وضع الرسوم لنصب الخيام في الشتاء.
وتابع أنه على الرغم من تطبيق تلك الآلية إلا أن الوضع الاقتصادي الكويتي لا يزال يحتاج للمزيد من الإصلاحات لتحديد بوصلة واضحة يواكب خلالها الدول المجاورة.
وأوضح أن ذلك يتطلب تغييرا شاملا للنهج الحكومي، مؤكداً أن استمرار غياب الرؤية والتوجه والجدية في إدارة البلاد سيبقي الوضع الاقتصادي "سمّاري" وهو مصطلح قديم يعني سفينة تائهة في البحر بدون قبطان.
وقدم خبراء صندوق النقد الدولي في يونيو الماضي، عددا من التوصيات للاقتصاد الكويتي، منها ضبط أوضاع المالية العامة وعلى وجه الخصوص الإنفاق العام والإيرادات غير النفطية إلى جانب الحد من الإنفاق الجاري، وترشيد وتقليص أجور القطاع العام، والتخلص التدريجي من الدعم الكبير للطاقة مع استبدالهم بدعم الدخل المستهدف للأسر محدودة الدخل.
إقرأ أيضاً: خبراء لـ "إرم": تنويع اقتصاد الكويت يواجه تحديات معقدة
كما يرى الخبراء، أن أفضل الطرق لزيادة الإيرادات غير النفطية، فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وفرض الضرائب الانتقائية على التبغ والمشروبات السكرية، وتوسيع ضريبة دخل الشركات بنسبة 15% لتشمل الشركات المحلية.
وتوقع الخبراء تراجع فائض الموازنة العامة للسنة المالية 2023 - 2024، إلى نحو 6.9% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2023، ثم يستمر الانخفاض بشكل ثابت بعد ذلك لتسجيل عجز مالي على المدى المتوسط في السنة المالية 2027 -2028.