تواجه شركات صناعة الساعات السويسرية تحدياً جديداً في السوق الأميركي، الذي يُعد من الأسواق الصاعدة في قطاع الساعات الفاخرة، وذلك بعد قرار الإدارة الأميركية برفع الرسوم الجمركية على واردات الساعات السويسرية من 10% إلى 39%، وهو ما يفوق التقديرات السابقة التي توقعت نسبة 31%.
رغم الصعوبات العالمية، يواصل هواة جمع الساعات في الولايات المتحدة إنفاقهم بسخاء، في وقت تتراجع فيه مبيعات الساعات لدى جنسيات أخرى.
وأعلنت شركة «سواتش»، المالكة لعلامات مثل «أوميغا» و«لونجين»، عن نمو مزدوج الرقم في مبيعاتها بالسوق الأميركي خلال النصف الأول من 2025.
كما ارتفعت مبيعات علامات «ريشمون»، مثل «فاشرون كونستانتين» و«آي دبليو سي شافهاوزن»، بأكثر من 10% لثلاثة أرباع متتالية في المنطقة.
يمثل ارتفاع الرسوم الجمركية ضغوطاً إضافية على المستهلك الأميركي، حيث ارتفاع سعر صرف الفرنك السويسري أمام الدولار بنسبة 11% هذا العام، نتيجة توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة، كما ارتفاع أسعار الذهب بنسبة أكثر من 25%، فيما زيادت أسعار الساعات بنحو 14% مقارنة بعام 2024، كما في حالة «رولكس دايتونا» المصنوعة من الذهب الأصفر.
هذا الواقع دفع الشركات إلى رفع أسعار عدد من طرازاتها لتفادي تآكل هوامش الربح، الناتج عن ارتفاع التكاليف وتقلبات العملات.
يشكل السوق الأميركي حالياً أحد المحركات الأساسية لنمو القطاع، إذ ارتفعت صادرات الساعات السويسرية إلى الولايات المتحدة بمعدل 14% سنوياً منذ 2019، أي نحو ثلاثة أضعاف متوسط النمو العالمي، ويُعزى ذلك جزئياً إلى ارتفاع أسواق الأسهم والعملات الرقمية، بالإضافة إلى إمكانات لم تُستغل بعد في البنية التحتية للبيع بالتجزئة.
وفقًا لبريان دافي، الرئيس التنفيذي لمجموعة «Watches of Switzerland» في حديث لداو جونز، فإن الاستثمارات في قنوات البيع الأميركية تراجعت عقب الأزمة المالية عام 2008، ما أدى إلى انخفاض الإنفاق الفردي على الساعات الفاخرة مقارنةً بالمملكة المتحدة، لكنه يشير إلى أن الفجوة بدأت تضيق مع توسع العلامات في تحديث شبكات التوزيع وتحسين الخدمات.
ما يجعل السوق الأميركي أكثر جاذبية هو أن مقتني الساعات هناك أصغر عمراً بنحو 10 سنوات من المعدل العالمي، بالإضافة إلى نشاط كبير لمجتمعات متخصصة على الإنترنت تهتم بأدق التفاصيل الفنية، وتبحث عن الطرازات النادرة.
وتُظهر بيانات «Watches of Switzerland» أن 45% من مبيعاتها في أميركا تأتي من خبراء وجامعي ساعات، مقارنة بـ 25% فقط في بريطانيا.
الرسوم الجمركية تمثل أحدث التحديات في عقد شهد العديد منها، فعلى الرغم من أن القيمة الإجمالية لصادرات الساعات السويسرية ارتفعت بنسبة 20% منذ 2015، فإن عدد الوحدات المُصدّرة تراجع بنسبة 45%، وهو ما يعكس تحول الصناعة نحو الطرازات الأعلى سعراً.
تُعد الساعات ذات السعر الأقل من 625 دولاراً الأكثر تضرراً، حيث هبطت مبيعاتها بنسبة 60%، لا سيما بعد دخول «أبل ووتش» السوق قبل عشر سنوات.
أما الساعات الفاخرة من علامات مثل «رولكس»، و«باتيك فيليب»، و«أوديمار بيغيه»، فصمدت نسبياً بفضل محدودية المعروض وقوائم الانتظار الطويلة.
مع تباطؤ الطلب الصيني، خاصة بعد حملة بكين عام 2012 ضد هدايا الرفاهية للمسؤولين، أصبحت الولايات المتحدة الوجهة الأولى لصادرات الساعات السويسرية منذ عام 2020، متفوقة على هونغ كونغ.
يتنامى تأثير سوق الساعات المستعملة، حيث بات يشكل ثلث المبيعات العالمية، وهو ما يجعل قرار رفع الأسعار محفوفاً بالمخاطر، فالبيانات التي توفرها المنصات الرقمية المتخصصة تساعد المستهلكين على تقييم استثماراتهم ومعرفة الطرازات التي تحافظ على قيمتها، ومع تراجع أسعار الساعات المستعملة لـ 13 ربعاً متتالياً، تبدو المنافسة أشد على العلامات الأصلية.
وتشير تحليلات «مورغان ستانلي» و«WatchCharts» إلى أن الطلب على الساعات المستعملة بات ينمو بشكل أسرع من الساعات الجديدة، ما يدل على تغير واضح في سلوك المستهلك الباحث عن القيمة مقابل المال.
شهدت أسهم قطاع الساعات تقلبات شديدة، إذ تراجعت قيمة سهم «سواتش» بحوالي 60% منذ إطلاق «أبل ووتش»، وتشكل الرسوم الجديدة سبباً إضافياً لتردد المستثمرين في العودة إلى القطاع.