ترامب ينقلب على الهند.. هل فشل في فتح أسواقها؟

كانت الهند من أولى الدول التي قال الرئيس الأميركي أنه اقترب من «فتحها»، مشيراً إلى اتفاق تجاري وشيك وصفقة ضخمة، إلا أن هذا الامر لم يحدث منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، إذ لا تزال المفاوضات جارية بين الجانبين حتى الآن.

في غضون ذلك هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء أمس الثلاثاء، برفع الرسوم الجمركية على الواردات الهندية بنسبة تصل إلى 25% إذا لم تتمكن الدول المتحالفة من استكمال اتفاقية التجارة التي طال انتظارها.

حتى أسبوعين مضيا أكد الرئيس الأميركي أن فتحاً قريباً للأسواق الهندية يلوح في الأفق مع الحديث عن صفقة ضخمة، إلا أنها لم تحدث وبدلاً منها جاءت صفقة اليابان، في حين أن مفاوضي نيودلهي غادروا واشنطن دون اتفاق.

أصدقائي

خلال مؤتمر صحفي أمس، وعندما سأله أحد المراسلين عمَّ إذا كانت الهند ستدفع رسوماً جمركية تتراوح بين 20% أو 25%، أجاب ترامب: «نعم، أعتقد ذلك 25%، في الهند دائماً أصدقائي».

كما قال الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير في إحاطة صحفية إن اتفاقية التجارة مع الهند ستتطلب المزيد من المناقشات بين البلدين.

قال جرير: «لقد أبدوا اهتماماً كبيرا بفتح أسواقهم، ونحن بالطبع على استعداد لمواصلة الحوار معهم، لكنني أعتقد أننا بحاجة إلى مزيد من المفاوضات مع أصدقائنا الهنود حول هذا الموضوع لنرى مدى طموحاتهم».

أسواق

شدد ترامب في اتفاقيات التجارة الأخيرة على ضرورة فتح الدول أسواقها المغلقة سابقاً أمام السلع الأميركية، لكن لم يُسلِّط أيٌّ من الجانبين الضوء على نقاط خلاف محددة.

كان وزير التجارة الهندي أبدى تفاؤله الأسبوع الماضي بشأن فرصة التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة قبل الموعد النهائي الذي حدده ترامب لنفسه في الأول من أغسطس.

رغم أن ترامب لم يهدد الهند بعد برسالة تحدد تعريفة جمركية جديدة، كما فعل مع أكثر من اثني عشر شريكاً تجاريا آخرين، فقد حدد ترامب التعريفة الجمركية على السلع الهندية المستوردة إلى الولايات المتحدة بنسبة 26% في الثاني من أبريل قبل إيقاف تلك الرسوم المتبادلة.

صعوبة

وصف ترامب العلاقات التجارية الأمريكية مع الهند بأنها صعبة للغاية، وانتقد الهند من باب تضخم عجز الميزان التجاري الأميركي مع الهند، حيث تضاعف خلال العقد الماضي مع نمو التجارة بين البلدين. 

في الوقت ذاته لفت ترامب أكثر من مرة إلى  الرسوم الجمركية المرتفعة التي تفرضها الهند، على واردات السلع الأميركية.

قال ترامب في الـ13 من فبراير، قبل ساعات من لقائه برئيس الوزراء ناريندرا مودي: «إنهم يفرضون رسوماً جمركية أعلى من أي دولة أخرى»، وأشار ترامب لاحقاً أنه قال لمودي عندما التقى به: «أنت لا تعاملنا بشكل جيد».

حواجز

في بيان صحفي أبدى البيت الأبيض اعتراضاً خاصاً على ما يُسمى بالحواجز التجارية غير الجمركية التي تفرضها الهند، بما في ذلك الضرائب على الخدمات الرقمية.

كما انتقدت إدارة ترامب الهند للوائح التقييدية التي تفرضها على الواردات الأجنبية، بما في ذلك ما وصفته بمتطلبات اختبار مُرهقة بشكل فريد.

أرقام

◄ العام الماضي، استوردت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 87 مليار دولار من الهند، وفقاً لبيانات وزارة التجارة.
◄ استوردت الهند بضائع بقيمة 42 مليار دولار من الولايات المتحدة. 
◄ شملت أبرز السلع التي استوردتها الولايات المتحدة من الهند العام الماضي الأدوية، ومعدات الاتصالات، مثل الهواتف الذكية، والملابس.

تأخر

طالما صرح ترامب وإدارته بأن الاتفاق مع الهند على وشك الاكتمال، ففي منتصف مايو، زعم ترامب أن الهند وافقت على إلغاء الرسوم الجمركية على الصادرات الأميركية، وهو ادعاءٌ دحضته الهند على الفور.

قال ترامب في الـ15 من مايو خلال اجتماع مائدة مستديرة مع قادة الأعمال في العاصمة القطرية الدوحة: «الهند هي الأعلى - من بين الدول التي تفرض أعلى تعريفات جمركية في العالم، من الصعب جداً بيع المنتجات للهند، وقد عرضوا علينا صفقةً لا يفرضون فيها علينا أي تعريفات جمركية».

لكن وزير الخارجية الهندي، س. جايشانكار، وصف لاحقاً الإعلان بأنه سابق لأوانه، وقال: «لم يُحسم أي شيء بعد»، واصفاً المفاوضات بين نيودلهي وواشنطن بأنها «معقدة ومتشابكة».

فخ

حذر  خبراء مركز أبحاث «جي تي آر آي» (GTRI) ومقره نيودلهي، في مذكرة من أن الهند يجب أن تتوخى الحذر الشديد في التفاوض على أي اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، بالنظر إلى النهج الحالي لإدارة ترامب.

علاوة على ذلك، لفت خبراء «جي تي آر آي» إلى أن ادعاء ترامب بأن الولايات المتحدة ستحصل على وصول كامل إلى السوق الإندونيسية دون رسوم جمركية، بينما ستواجه الصادرات الإندونيسية رسوماً جمركية بنسبة 19% في الولايات المتحدة، يثير الشكوك. 

فإذا قبلت الهند مثل هذا الترتيب غير المتوازن، فقد تُعرّض قطاعاتها المحلية وخصوصاً الألبان والزراعة للسلع الأميركية المعفاة من الرسوم الجمركية، دون أن تجني سوى القليل من العائدات، وفقا لمذكرة معهد التجارة العالمية.

مكتوب

كما قال خبراء «جي تي آر آي» أن الضمانات الشفهية أو التفاهمات غير الرسمية، خصوصاً تلك المعلنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا تغني عن الالتزامات الرسمية الموثقة.

وأضاف خبراء «جي تي آر آي»: «أي اتفاق سيئ وخصوصاً اتفاق يُلغي التعريفات الجمركية الهندية دون فوائد متبادلة، قد يكون أسوأ من عدم التوصل إلى اتفاق على الإطلاق». 

لذلك، يجب على الهند التفاوض بشفافية، والحذر من نتائج أحادية الجانب، وعدم الرضوخ للضغوط من أجل اتفاقيات سريعة ورمزية تُعرّض مصالحها الاقتصادية طويلة الأجل للخطر، وفقاً لمركز الأبحاث.