logo
اقتصاد

بعد تراجع التضخم عالمياً.. هل انتصرت البنوك المركزية؟

بعد تراجع التضخم عالمياً.. هل انتصرت البنوك المركزية؟
تاريخ النشر:23 نوفمبر 2023, 11:59 ص
قال خبراء اقتصاديون إنه على الرغم من تباطؤ معدلات التضخم في كبرى الاقتصادات العالمية خلال شهر أكتوبر 2023، إلا أنه من الصعب الحديث عن تخفيض أسعار الفائدة في الوقت الحالي، مشيرين إلى أن البنوك المركزية مازالت لم تنتصر على التضخم ولم تصل إلى المعدلات المستهدفة.

واقتربت معدلات التضخم في كبرى الاقتصاديات العالمية من مستهدفات البنوك المركزية خلال شهر أكتوبر الماضي. وقادت البنوك المركزية معركة شرسة لكبح جماح التضخم منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، من خلال رفع أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية.

وتباطأ التضخم في الولايات المتحدة خلال شهر أكتوبر الماضي بأكثر من التوقعات إلى 3.2%على أساس سنوي، مقابل توقعات بأن يسجل مؤشر أسعار المستهلكين 3.3 %، بحسب وزارة العمل الأميركية، وبذلك يقترب التضخم من هدف البنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.

وكان التضخم في الولايات المتحدة قد ارتفع إلى أعلى المستويات في أكثر من 40 عاماً إلى 9.1% في يونيو 2022.

ورفع الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة من مستويات صفر و0.25% إلى 5.25 و5.50% منذ مارس 2022 وحتى الآن، كأعلى مستوى لها منذ 22 عاماً.

مؤشرات إيجابية

في بريطانيا، تباطأ التضخم السنوي لشهر أكتوبر بنسبة 4.6% بما يفوق التوقعات التي كانت تشير إلى تباطؤ بـ 4.8%، وذلك بعد أن سجل 6.7% خلال سبتمبر وأغسطس الماضيين.

وترك بنك إنجلترا في وقت سابق من هذا الشهر سعر الفائدة القياسي دون تغيير عند 5.25% بعد أن أنهى سلسلة من 14 ارتفاعاً متتالياً في سبتمبر الماضي.

وكان التضخم في المملكة المتحدة قد بلغ 11.1% في أكتوبر 2022 وهو أعلى مستوى في 41 عاماً.

في منطقة اليورو، تباطأ التضخم إلى 2.9%، وفق ما أظهرت بيانات المكتب الأوروبي للإحصاءات لشهر أكتوبر، ليصبح معدل التضخم حاليا أقرب إلى هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%.

وكان معدل التضخم في منطقة اليورو قد وصل إلى 10.6% في أكتوبر 2022 مسجلاً أعلى مستوى تاريخياً. وبالنسبة لأسعار الفائدة، فقد أبقاها البنك المركزي الأوروبي دون تغيير عند مستوى 4.50%، لينهي سلسلة من الزيادات استمرت 15 شهراً.

انتصار مرحلي

في هذا الصدد، يقول الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، إن البنوك المركزية الكبرى انتصرت بشكل مرحلي في معركة التضخم، لكن الحديث عن تخفيض أسعار الفائدة مازال بعيدا إلى حد ما.

وبرر أنيس ذلك، خلال تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، ذلك بأن البنوك المركزية تستشهد بمعدلات التضخم الأساسي عند وضع سياستها النقدية، وليس التضخم العام، مشيرا إلى أن التضخم الأساسي هو صاحب الوزن الأثقل عند وضع أسعار الفائدة.

وتابع: "قد يظن البعض أن الفيدرالي الأميركي اقترب من معدلات التضخم المستهدفة بعدما وصلت 3.2% خلال أكتوبر الماضي إلا أن التضخم الأساسي مازال يسجل 4%"، مؤكدا أن لجنة السياسات النقدية تنظر إلى الأخير فقط عند تحديد معدلات الفائدة.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن التخلص من الـ 2% الزيادة في معدلات التضخم عن المستهدف، سيستغرق وقتا أطول مما استغرقه الوصول إلى المعدلات الحالية هبوطا من 9%، موضحا أن هذه الفترة تسمى بـ"التضخم العنيد"، وهي تحتاج إلى سياسة نقدية تشددية لفترة طويلة.

وأوضح أنيس أن هناك سببا آخر لعدم تفكير الفيدرالي في خفض معدلات الفائدة حاليا، وهو هدف الولايات المتحدة في استمرار الدولار كأداة للسيطرة على الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن سماح الفيدرالي بارتفاع معدلات التضخم على معدلات فائدة الدولار لفترة طويلة، سيجعل الدول الأخرى تبحث عن أصول أخرى غير الدولار، وهو ما يفقد العملة الأميركية قيمتها بين الأصول الأخرى.

وتوقع أنيس أن يتجه الفيدرالي الأميركي إلى تخفيض أسعار الفائدة في النصف الثاني من عام 2024، بإجمالي 75 نقطة، قائلا: "بعدما يقترب معدل التضخم الأساسي إلى المعدلات المستهدفة سيتجه الفيدرالي الأميركي إلى تيسير السياسة النقدية ولكن بحذر".

وأشار إلى أن المركزي الأوروبي والمركزي البريطاني سيتجهان إلى نفس السياسة ولكن قد يسبقان الفيدرالي الأميركي بشهر على الأقل، لافتا إلى أن منطقة اليورو لديها القدرة على استيعاب التضخم بشكل أسرع من الولايات المتحدة.

متغيرات وتخوفات

من جانبه، يرى مصطفى شفيع، مدير البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، أنه مازال هناك عدة متغيرات قد تدفع معدلات التضخم إلى الزيادة مرة أخرى، على رأسها أسعار الطاقة والحبوب.

وقال شفيع، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إن التخفيضات المستمرة لإنتاج النفط من قبل دول تحالف أوبك وأوبك+ تزيد من التخوفات لدى البنوك المركزية العالمية، لأنها قد تحمل معها موجة تضخمية أخرى.

ولفت إلى أن الحديث عن تخفيض أسعار الفائدة لن يكون قبل الربع الرابع من 2024، مضيفا: "مازالت تصريحات محافظي البنوك المركزية الكبرى متشددة حتى الآن بخصوص الفترة القليلة المقبلة".

 الرؤية الجيوسياسية

متفقا مع الرؤية السابقة، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن السبب في عدم اتجاه البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة حاليا هوعدم وضوح الرؤية الجيوسياسية، لأنه لا أحد يعلم إلى أي مدى ستصل تداعيات الحرب في غزة والحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف عبده، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أنه لا توجد قواعد ثابتة حاليا لتحديد السياسة النقدية، وكل فترة لها تداعياتها الخاصة، والمؤشرات الحالية تستدعي المزيد من رفع أسعار الفائدة، لكنه قد يكون بوتيرة أقل عن السابق.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC