بعد ضريبة ترامب.. هل تتقلص تحويلات المغتربين إلى الشرق الأوسط؟

تستعد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتداعيات ضريبة جديدة أقرتها الولايات المتحدة على التحويلات المالية، ومن المقرر بدء تطبيقها في يناير المقبل.

ووفقاً لتقرير نشره موقع AGBI، من المتوقع أن تؤثر هذه الضريبة على المبالغ التي تعتمد عليها ملايين الأسر في المنطقة، ممن يتلقون تحويلات من أقارب وأصدقاء مقيمين في الولايات المتحدة.

تأثر التحويلات إلى الدول العربية

تستقبل دول مثل مصر، والأردن، ولبنان، وتونس، والعراق، والسعودية سنوياً تحويلات مالية بعشرات الملايين من الدولارات من الولايات المتحدة، ما يجعلها عرضة لتأثير مباشر من هذه السياسة الجديدة التي وصفها خبراء بأنها ستؤدي إلى تآكل جزء من هذه الأموال.

وتأتي الضريبة الجديدة بموجب قانون «الكبير والجميل» الذي وقّعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً، حيث ستُفرض بنسبة 1% على قيمة كل تحويل نقدي أو حوالة مالية صادرة من الولايات المتحدة إلى الخارج. وتأتي هذه النسبة مخفضة مقارنة بالمقترحات السابقة في مجلس الشيوخ التي كانت تقضي بفرض ضريبة بنسبة 5% ثم 3.5%.

وحذّر خبراء اقتصاد وتنمية من تداعيات هذا الإجراء، مشيرين إلى أنه سيُضعف واحدة من أهم مصادر الدعم المالي للأسر في المنطقة. وأكدت رشا حلوة، وهي اقتصادية عملت مع الحكومة المصرية و«المجلس الأطلسي» (Atlantic Council) في واشنطن، أن التحويلات التي يرسلها المهاجرون تمثل شريان حياة لملايين الأسر، فضلاً عن كونها مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة في الاقتصادات النامية.

الولايات المتحدة في الصدارة.. والسعودية ثانية

تصدّرت الولايات المتحدة قائمة الدول المصدّرة للتحويلات المالية في عام 2024، إذ تجاوزت تحويلات المهاجرين المقيمين فيها 98 مليار دولار، وفقاً للبنك الدولي. وجاءت السعودية في المرتبة الثانية عالمياً من حيث حجم التحويلات الصادرة.

وتشير بيانات بوابة الهجرة لعام 2021 إلى أن التحويلات القادمة من الولايات المتحدة بلغت نحو مليار دولار إلى لبنان، و610 ملايين إلى الأردن، و446 مليوناً إلى تونس، و80 مليوناً إلى العراق، و65 مليوناً إلى السعودية.

تشير حلوة إلى تبعات الضريبة، قائلة: «ضريبة بنسبة 1% على التحويلات من الولايات المتحدة تعني خصم أموال كانت ستُستخدم لملء سلات البقالة في عمان أو دفع فواتير الكهرباء في تونس».

وأضافت: «تأتي هذه الضريبة في وقت تواجه فيه العديد من اقتصادات المنطقة ضغوطاً مالية ما بعد الجائحة، وارتفاعاً في أسعار الغذاء، وفي بعض الحالات تقليصاً في حجم المساعدات الخارجية».

ومن المتوقع أن يتجاوز أثر الضريبة مستوى الإنفاق الأسري، ليطال احتياطيات الدول من العملات الصعبة، والتي تُستخدم في تمويل الواردات وسداد الالتزامات الخارجية.

تقديرات الخسائر

قدّر «مركز التنمية العالمية» (Center for Global Development) في واشنطن حجم الخسائر المحتملة التي قد تتكبدها دول المنطقة نتيجة الضريبة الجديدة، مستنداً إلى بيانات البنك الدولي ودراسات تتعلق بتكاليف التحويلات المالية.

وأشار المركز إلى أن التحويلات إلى الأردن قد تنخفض بنحو 18 مليون دولار سنوياً، في حين قد تتجاوز خسائر مصر 54 مليون دولار. وتشمل هذه التقديرات كلاً من العبء الضريبي المباشر والانخفاض المتوقع في حجم التحويلات نتيجة ارتفاع التكاليف.

ستضاف هذه الضريبة إلى الرسوم التي تفرضها شركات التحويل مثل «ويسترن يونيون» (Western Union) و«موني غرام» (MoneyGram). وتوضح كارمن ليون-هيميلستين، الباحثة في معهد «او دي اي غلوبال» (ODI Global) في لندن، أن هذه الرسوم تختلف بين الدول بحسب مستوى المنافسة وتعقيد العمليات.

فعلى سبيل المثال، تتراوح رسوم التحويل إلى الأردن ومصر حول 7%، وهي أعلى من النسبة القياسية البالغة 5% لمسارات التحويل التقليدية مثل بين الولايات المتحدة والمكسيك أو بين السعودية ومصر. أما رسوم التحويل إلى لبنان أو سوريا فقد تصل إلى 13 أو 14%.

وحذرت ليون-هيميلستين من احتمال زيادة شركات التحويل لهذه الرسوم لتعويض التكاليف الإضافية للامتثال للضريبة الأميركية. وأضافت: «الشركات تتساءل عما إذا كانت هذه الضريبة ستزيد من تكاليفها أكثر مما ستجنيه الولايات المتحدة، والتي من المتوقع أن لا تكون كبيرة».