بعد الزلزال.. الليرة التركية أمام منعطف تاريخي

الليرة التركية
الليرة التركيةرويترز

بعد تراجعات تاريخية لواحدة من عملات الأسواق الناشئة التي كانت قوية، يبدو أن الطريق بات ممهدًا لليرة التركية لتسجيل مستويات تاريخية جديدة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع في مايو المقبل.

وفي غضون ذلك وقعت الليرة التركية ما بين نموذج اقتصادي يدعو إليه الرئيس رجب طيب أردوغان حيث أسعار الفائدة المنخفضة على النقيض من توجهات كافة البنوك المركزية حول العالم، وفي الجهة المقابلة تأتي البيانات الاقتصادية التي تكشف مدى تأثر عملة بلاد الأناضول بارتفاع التضخم إلى معدلات قياسية بلغت أعلى مستوياتها في ربع قرن.

اقرأ أيضًا

مكاسب عنيفة.. الذهب يقتات على هبوط الدولار وانهيار البنوك


ورغم التحسن الأخير الذي طرأ على المؤشر الأبرز حاليًا، وهو التضخم، إلا أن خبراء ومحللين أرجعوا التباطؤ في مؤشر أسعار المستهلكيين إلى انقضاء عام مالي كامل على طفرة الأسعار، وهو ما أدى لتلاشي فجوة سنة المقارنة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية حذرت بنوك استثمار عالمية من اندلاع موجة خسائر جديدة لليرة التركية ربما تدفعها لتجاوز مستويات الـ 20 ليرة للدولار.

اقرأ أيضًا

تركيا تسجل عجزاً غير مسبوق.. والليرة بأدنى سعر

تحذير غولدمان ساكس.. مزيد من الهبوط

وفي مطلع مارس، حذر بنك غولدمان ساكس من احتمال اضطراب سوق الصرف الأجنبي في الفترة التي تسبق الانتخابات التركية وذلك في أعقاب سنوات من نضوب احتياطي العملة وإجراءات أخرى مكلفة.

وقال غولدمان ساكس إن المشاكل قد تتفجر إذا انتاب المدخرون والشركات القلق من أن التحول إلى سياسات اقتصادية تقليدية بشكل أكبر في ظل حكومة جديدة قد يغذي اضطرابات في سوق العملات الأجنبية على المدى القصير.

وأضاف غولدمان ساكس في مذكرة بحثية أن الضبابية الحالية في السوق تشكل مخاطر كبيرة، من وجهة نظر محللي البنك.

مقايضات العملات الأجنبية

وبحسب محللي غولدمان ساكس يمكن للسلطات أن تعرض على البنوك المحلية مقايضات للعملات الأجنبية وتحاول طمأنة من لديهم أموال مودعة في الحسابات المصرفية المحمية من تقلبات أسعار الصرف، والتي استحدثت في عام 2021 لوقف هبوط الليرة في ذلك العام، لكن هذه الإجراءات قد لا تنجح.

وقال محللو غولدمان ساكس: "بالنظر إلى الطبيعة قصيرة الأمد للأدوات، فمن المستبعد أن يكون الوقت في صالح السلطات.. ومن ثم نعتقد أنه ستكون هناك حاجة إلى حلول مؤقتة جديدة".

اقرأ أيضًا

تغريدات المليارديرات.. الفيدرالي سيلجأ إلى هذا لاستعادة الثقة

انخفاض جديد ونضوب الاحتياطي

وقال المحللون الاستراتيجيون في غولدمان ساكس: "إذا استمرت المشاكل فسوف تنخفض الليرة خاصة في ظل النضوب الحاد لاحتياطيات العملة التركية في السنوات القليلة الماضية".

ويقدر بنك غولدمان ساكس أنه بمجرد إخراج الأصول غير السائلة مثل الذهب وخطوط التبادل الثنائية للعملات وحقوق السحب الخاصة التابعة لصندوق النقد الدولي من المعادلة، فإن احتياطيات تركيا ستصل إلى 42 مليار دولار فقط بعد الزلزال المدمر الذي تعرضت له الشهر الماضي.

ويقارن ذلك بمركز مجمع قصير الأجل للعملات الأجنبية، أو انكشاف للبنك المركزي والخزانة بقيمة 260 مليار دولار، وقد نما ذلك بمقدار 206 مليارات دولار منذ منتصف عام 2018 فيما يرجع بشكل رئيسي إلى الودائع المحمية والمبادلات التي أجريت مع البنوك المحلية.

وقال غولدمان ساكس: "سينطوي الأمر على مخاطر سيولة كبيرة إذا اضطربت هاتان السوقان.. مضيفًا "أن العودة إلى سياسات اقتصادية تقليدية بشكل أكبر سيكون على الأرجح مفيدا لتركيا على المدى الطويل".

اقرأ أيضًا

سيليكون فالي.. الانهيار من الألف للياء

التضخم والزلزال

قدر البنك الدولي قيمة الأضرار المادية المباشرة الناتجة عن الزلزال الكبير في تركيا بنحو 34.2 مليار دولار، لكنه أشار إلى أن إجمالي تكاليف إعادة الإعمار والتعافي التي تواجهها البلاد قد يكون مثلي ذلك.

وتتوقع مجموعات أعمال وخبراء اقتصاديون أن الزلزال قد يكلف أنقرة ما يصل إلى 100 مليار دولار لإعادة بناء المساكن والبنية التحتية المتضررة ويقلص النمو الاقتصادي هذا العام بواقع نقطة مئوية أو اثنتين.

وتوقعت المجموعة أن الزلزال المدمر في تركيا سيبقي على معدلات التضخم فوق 40% خلال الفترة السابقة للانتخابات المقررة في يونيو وسيجعل من الضروري إقرار ميزانية إضافية، ويمكن للتضخم الآن أن يصل إلى نطاق 40-50%.

ماذا عن الليرة الآن؟

وفي غضون ذلك تم مشاهدة الليرة التركية وفقًا للتعاملات الفورية، اليوم الاثنين، عند أدنى مستوياتها على الإطلاق حيث تجاوزت حاجز الـ 19 ليرة للدولار.

وسجل زوج USD/TRY - دولار أمريكي ليرة تركية مستويات 19.07 ليرة دولار بتراجع في حدود 0.35% قبل أن يقلص جانبًا من خسائره حيث يحوم الآن قرب مستويات الـ 19 ليرة للدولار.

اقرأ أيضًا

غولدمان ساكس: تحول مفاجئ.. الفيدرالي أصبح مجبرًا على هذا

خسائر قياسية.. الأدنى على الإطلاق

ومنذ بداية العام، انخفضت الليرة التركية في حدود 1.6% نزولا من مستويات 18.69 ليرة للدولار إلى المستويات الحالية دون الـ 19 ليرة للدولار.

وخلال العام الماضي 2022 انخفضت الليرة التركية من مستويات 13.3 ليرة للدولار إلى مستويات 18.69 ليرة للدولار بتراجع بلغت نسبته 41%.

بينما انخفضت الليرة التركية من مستويات قرب الـ 8.3 ليرة للدولار في سبتمبر 2021 حينما بدأ المركزي التركي دورة التيسير النقدي نزولا إلى مستويات 13.3 ليرة للدولار بتراجع 60%.

وإجمالا ومنذ سبتمبر 2021 وحتى تعاملات اليوم الخميس انخفضت الليرة التركية مقابل الدولار في حدود 130% نزولا من مستويات 8.3 ليرة للدولار إلى مستويات الـ 19 ليرة للدولار.

اقرأ أيضًا

الماراثون بدأ.. بيتكوين تقفز 10% والسوق يربح 80 مليار دولار

الفائدة.. والنموذج الجديد

وبينما كان المركزيون يحاربون التضخم القياسي الذي بلغ معدلات غير مسبوقة في العديد من الاقتصادات الكبرى، رفع المركزي التركي راية التيسير النقدي.

وكان الرئيس التركي تعهد مرارًا بخفض الفائدة دون الرقمين قبل نهاية العام الجاري 2022، وخلال رحلة الخفض تم تغيير 3 محافظين للمركزي التركي.

وبعد تثبيت على مدار شهرين عاد المركزي التركي إلى سياسة التيسير غير المسبوقة والتي تخالف توجهات معظم البنوك المركزية حول العالم في ظل ارتفاع معدلات التضخم.

وقرر المركزي التركي خلال اجتماعه الأخير يوم 23 فبراير الماضي خفض أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس نزولًا إلى مستويات 8.5%، بعدما استقرت خلال يناير وديسمبر عند مستويات 9%.

ومنذ سبتمبر 2021 قام المركزي التركي بخفض أسعار الفائدة في حدود 1000 نقطة أساس بواقع 500 نقطة في الفترة من سبتمبر وحتى ديسمبر 2021 لتنخفض من 19% إلى 14% في ديسمبر 2021.

وخلال عام 2022 قام المركزي التركي بخفض أسعار الفائدة بواقع 500 نقطة أساس أخرى لتنخفض معدلات الفائدة من 14% إلى 9% وفقًا لتعهدات الرئيس رجب طيب أردوغان.

اقرأ أيضًا

واشنطن: لن نكرر ما حدث منذ 15 عاما.. انهيار الدومينو غير وارد

التضخم .. ووعد أردوغان

أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن التضخم الذي وصل أعلى مستوياته خلال ربع قرن من الزمان في طريقه إلى التراجع نحو مستويات قرب الـ 40% خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وفي غضون ذلك أعلن المركزي التركي 3 مارس الجاري تباطؤ معدل التضخم السنوي في تركيا، خلال فبراير الماضي، للشهر الرابع على التوالي.

وسجلت معدلات التضخم في تركيا 55.18%، والتي جاءت أقل من التوقعات البالغة 55.5%،وأقل أقل من مستويات يناير البالغ 57.68%.

وعلى أساس شهري تراجع إلى 3.15%، أقل من توقعات الخبراء البالغة 3.35%، خاصة بعدما سجل في يناير مستويات الـ 6.65%.

وقبل 4 أشهر ارتفع معد التضخم في تركيا غلى اعلى مستوياته منذ أكثر من 24 عام حينما تجاوز مستويات الـ 85%.

وكان البنك المركزي التركي قد خفض سعر الفائدة الرئيسي 50 نقطة أساس إلى 8.5%الأسبوع الماضي كما كان متوقعا.

اقرأ أيضًا

عاصفة سيليكون تضرب النفط.. هبط 5% لقاع ثلاثة أشهر

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com