تحليل إخباري
تحليل إخباريأحد الميادين المصرية- رويترز

مصر تنتظر الإشارة الثالثة.. لماذا تأخرت؟

النظرة المستقبلية تحولت من سلبية إلى إيجابية
تلقى الاقتصاد المصري الإشارة الخضراء من ثاني مؤسسات التصنيف الدولية الكبرى، لتنضم "ستاندرد آند بورز" إلى "موديز"، بينما لا تزال ثالث وكالات التصنيف الكبرى تراقب الأوضاع في مصر عقب حزمة من القرارات الاقتصادية الحاسمة.

ومنذ ساعات، رفعت وكالة ستاندرد آند بورز توقعاتها لاقتصاد أكبر بلد عربي من حيث السكان بفضل برنامج الدعم الخارجي القوي وتأكيد تصنيفها عند B-/B ومنحت مصر رؤية مستقبلية إيجابية، وذلك قبل موعد المراجعة الدورية المقرر في أبريل.

وكانت ستاندرد آند بورز قد خفضت تصنيف مصر الائتماني السيادي طويل الأجل إلى "-B" من "B" مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة حينها إلى تزايد ضغوط التمويل على البلاد.

وقبل أكثر من أسبوع أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تعديل نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر إلى "إيجابية" من سلبية وقالت الوكالة في بيان حينذاك: "إنها أبقت على التصنيف الائتماني لمصر عند (Caa1)".

اقرأ أيضًا- أصبح مليارديرا.. من استثمر 1000 دولار في بيتكوين عام 2010
التدفقات النقدية الضخمة التي شهدتها مصر وخفض سعر صرف العملة ورفع أسعار الفائدة كل ذلك ليس كافيا لتعديل التصنيف الائتماني للبلاد
توبي أيلز- فيتش
ماذا حدث؟

يأتي قرارات وكالات التصنيف الائتماني بعد قرار البنك المركزي المصري في اجتماع استثنائي بالسماح بتحديد سعر صرف الجنيه وفقا لآليات السوق، وتطبيق زيادة قوية على أسعار الفائدة بنحو 6% دفعة واحدة.

ووصل سعرا الإيداع والاقراض لمدة ليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية إلى 27.25%، 28.25% و27.75% على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.

وقال البنك المركزي حينذاك: "إن توحيد سعر الصرف يأتي في إطار حرصه على تحقيق الدور المنوط به بحماية متطلبات التنمية المستدامة والمساهمة في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي".

اقرأ أيضًا- الذهب يتقهقر.. هل تبدد حلم الـ 2500 دولار؟
ليس كافيًا

قال رئيس قطاع الصناديق السيادية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة فيتش في الأسبوع الماضي: "إن التدفقات النقدية الضخمة التي شهدتها مصر وخفض سعر صرف العملة ورفع أسعار الفائدة كل ذلك ليس كافيا لتعديل التصنيف الائتماني للبلاد".

وقال توبي أيلز، رئيس قطاع الصناديق السيادية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة فيتش للتصنيف الائتماني: "إن هذه التطورات تدخل بالفعل في التصنيف ونظرته المستقبلية المستقرة".

وخفضت وكالة فيتش تصنيف مصر إلى (‭‭B-‬‬) في نوفمبر الماضي مع نظرة مستقبلية مستقرة.

السؤال هو ما إذا كانت نقاط الضعف ستعود للظهور مرة أخرى؟
توبي أيلز- فيتش

شروط فيتش

وقال أيلز: "للتفكير في تصنيف إيجابي للاقتصاد المصري، كان الحد من نقاط الضعف الخارجية أحد الأشياء التي حددناها". وأضاف: "أعتقد أن ذلك تحقق على المدى القريب، السؤال هو ما إذا كانت نقاط الضعف ستعود للظهور مرة أخرى".

ولفت أيلز إلى أنه من المقرر أن تراجع "فيتش" التصنيف الائتماني لمصر في مايو، ويرجح أن يكون من السابق لأوانه تحديد مسار المالية العامة بحلول هذا الوقت.

وقال أيلز: "إن تخفيض سعر صرف الجنيه سيكون له تأثير قوي للغاية على التحويلات التي تعد المصدر الأكثر أهمية للنقد الأجنبي في مصر، والتي بلغ متوسطها نحو 30 مليار دولار سنويا بين عامي 2020 و2022".

وأضاف أيلز: "إذا لم يتم السماح لسعر الصرف بالتحرك بمرونة، وإذا ظل التضخم مرتفعا، فإن مكاسب الأسابيع القليلة الماضية يمكن أن تتآكل سريعاً كما حدث بعد تخفيض سعر صرف العملة في 2016".

يشير البعض إلى وجود تعويم بالفعل، ومن الواضح أن ذلك سيكون إيجابيا
توبي أيلز- فيتش
امتصاص الصدمات

وقال أيلز: "يشير البعض إلى وجود تعويم بالفعل، ومن الواضح أن ذلك سيكون إيجابيا، لأنه يعني وجود القدرة على امتصاص الصدمات، والتي لم تكن موجودة من قبل".

وأشار أيلز أيضا إلى أن مسار الدين في مصر أصبح "قاسيا للغاية" إذ تقترب قيمة مدفوعات الفائدة نسبة إلى الإيرادات الحكومية من 50%، كما تقترب نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 100%.

وأوضح أيلز أن السيطرة على التضخم، الذي تجاوز 35% في فبراير، قد تسمح بخفض أسعار الفائدة وتكلفة الديون.

اقرأ أيضًا- الدولار يُكشر عن أنيابه مع بدء اجتماع الفيدرالي
تحذير من العودة

وقالت ستاندرد آند بورز في تقرير صدر منذ ساعات، إن "التوقعات الإيجابية لمصر تعكس احتمال زيادة التحسن في وضعها الخارجي وتراجع نقص العملة الصعبة، وإن تحرير سوق الصرف سيساعد في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي لمصر".

وحذرت ستاندرد آند بورز من أنها قد تضطر إلى مراجعة التوقعات مرة أخرى إلى مستقرة إذا تعثرت الحكومة في التزامات إصلاح الاقتصاد الكلي، بما في ذلك مرونة سعر الصرف، وإذا عادت الاختلالات الاقتصادية مثل نقص العملات الأجنبية إلى الظهور مرة أخرى.

ولفتت الوكالة إلى أن ذلك يشمل أيضاً عدم تراجع تكاليف الفائدة المرتفعة التي تتحملها الحكومة، مما يزيد من مخاطر تبادل الديون المتعثرة، وترى الوكالة أن الارتفاع الشديد لخدمة ديون الحكومة المصرية عامل ضعف رئيسي بالنسبة لتصنيفها.

مسار الدين في مصر أصبح "قاسيا للغاية" إذ تقترب قيمة مدفوعات الفائدة نسبة إلى الإيرادات الحكومية من 50%
توبي أيلز- فيتش
تلميح ستاندرد

وقبل أيام لمّحت الوكالة إلى أن خيار تعديل التصنيف الائتماني لمصر ليس بالأمر المستبعد من جانبها، خاصة بعد التطورات الأخيرة التي طرأت على البلاد من الناحية الاقتصادية وهو الأمر الذي دفع موديز إلى تعديل تصنيف مصر الائتماني في الأسبوع الماضي.

وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال" للتصنيف الائتماني: "إنها متفائلة بتدفق الدعم المالي الذي حصلت عليه مصر في الأسبوعين الماضيين، الذي تضمن استثمارا إماراتيا بقيمة 35 مليار دولار لتطوير شبه جزيرة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط ​​وصفقة بثمانية مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي".

وأكدت وكالة موديز تصنيفها CAA1 لكنها غيرت نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية مستندة إلى الدعم الرسمي والثنائي الكبير.

اقرأ أيضًا- مأزق المركزي التركي.. التضخم والفائدة والليرة والنمو
غير متوقع

وقال تريفور كولينان، مدير التصنيفات السيادية في وكالة ستاندرد آند بورز في الأسبوع الماضي: "توقعنا اقتراب تعديل سعر الصرف وأن صندوق النقد الدولي سيمضي قدما في برنامجه الحالي، وربما يوسعه".

وأضاف مدير التصنيفات السيادية في وكالة ستاندرد آند بورز في دبي: "ما لم نتوقعه هو تدفق (قيمة اتفاق) رأس الحكمة بالكامل من شركة القابضة، وهو رقم كبير بوضوح حقا في إشارة إلى الصفقة التي بلغت قيمتها 35 مليار دولار".

وخفضت ستاندرد آند بورز في أكتوبر الماضي التصنيف الائتماني لمصر إلى B- مع نظرة مستقبلية مستقرة وهو وضع يشير عادة إلى أن التغيير في اتجاه تصنيفها ليس واردا.

إذا لم يتم السماح لسعر الصرف بالتحرك بمرونة، وإذا ظل التضخم مرتفعا، فإن مكاسب الأسابيع القليلة الماضية يمكن أن تتآكل سريعا
توبي أيلز- فيتش
رؤية موديز

ومنذ أكثر من أسبوع عدّلت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية من سلبية، كما أكدت تصنيفها الائتماني للديون السيادية بالعملتين الأجنبية والمحلية على المدى الطويل عند (Caa1).

وقالت موديز في بيان حينذاك: "إن التغيير يعكس الدعم الكبير الذي تم الإعلان عنه والخطوات الملحوظة التي تم اتخاذها على صعيد السياسة النقدية خلال الأسبوع الماضي"

ولفتت موديز إلى أن مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر الكبيرة جداً المقدمة من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة ستعزز احتياطيات اقتصاد البلاد من النقد الأجنبي بشكل كبير لتغطية فجوة التمويل الخارجي حتى السنة المالية المنتهية في يونيو 2026.

اقرأ أيضًا- النفط لا يبالي بملء خزانات واشنطن

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com