بارونز
بارونزداو جونز

الطلب اليومي على وقود السيارات في أميركا يتراجع.. ما السبب؟

على الرغم من تلاشي وباء كوفيد، وعودة الحياة إلى طبيعتها، وعودة نشاط السفر في أميركا، إلا أن التغييرات في المجتمع، والمبيعات المتزايدة للسيارات الكهربائية والهجينة أدت إلى تراجع استخدام الأميركيين لوقود السيارات مقارنة بمستويات ما قبل الوباء.

وبلغ استخدام الأميركيين اليومي من وقود السيارات 8.8 ملايين برميل في عام 2022، مقارنة بـ 9.3 ملايين برميل في عام 2019، وفقا لذراع الأبحاث في وزارة الطاقة الأميركية "إدارة معلومات الطاقة".

وحتى خلال العام الجاري، استمر الطلب في الانخفاض، حيث انخفض بنسبة 1% عن مستويات العام الماضي، خلال الأسابيع الأربعة الماضية، ويرى المحللون فرصاً ضعيفة في ارتداده إلى مستوياته المرتفعة السابقة.

عوامل التراجع

ويرى المحللون وقوف عدة عوامل وراء هذا التحول في السلوك الاستهلاكي للأميركيين، ومن الواضح أن العمل من المنزل هو أحد هذه العوامل، فعلى الرغم من أنه تراجع منذ عام 2020، لكن لا يزال الأشخاص الذين يذهبون إلى المكاتب يوميا أقل مما كانت عليه في عام 2019.

وكان لدى أكثر من نصف الأميركيين خيار العمل من المنزل مرة واحدة على الأقل أسبوعيا اعتبارا من العام الماضي، كما يمكن لـ 35% من القوى العاملة القيام بذلك خمسة أيام في الأسبوع وفقا لاستطلاع أجرته شركة ماكينزي.

ويقول الرئيس العالمي لتحليل الطاقة في أوبيس، توم كلوزا، إنه "خلال العام الماضي كان التنبؤ بأن المزيد قد سئموا من العمل من المنزل وسيعودون للمكاتب خاطئ".

وأضاف: "أعتقد أنهم لم يرغبو بذلك عندما ارتفعت أسعار الغاز إلى 5 دولارات للغالون".

وعلى الرغم من ذلك قد لا يفسر ارتفاع الأسعار على أنه سبب الرئيسي وراء الانخفاض، فلو كان كذلك فإن الانخفاض الأخير في الأسعار عند 3.40 دولار للغالون كان سيؤدي إلى انتعاش كامل في الطلب.

وفي سياق متصل، تقدر رئيسة أبحاث السلع العالمية في جي بي مورغان، ناتاشا كانيفا، أن الأسعار المرتفعة شكلت 45% من تراجع الطلب العام الماضي، بينما شكل العمل من المنزل 34%، والتحول نحو السيارات الكهربائية والهجينة يمثل 19%.

وأشارت كانيفا، في تقرير حديث، إلى أن الأمريكيين سافروا أميالا في عام 2022 أكثر مما سافروا في عام 2021 لكنهم ما زالوا يستخدمون كميات أقل من البنزين.

وبحلول سبتمبر 2022، بلغ متوسط أسعار البنزين 3.70 دولار وكان الأمريكيون يسافرون أكثر مما كانوا يسافرون قبل الوباء- لكن الطلب على البنزين لم يقترب من مستوياته المرتفعة السابقة.

وتتوقع كانيفا انتعاشا طفيفا للطلب في وقت لاحق من هذا العام، وترى أن الطلب سيصل إلى 8.88 مليون برميل يوميا، ارتفاعا من 8.83 مليون برميل في اليوم خلال العام الماضي.

وخلال عام 2024، تتوقع كانيفا أن يصل الرقم إلى 8.95 مليون برميل يوميا، وفي نفس الوقت ترى فرصة ضئيلة في عودة الطلب إلى الذروة الشهرية البالغة 9.85 مليون برميل التي تم تسجيلها في أغسطس 2019، أو إلى الذروة السنوية البالغة 9.3 مليون برميل يوميا التي تم تسجيلها في عام 2018.

وفي حال حقق صانعو السيارات الكهربائية أهدافهم لإنتاج السيارات، فمن المرجح أن ينخفض الطلب على البنزين إلى 7.4 مليون برميل يوميا بحلول 2030، بانخفاض 16% عن عام 2022 وفقا لكانيفا.

السيارات الكهربائية

سجلت السيارات الكهربائية المباعة في الولايات المتحدة العام الماضي 6% من حصة السوق، وحوالي 1% من المركبات الحالية على الطريق أصبحت كهربائية.

كما أدت معايير كفاءة المركبات إلى استبعاد الطلب على البنزين، ومن المتوقع أن تصبح أكثر صرامة في السنوات القادمة، ومن المقرر أن ترتفع معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود في أميركا، إلى 49 ميلا للغالون الواحد بحلول عام 2026.

وسيحصل الأشخاص الذين يشترون سيارات جديدة في عام 2026 على 33% ميلا إضافيا للغالون في المتوسط مقارنة بطراز 2021.

استمرار النمو العالمي

وحتى مع انخفاض الطلب على البنزين في الولايات المتحدة، إلا أن الطلب العالمي استمر في النمو، مما أعطى مصافي التكرير الأميركية أسواقا جديدة لمنتجاتها.

وشحنت المصافي الأميركية كمية قياسية من البنزين بلغت 877 ألف برميل يوميا لخارج الولايات المتحدة في عام 2022، وفقا لأحدث التقديرات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة، وهو معدل يمثل ضعف ما كانت عليه قبل عقد.

وعلى الرغم من ذلك قد لا يستمر هذا المعدل إلى الأبد، حيث ينمو استخدام السيارات الكهربائية بشكل أسرع خارج الولايات المتحدة.

واستحوذت المركبات الكهربائية على 14% من حصة السوق للمركبات الخفيفة في جميع أنحاء العالم في 2022، وفقا للمحلل الاقتصادي "في ريموند"، جيمس بافيل مولشانوف.

وفي الصين، شكلت المركبات الكهربائية 30% من حصة السوق. وكان قد قدر في البداية أنه سيتم بيع 9.3 ملايين مركبة كهربائية في عام 2022، إلا أن المبيعات الفعلية كانت حوالي 10.1 ملايين سيارة.

ويقدر مولتشانوف أن زيادة الاعتماد على السيارات الكهربائية، قد قلص بالفعل الطلب العالمي اليومي على النفط بمقدار 1.5 مليون برميل، وسيقلل الطلب العالمي بمقدار 2.6 مليون برميل بحلول 2025، و7.4 ملايين برميل بحلول 2030.

الطلب العالمي

ويتم استخدام حوالي 25 مليون برميل من البنزين يوميا في جميع أنحاء العالم اليوم. ومع ذلك، فإن تحديد اتجاه الطلب العالمي على البنزين ليس بهذه البساطة فحتى في الوقت الذي تخفض فيه السيارات الكهربائية الطلب هناك عوامل أخرى تؤدي إلى ارتفاعه.

وفي أجزاء أخرى من العالم مثل الهند، سيؤدي النمو السكاني، وزيادة مبيعات السيارات الإجمالية بما في ذلك سيارات الوقود والكهرباء إلى استمرار الطلب العالمي.

وقدرت كانيفا العام الماضي، أن الطلب العالمي على البنزين قد يصل إلى ذروة الانخفاض بحلول عام 2025. عندما يبدأ الحجم الهائل لسوق السيارات الكهربائية في إحداث تأثير أكبر.

وبخلاف وقود السيارات، لا يوجد أي إشارات على أن النفط سيتلاشى في وقت قريب، ويبلغ إجمالي الطلب العالمي على النفط يوميا حوالي 100 مليون برميل.

ويزداد الاستخدام في أنواع معينة من المنتجات النفطية، كوقود الطائرات، لذا حتى إذا انخفض الطلب على البنزين والديزل بسبب اعتماد السيارات الكهربائية، فهناك فرصة جيدة لاستمرار الطلب الإجمالي على النفط في الارتفاع.

وكتبت كانيفا، العام الماضي، أن البنزين من المرجح أن يكون المنتج النفطي الوحيد الذي سيشهد انخفاضا في الطلب العالمي بين عامي 2019 و2030.

ويتوقع العديد من المحللين ارتفاع الطلب على النفط لعدة سنوات، قبل أن يستقل بحلول عام 2030.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com