logo
طاقة

كيف أصبحت الصين مصدراً لتكنولوجيا الطاقة في الولايات المتحدة؟

كيف أصبحت الصين مصدراً لتكنولوجيا الطاقة في الولايات المتحدة؟
تصنيع الألواح الكهروضوئية في ورشة تابعة لشركة «ترينا سولار»، مقاطعة جيانغسو، الصين، 20 يونيو 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:13 نوفمبر 2024, 02:52 م

لعدة سنوات، أعرب المسؤولون الأميركيون عن استيائهم من قيام الشركات الصينية بنسخ التكنولوجيا الأميركية لتطوير صناعاتها الخاصة، في ممارسة تُعرف بـ«نقل التكنولوجيا».

ففي قطاعات مثل صناعة السيارات، فرضت بكين على الشركات الأميركية إنشاء شراكات مع نظيرتها الصينية، مما أسهم في دعم صناعة السيارات المحلية في الصين.

أما الآن، توجد دلائل على أن عملية النقل تسير في الاتجاه المعاكس. ففي تحول ملحوظ في الصناعة، أعلنت شركة «ترينا سولار» الصينية الرائدة في مجال الطاقة الشمسية عن اتفاقها على بيع مصنعها لإنتاج الوحدات الشمسية في تكساس لشركة «فريير باتري» الأميركية.

وبحسب تقرير نشرته مجلة «بارونز»، تمثل هذه الصفقة تحولاً في اتجاه نقل التكنولوجيا بين البلدين، إذ ستتيح لشركة «فريير» الأميركية الاستفادة من ريادة الصين في تكنولوجيا الطاقة الشمسية. ومن المتوقع أن يبدأ مصنع تكساس تلبية حوالي 10% من الطلب الأميركي على الطاقة الشمسية، أي ما يعادل إنتاج 5 غيغاواط سنوياً.

وقال المدير المالي لشركة «فريير» إيفان كايو: «من خلال استحواذنا على منشأة «ترينا» في تكساس، نفتح الطريق لنقل التكنولوجيا المتقدمة إلى الولايات المتحدة، وبناء قوة عاملة أميركية ماهرة في مجال الطاقة الشمسية».

وأوضح التقرير أن هذه الصفقة تحمل مفارقة مالية، حيث شحنت شركة «ترينا سولار»، الرائدة عالمياً في تكنولوجيا الطاقة الشمسية، 65 جيجاوات من الألواح الشمسية في العام 2023، في حين لم يكن لدى شركة «فريير» أي إنتاج أو إيرادات.

وكانت شركة «فريير» قد بدأت تخصصها في إنتاج البطاريات قبل أن تتحول إلى تصنيع الطاقة الشمسية هذا العام وتنقل مقرها الرئيس من أوروبا إلى الولايات المتحدة.

رغم التعقيدات المالية، إلا أن الصفقة تتماشى مع التوجهات السياسية في ظل التدقيق الأميركي المتزايد على تدخل الصين في الصناعات الإستراتيجية. وأشار الرئيس التنفيذي لشركة «فريير»، دان بارسيلو، إلى أن امتلاك الأصول من قبل شركة أميركية «يمنحنا السيطرة عليها بما يتماشى مع المصالح السياسية الأميركية، ويفتح المجال للمستثمرين الأميركيين».

وفي بيان لها، أوضحت شركة «ترينا سولار»، التي تم شطبها من بورصة نيويورك في العام 2017، وتعمل، الآن، في الصين، أنها ترى في الشراكة مع «فريير» فرصة لتعزيز وجودها في السوق الأميركية.

تتضمن الشروط المالية للاتفاقية دفع مبلغ 100 مليون دولار نقداً، و150 مليون دولار في سندات مفضلة، إضافة إلى حصة تبلغ 19.08٪ في «فريير»، وذلك بانتظار الحصول على الموافقات التنظيمية. وتتوقع «فريير» أن يحقق المصنع أرباحاً معدلة تتراوح بين 75 و125 مليون دولار خلال السنة الأولى من التشغيل.

وفقاً للتقرير، تأتي هذه الصفقة في وقت تسعى فيه صناعة الطاقة الشمسية الأميركية إلى استعادة مكانتها التي فقدتها لصالح الصين، التي تهيمن، حالياً، على 80٪ من السوق العالمية للوحدات الشمسية. في المقابل، لم تمثل الولايات المتحدة سوى 5٪ من إنتاج الوحدات الشمسية العالمي في العام 2023، حيث تواجدت شركة واحدة كبرى في هذا المجال وهي «فيرست سولار» ومقرها في ولاية أريزونا.

وتسعى الولايات المتحدة إلى بناء قاعدة تصنيع محلية في قطاع الطاقة الشمسية من خلال قانون خفض التضخم لعام 2022، الذي يتيح ائتمانات ضريبية للشركات المنتجة داخل الأراضي الأميركية. وقد دفع هذا العديد من الشركات إلى إعلان خطط لإنشاء منشآت إنتاج، لكن التقدم كان بطيئاً. في الوقت نفسه، قامت الشركات الصينية بزيادة الإنتاج بشكل كبير، مما أدى إلى انخفاض الأسعار بشكل مستمر، وجعل من الصعب على الشركات الأميركية اللحاق بالركب.

أشار التقرير إلى أن الصين تسيطر على معظم المواد الأساسية للألواح الشمسية، بما في ذلك المصانع التي تقوم بتحويل البولي سيليكون إلى خلايا شمسية، وهي المكونات الأساسية للوحدات والألواح. وبموجب الصفقة، ستحصل شركة «فريير» على البولي سيليكون من الولايات المتحدة وآسيا، بينما ستأخذ خلاياها الشمسية من آسيا. كما تدرس الشركة إمكانية بناء مصنع آخر للخلايا الشمسية داخل الولايات المتحدة.

ولا تزال الشركات الصينية تسعى إلى الوصول إلى السوق الأميركية، حيث استجابت شركات كبرى مثل «جينكو سولار» و«جيه أيه سولار» و«لونغي» ببناء مصانع في الولايات المتحدة للاستفادة من الحوافز، مستهدفة تلبية نحو نصف الطلب الأميركي على الطاقة الشمسية.

وقد أثيرت بعض الاعتراضات السياسية بشأن إمكانية استفادة الشركات الصينية من هذه الإعفاءات الضريبية، حيث قدم 4 من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، من بينهم ديمقراطيون وجمهوريون، مشروع قانون هذا الصيف يهدف إلى منع الصين من الحصول على هذه الحوافز. وأعرب السيناتور ريك سكوت عن قلقه من تأثير الصين على صناعة الطاقة الشمسية الأميركية.

ومع فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بفترة رئاسية ثانية، تزايدت التساؤلات حول كيفية تعاطيه مع الاستثمارات الصينية في التصنيع الأميركي. وقد ألمح ترامب إلى أن الشركات الأجنبية يجب أن تقيم مصانعها داخل الولايات المتحدة إذا كانت ترغب في بيع منتجاتها للمستهلكين الأميركيين.

يعتقد الإستراتيجيون السياسيون أن ترامب قد يرحب بالاستثمارات الأجنبية إذا كانت تعود بالفائدة على العمال الأميركيين والناتج المحلي الإجمالي. وأشار ماركو بابيتش، كبير إستراتيجيي الأبحاث في شركة «بي سي إيه»، المتخصصة في التحليل الاقتصادي، إلى تصريحات ترامب في مؤتمر الحزب الجمهوري، التي أكدت على الموقف المتوقع للإدارة بضرورة توظيف الشركات الأجنبية للعمال الأميركيين. كما أعاد متحدث باسم فريق ترامب الانتقالي التأكيد على أن الإدارة المقبلة «ستفي» بوعودها لإعطاء الأولوية للمصالح الأميركية.

وأكد التقرير أنه في الوقت الحالي، قد يكون ترامب منفتحاً بالفعل على الشركات الصينية التي تنشئ مصانع في أمريكا. ومع ذلك، تُظهر صفقة «فريير - ترينا» أن بعض الشركات تتبنى إستراتيجيات لضمان استثماراتها في السوق الأميركي في ظل التحديات السياسية والاقتصادية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC