
وفي غضون ذلك كشفت مبيعات التجزئة في تركيا عن ارتفاع يفوق التوقعات، وهو الأمر الذي يشير إلى أن التضخم في تركيا سيواصل ارتفاعاته في الأيام المقبلة.
ونتيجة لتحول السياسة النقدية للمركزي التركي بدا أن الأتراك قد فقدوا اهمتماهم مؤقتا بالذهب الذي كان في وقت من الأوقات ملاذًا آمنًا وتحوطًا من انهيارات الليرة التركية.
وبعدما ارتفع الذهب في تداولات السوق الفورية في تركيا إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، تزامنًا وهبوط الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، يبدو أن تغير السياسة النقدية بدل الموازين في بلاد الأناضول.
وفي الأسابيع القليلة الماضية أدى التحول في السياسة النقدية للمركزي التركي من السياسة التيسيرية، التي هوت بالليرة وقفزت بالذهب، إلى سياسة أكثر تشددًا إلى تماسك الليرة دون مستويات الـ 27 ليرة للدولار.
وفي غضون ذلك كشفت بيانات مبيعات التجزئة التركية، وفقًا لمكتب الإحصاء التركي تركستات عن ارتفاع بنسبة 2.7% خلال اغسطس مقابل 0.2% يوليو الماضي.
وعلى أساس سنوي قفزت مبيعات التجزئة التركية وفقًا لبيانات تركستات بنسبة 31.% مقابل 29.3% خلال أغسطس من العام الماضي.
وتشير تلك البيانات إلى ارتفاع أحد مكونات التضخم، وهو الأمر الذي يعد إيجابيًا لليرة مع تأكيد المركزي التركي، أنه سيواصل سياسته المتشددة متى استدعى الأمر ذلك لتحقيق مستهدفات التضخم.
ووفقًا لتداول GAU/TRY - غرام الذهب ليرة تركية، فقد انخفض سعر غرام الذهب بما يزيد على 10 ليرات خلال تعاملات اليوم نزولًا إلى مستويات قرب الـ 1656 ليرة للغرام.
وتراجع سعر غرام الذهب بنسبة 0.5% خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، بينما انخفض بأكثر من 1.5% منذ بداية سبتمبر الجاري.
وفي غضون ذلك لا تزال الليرة التركية تتداول دون مستويات الـ 27 ليرة للدولار حيث تحوم قرب مستويات 26.85 ليرة للدولار.
وتأتي تلك المستويات أقل بحوالي 0.6 ليرة عن أدنى مستويات العملة التركية مقابل الدولار الأميركي، حينما نزلت إلى مستويات 27.55 ليرة للدولار.
ومنذ ساعات قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان: " إن ارتفاع التضخم في تركيا أمر مؤقت، وأن الحكومة تناقش خطوات لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة".
وأضاف إردوغان عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء: " أن بعض المؤشرات الاقتصادية تُظهر تحسناً، وطلب من الشعب التركي التحلي بالصبر والإيمان بالحكومة".
وفي غضون ذلك ارتفع التضخم في تركيا في يوليو إلى 47.8 %، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 60% بحلول نهاية العام بسبب زيادات ضريبية، وانخفاض قيمة الليرة التركية مقابل العملات الأخرى.
دفع التحول الجذري للسياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي التركي وكالة فيتش للتصنيف الائتماني إلى تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد التركي.
وفي مذكرة حديثة لوكالة التصنيف الائتماني رفعت فيتش توقعاتها المستقبلية لاحتياطيات النقد الأجنبي في تركيا إلى مستقرة، وفي غضون ذلك أبقت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني تصنيفها للاقتصاد التركي عند B.
يأتي ذلك بعد ما يقرب من العامين تلقت تركيا خلالهما تحذيرات ما بين الخفض الفعلي للتصنيف الائتماني أو التلويح بالخفض، وذلك في ظل اتباع المركزي التركي سياسة تيسيرية على النقيض من البنوك العالمية، التي اتخذت منحنى متشددًا لمواجهة مستويات التضخم القياسية.
وفي تركيا ساهمت السياسة التيسيرية التي بدأها المركزي التركي في سبتمبر 2021 في رفع معدلات التضخم إلى أعلى مستوى في ربع قرن حينما قفزت أكتوبر 2022 إلى 85%.
جاء ذلك تزامنًا مع إعلان الرئيس التركي في 2021 عن تبني تركيا نظاما اقتصاديا يهدف إلى تحقيق فائدة منخفضة، إضافة إلى زيادة الصادرات وتنويع الإيرادات.
وفي غضون ذلك قفز التضخم إلى معدلات قياسية تزامنًا مع نزول الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعدما انخفضت من مستويات قرب الـ 8.7 ليرة للدولار وصولًا إلى مستويات قرب الـ 27 ليرة للدولار.
ومع الإعلان عن تنصيب حفيظة أركان محافظًا جديدًا للمركزي التركي منذ ما يقرب من 4 أشهر بدأت التحولات الجذرية في السياسة النقدية للبلاد.
وأسفر أول اجتماعات المركزي التركي تحت قيادة المحافظ الجدي للبنك المركزي حفيظة أركان في يونيو الماضي عن زيادة بواقع 650 نقطة أساس، لترتفع إلى 15% مقابل 8.5% خلال مايو الماضي.
وفي يونيو الماضي شهدت أسعار الفائدة منعطفًا تشديدًا جديدًا لترتفع بنحو 1650 نقطة في ثلاث اجتماعات وهى يونيو ويوليو اغسطس الجاري.
وفي اجتماع المركزي الأخير خلال أغسطس الماضي رفع البنك معدل الفائدة للمرة الثالثة على التوالي وذلك بعد اجتماعي يوليو ويونيو الماضيين .
وبينما كانت الأسواق تتوقع رفع الفائدة من 8.5% إلى 20% في اجتماع يونيو الماضي، قرر البنك زيادة بواقع 650 نقطة أساس لتصل إلى 15%.
وفي اجتماع يوليو الماضي توقعت الأسواق رفع الفائدة من 15% إلى 20%، إلا أن قرار البنك جاء بزيادة يواقع 250 نقطة أساس فقط لتصل إلى 17.5%.
ووفقًا لبيان المركزي التركي: "قررت لجنة السياسة النقدية مواصلة عملية التشديد النقدي من أجل تقليص التضخم في أقرب وقت ممكن، وتثبيت توقعات التضخم، والسيطرة على التدهور في سلوك التسعير".
ولفت المركزي التركي إلى أن هناك تدهورا في توقعات التضخم وسلوك التسعير بما يتجاوز المتوقع، بسبب الارتفاع المستمر في أسعار الوقود في شهر يوليو وما بعده.
وقال البنك: "سيتم تعزيز التشديد النقدي تدريجيا إلى الحد اللازم حتى يتم تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم".
وقالت حفيظة أركان محافظ المركزي التركي: "من المتوقع أن يستمر انخفاض قيمة الليرة التركية، مع الزيادة واسعة النطاق في الأجور واللوائح الضريبية".