وللمرة الثانية منذ بداية القرن الجديد يفقد اقتصاد اليابان مكانته بفعل تراجع الناتج المحلي ، حيث فقد منذ أسابيع تصنيفه كثالث أكبر اقتصاد بالعالم لصالح ألمانيا، بعدما تراجع درجة للوراء، وفي عام 2010 حدث الأمر ذاته حينما فقد المركز الثاني لصالح الصين بحسب بيانات وزارة المالية اليابانية.
إن ضعف الين يعقد المشهد بالنسبة لبنك اليابان فيما يتعلق بالاختيار بين الحفاظ على سياسة التيسير النقدي أو الاستمرار في اتجاه التشديدتورو سويهيرو كبير
وأظهرت البيانات تجاوز الانكماش الحالي توقعات المحللين لدى "إس أند بي غلوبال" الذين رجحوا تسجيل انكماش في حدود -1.5%، ومتجاوزاً النمو الصفري في الربع السابق.
وبحسب البيانات عانى الاقتصاد الياباني انكماشاً واسع النطاق خلال الربع الأول من العام في ظل ضعف قيمة الين، ما تسبب في تراجع الاستهلاك الذي يستحوذ على أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وأظهرت البيانات تراجع الاستهلاك الخاص 0.7% مقارنة بالتوقعات عند انخفاض بنسبة 0.2% فقط، ليواصل المكون الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي انكماشه للربع الرابع على التوالي في سلسلة هي الأطول منذ عام 2009.
وتراجع الإنفاق الرأسمالي الذي يعد محركاً أساسياً للطلب الخاص بنسبة 0.8% في الربع الأول، في حين ساهم انخفاض الطلب الخارجي المتمثل في الفارق بين الصادرات والواردات في خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3%.
وكشفت بيانات اليوم عن افتقار الاقتصاد الياباني للعوامل المحفزة على النمو، ما يرفع التحديات التي تواجه بنك اليابان على صعيد رفع تكاليف الاقتراض لمواجهة التضخم.
حكومة اليابان بحاجة إلى إيلاء اهتمام وثيق لتقلبات أسعار صرف العملات الأجنبية التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم المحلييوشيتاكا شيندو
وقال تورو سويهيرو كبير الاقتصاديين في "دايوا سكيورتيز لرويترز، إن "ضعف الين يعقد المشهد بالنسبة لبنك اليابان فيما يتعلق بالاختيار بين الحفاظ على سياسة التيسير النقدي، أو الاستمرار في اتجاه التشديد".
ولفت سويهيرو إلى ترقب المستثمرين مراجعة هذه البيانات في العاشر من يونيو، قبل أربعة أيام من اجتماع بنك اليابان وسط تكهنات واسعة النطاق حول احتمالات رفع الفائدة في هذا الاجتماع.
وفي غضون ذلك توقع وزير اقتصاد اليابان يوشيتاكا شيندو أن يواصل اقتصاد البلاد الانتعاش المعتدل، وذلك عقب أحدث تقرير للناتج المحلي الإجمالي في اليابان للربع الأول من العام الحالي.
وقال شيندو إن "حكومة اليابان بحاجة إلى إيلاء اهتمام وثيق لتقلبات أسعار صرف العملات الأجنبية التي يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم المحلي، فضلاً عن مخاطر الانكماش الاقتصادي العالمي، بما في ذلك ضعف الاقتصاد الصيني وارتفاع أسعار النفط".
وأضاف وزير الاقتصاد شيندو خلال مؤتمر صحفي، إن "حكومة اليابان ستواصل الجهود الشاملة لضمان تحقيق زيادات قوية في الأجور داخل الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم".
وتابع وزير الاقتصاد: "سنراقب من كُثب المخاطر المتعلقة بتقلبات أسعار صرف العملات الأجنبية التي من شأنها أن تدفع الأسعار المحلية إلى الارتفاع.
يجب أن يقوم بنك اليابان برفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل بوتيرة تدريجية معتمدا على البيانات الاقتصاديةصندوق النقد
وقال صندوق النقد الدولي إن "التزام اليابان بالسماح للين بالتحرك بمرونة سيتيح لبنك اليابان التركيز على تحقيق استقرار الأسعار مع التحذير من دعوة بعض الخبراء من أجل استخدام السياسة النقدية، وذلك للحد من انخفاض قيمة العملة".
وأضاف خبراء الصندوق في أحدث تقرير عن اقتصاد اليابان: "يجب أن يقوم بنك اليابان برفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل بوتيرة تدريجية معتمدا على البيانات الاقتصادية".
وأكد الصندوق أن التزام اليابان طويل الأجل بنظام سعر صرف مرن سيساعد على امتصاص الصدمات ودعم تركيز السياسة النقدية على استقرار الأسعار.
قال كاتسونوبو كاتو، كبير أمناء مجلس الوزراء السابق في اليابان، إن وضع البلاد يتلاءم مع ظروف بنك اليابان لتطبيع السياسة النقدية، مؤكدا على احتمالية أن يكون هناك المزيد من رفع أسعار الفائدة في المستقبل.
وأضاف كاتو خلال مؤتمر صحفي: "يجب على بنك اليابان أن يراقب من كثب الأوضاع الاقتصادية وينسق بعناية مع الحكومة في تحديد توقيت رفع أسعار الفائدة".
وأوضح كاتو أن قرارات رفع أسعار الفائدة المقبلة من قبل بنك اليابان ستعتمد على تطور اقتصاد البلاد، خاصة الاستهلاك الذي ليس قويا بالضرورة.