نسبة تشغيل القروض إلى الودائع في البنوك السعودية تتجاوز 100%
توسعت البنوك السعودية بشكل ملحوظ، في إصدار أدوات الدين خاصة الصكوك، سواء بالعملات المحلية أو الأجنبية، لتسجل رقماً قياسياً منذ بداية العام، وذلك وسط مخاوف بشأن نقص السيولة، مع زيادة معدلات نمو الإقراض أسرع من الودائع.
وتيرة إصدار الصكوك السريعة، التي تهدف إلى تعزيز القواعد الرأسمالية والسيولة في البنوك السعودية، وأيضاً الامتثال لمتطلبات بازل 3، جاءت بالتزامن مع الطلب المرتفع على التمويل في المملكة من أجل إنجاز المشاريع العملاقة ضمن رؤية 2030.
وكانت موديز غيرت نظرتها المستقبلية للبنوك السعودية في فبراير الماضي من «إيجابية» إلى «مستقرة»؛ بسبب ارتفاع تكلفة التمويل لدى البنوك السعودية، مشيرة إلى الاعتماد المتزايد على تمويل الودائع الأغلى ثمناً أو الاقتراض الخارجي.
وكالة «إس آند بي» كانت أيضاً أشارت مؤخراً إلى التحول التدريجي في البنوك السعودية، من الاعتماد على السوق المحلية إلى البحث عن مصادر تمويل في الأسواق العالمية.
ومن ناحيته ذكر نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في «كامكو إنفست»، رائد دياب، لـ«إرم بزنس»، أن البنوك السعودية أصدرت صكوكاً بقيمة 6.8 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام مقارنة مع 9.7 مليار دولار خلال عام 2024 بأكمله.
وقال دياب إن البنوك السعودية اقتنصت أكثر من نصف إصدارات البنوك الخليجية خلال هذه الفترة، والتي بلغت 12.1 مليار دولار مقارنة مع 17.7 مليار دولار من الصكوك الصادرة خلال العام 2024 بأكمله.
وتعتبر الصكوك إحدى الأدوات الاستثمارية التي توفر دخلاً ثابتاً بشكل دوري، وهي أوراق مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية وبديلة للسندات التقليدية.
أوضح نائب رئيس البحوث في «كامكو إنفست» أن زخم الإصدارات يهدف بشكل أساسي إلى دعم السيولة في القطاع المصرفي السعودي، حيث لا يزال الطلب على القروض مرتفعاً ولا يمكن لودائع العملاء وحدها تمويل نمو الإقراض القوي في المملكة.
يذكر أن نسبة القروض إلى الودائع في البنوك السعودية ارتفعت لأكثر من 100% في الفترة الأخيرة ما يعني نقصاً في السيولة المتاحة لمواكبة المزيد من طلبات الاقتراض، وهو ما دفعها للبحث عن مصادر تمويل جديدة بإصدار السندات والصكوك.
وشهدت البنوك السعودية أقوى نمو في الإقراض على صعيد الدول الخليجية هذا العام، حيث شهدت التسهيلات الائتمانية القائمة زيادة سنوية بنسبة 16.5% في نهاية أبريل 2025 لتصل إلى 3.1 تريليون ريال سعودي، وذلك وفقاً لبيانات البنك المركزي السعودي.
وبحسب بلومبرغ، تجاوزت قيمة إصدارات البنوك من صكوك الشريحة الأولى (AT1) هذا العام حاجز 5.6 مليار دولار، وهو رقم قياسي غير مسبوق، ما يجعل المملكة ثاني أكبر مصدر لهذه الأدوات على مستوى العالم في 2025.
ويعتبر البنك الأهلي السعودي أكبر بنك بالمملكة، تاسع مصرف في المملكة يطرح أدوات دين منذ بداية العام الجاري، حيث انتهى منذ أيام من طرح صكوك رأسمال إضافي من الفئة 1 مقوّمة بالريال السعودي بقيمة 1.7 مليار ريال (461 مليون دولار أميركي) بعائد 6%.
كذلك انتهى بنك «الإنماء» السعودي في مايو الماضي من طرح صكوك رأسمال إضافي من الشريحة الأولى مقومة بالدولار بقيمة 500 مليون دولار، بعائد 6.5%، وكذلك طرح بنك «البلاد» السعودي صكوك رأسمال إضافي من الشريحة الأولى مقومة بالدولار بقيمة 650 مليون دولار بنفس العائد.
وفي نفس الشهر انتهى البنك السعودي الفرنسي «بي إس إف» من طرح سندات رأسمال إضافي من الشريحة الأولى مقومة بالدولار بموجب برنامج سندات رأس المال الإضافي من الشريحة الأولى، بقيمة 650 مليون دولار.
وتوقعت وكالة «بلومبرغ» أن يستمر الزخم في سوق أدوات الدين السعودية خلال الفترة المقبلة، في ظل استمرار المملكة في تنفيذ مشاريعها الاستراتيجية، من البنية التحتية إلى الفعاليات الرياضية الكبرى مثل دورة الألعاب الآسيوية الشتوية 2029.
ويُنظر إلى الصكوك كأدوات استثمارية مستقرة وذات عوائد مجزية، بعوائد تتراوح بين 6% و6.5%، ما يعكس ثقة المستثمرين فيه.
وتشهد إصدارات البنوك السعودية طلباً متزايداً من المستثمرين الصينيين مع انخفاض المخاطر بها مما يعزز جاذبيتها، حسب الرئيسة المشاركة لديون الشركات في الأسواق الناشئة في «ناينتي ون» فيكتوريا هارلينغ.