يدفع الطلب العالمي المتزايد على اللحوم الحلال إلى تحولات كبيرة في مجالات الإنتاج وإجراءات الاعتماد والتصدير، حيث تسارع الدول الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء لتلبية تطلعات المستهلكين المتنامية، بحسب أكاديميين ومحللين في القطاع.
ووفقاً لتوقعات صدرت في ديسمبر ونقلها موقع AGBI، من المرجّح أن يتضاعف حجم سوق اللحوم الحلال عالمياً خلال العقد المقبل، ليرتفع من نحو 720 مليار دولار في 2023 إلى أكثر من 1.6 تريليون دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي 9%.
ويُعزى هذا النمو إلى تزايد تطلّب المستهلكين، وتركيزهم المتزايد على «شهادات الحلال الموثوقة وإمكانية التتبع»، في ظل غياب معيار عالمي موحّد.
قال أستاذ علوم وتكنولوجيا الأغذية في «جامعة تكساس إيه آند إم» (Texas A&M University)، ميان نديم رياض لـ(AGBI) إن إمدادات اللحوم الحلال العالمية باتت أكثر تنوعاً، إذ تعمل الدول المصدّرة التقليدية على توسيع نطاق إنتاجها، بينما تدخل دول جديدة إلى السوق، وتسعى بعض الدول المستوردة الرئيسة إلى تعزيز قدراتها الإنتاجية المحلية.
وأضاف أن الوصول إلى الأسواق الحلال المربحة بات يتطلب التزاماً أكثر صرامة بالمعايير.
وتُعد البرازيل المصدّر الأكبر للحوم الحلال، إذ تمثّل نحو 30% من إجمالي المبيعات العالمية، وفقاً لبيانات «الغرفة الإسلامية للتجارة والتنمية» (ICCD).
ومع ذلك، تكثف دول مثل ماليزيا، وإندونيسيا، وتركيا جهودها للاستحواذ على حصة أكبر من السوق، ما يعكس تحوّلاً عن هيمنة المصدرين التقليديين، ويعزز التنافس العالمي المتزايد في مجال المنتجات الحلال المعتمدة.
رغم الانتقادات التي تواجهها هذه الصناعة في الغرب من جماعات حقوق الحيوان، بسبب طريقة الذبح الإسلامية التي تشترط قطع عنق الحيوان دون صعق، لا تزال السوق الحلال تجذب مصدّرين جدد، بمن فيهم دول غير إسلامية مثل الهند وروسيا والولايات المتحدة، والتي تعد من المورّدين الرئيسيين للدول الأعضاء في «منظمة التعاون الإسلامي» (OIC)، التي تضم 57 دولة، من بينها الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
وأشار الأمين العام لـ «الغرفة الإسلامية للتجارة والتنمية» يوسف حسن خلاوي، إلى أن دولاً غير إسلامية مثل الصين وبيلاروسيا والمجر بدأت أيضاً بالحصول على شهادات اعتماد حلال، بهدف دخول أسواق التصدير الآخذة في التوسع.
وفي الوقت الذي يُعد فيه العالم العربي من أكبر مستهلكي اللحوم الحلال، لم يكن له تاريخياً دور بارز في إنتاجها أو تصديرها.
وذكر رياض أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد على الواردات لتأمين ما بين 70 إلى 90% من احتياجاتها من اللحوم الحلال، معظمها من البرازيل وأستراليا والهند.
رغم وجود توجه قوي نحو تعزيز الإنتاج المحلي، إلا أن وتيرة التقدّم لا تزال بطيئة بسبب تحديات بيئية ولوجستية كبيرة.
وتشمل هذه التحديات المناخ الصحراوي، وشح المياه، ونقص الأراضي الصالحة للرعي، وارتفاع أسعار الأعلاف، وتفكك سلاسل التبريد.
وقال خلاوي: «الإنتاج واسع النطاق يزدهر في المناطق التي تتوفر فيها الحبوب والأعلاف بأسعار منخفضة، وهو ما يُعد نقطة ضعف رئيسة لدول الخليج».
غير أن المملكة تسعى إلى قلب هذا الواقع، إذ بدأ «صندوق الاستثمارات العامة»، وهو صندوق الثروة السيادي للمملكة، الاستثمار في مبادرات تهدف إلى زيادة حصة السعودية في سوق الأغذية الحلال العالمية، علماً بأن المملكة تستهلك نحو 60% من اللحوم الحلال في دول الخليج.
وفي فبراير الماضي، أشاد وزير التجارة السعودي ماجد بن عبد الله القصبي بهذه الجهود، مؤكداً أنها تهدف إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي في صناعة الحلال.