logo
قطاعات

من أبراج مكتبية إلى شقق سكنية.. تحول جذري في العقارات الأميركية

من أبراج مكتبية إلى شقق سكنية.. تحول جذري في العقارات الأميركية
موظفون في مكاتب يظهرون في أحد مباني وسط مدينة سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة، في 22 مارس 2024.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:27 نوفمبر 2024, 12:37 م

يشهد اتجاه تحويل المباني المكتبية قليلة الاستخدام إلى وحدات سكنية في الولايات المتحدة، تسارعاً ملحوظاً، مدفوعاً بانخفاض قيم العقارات إلى مستويات تجعل هذه المشاريع مجدية مالياً.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، تجد شركات التطوير العقاري فرصاً متزايدة لتحويل الأبراج المكتبية القديمة، ما يسهم في إحياء مناطق الأعمال ومعالجة نقص الإسكان في الولايات المتحدة.

هذا التحول جاء بعد فترة طويلة من ارتفاع التكاليف المرتبطة بشراء المباني المكتبية القديمة، والتي أعاقت جهود التحويل.

ومع ذلك، أدى ارتفاع نسبة المكاتب الشاغرة إلى مستويات قياسية إلى انخفاض كبير في قيم العقارات القديمة والأقل جاذبية؛ ما أتاح للمطورين تنفيذ مشاريع التحويل بتكاليف معقولة، خاصة في المواقع الثانوية.

زيادة في عدد مشاريع التحويل

أفاد تقرير صادر عن شركة «سي بي آر إي» (CBRE) المتخصصة في الاستشارات العقارية، بأن عدد مشاريع تحويل المكاتب إلى وحدات سكنية، المنجزة في عام 2024 بلغ 73 مشروعاً، مقارنة بـ 63 مشروعاً في العام 2023.

ويجري حالياً التخطيط أو التنفيذ لـ309 مشاريع إضافية، يُشكِّل التحويل السكني ثلاثة أرباعها تقريباً. ومن المتوقع أن تضيف هذه المشاريع حوالي 38,000 وحدة سكنية جديدة.

أخبار ذات صلة

مبيعات المساكن الأميركية تتجه نحو أسوأ عام لها منذ 1995

مبيعات المساكن الأميركية تتجه نحو أسوأ عام لها منذ 1995

وأوضحت جولي ويلان، نائبة رئيس الأبحاث في الشركة، قائلة: «لا يزال هناك تدفق مستمر في المشاريع الجديدة».

نشاط متزايد بالمدن الأمريكية

في مانهاتن، استحوذ المطورون خلال النصف الأول من عام 2024 على نصف العقارات المكتبية، بقيمة بلغت 1.12 مليار دولار، بهدف تحويلها إلى وحدات سكنية، وفقاً لتقارير شركة «أرييل بروبرتي أدفايزرز» (Ariel Property Advisors). كما تشهد مدن مثل شيكاغو، واشنطن العاصمة، وكليفلاند نشاطاً كبيراً في مشاريع التحويل، فيما بدأت مدن أخرى مثل سينسيناتي، فينيكس، هيوستن، ودالاس في الانضمام إلى هذا الاتجاه المتنامي.

أمثلة بارزة

أفادت الصحيفة بأن مشروع إعادة تطوير مركز النهضة الشهير في ديترويت يتضمن تحويل أحد المباني المكتبية إلى شقق فاخرة وفندق. وفي كليفلاند، تم تخصيص 12% من إجمالي المساحات المكتبية للتحويل، مع تركيز المشاريع حول ميدان «بابليك سكوير»، الذي شهد تحسينات بقيمة 50 مليون دولار.

من جهته، صرَّح دانييل نيديتش، الرئيس التنفيذي لشركة «ديون ريل استيت بارتنرز»، التي تعاونت مع المطور العقاري «تي إف كورنرستون» لاستثمار مليار دولار في نحو 20 مشروع تحويل بأنحاء الولايات المتحدة خلال السنوات الثلاث المقبلة، قائلاً: «لقد حصلت على مساحة واسعة بتكلفة منخفضة؛ ما يمكنك من إضافة وسائل راحة لا يمكن توفيرها في مشاريع البناء الجديدة».

حلول تصميمية وحوافز

للتغلب على تحديات التصميم في المباني القديمة، أضافت شركة «جي إف بي ريل استيت» فتحات إضاءة في مشروعها الواقع عند 25 شارع ووتر في مانهاتن، لضمان حصول جميع الشقق على الضوء والهواء اللازمين.

أخبار ذات صلة

ارتفاع مبيعات المساكن القائمة 1.3% في أميركا الشهر الماضي

ارتفاع مبيعات المساكن القائمة 1.3% في أميركا الشهر الماضي

وفي الوقت ذاته، بدأت مدن مثل شيكاغو، واشنطن العاصمة، وكالغاري بتقديم حوافز مالية، تشمل إعفاءات ضريبية، لدعم مشاريع التحويل وتشجيع المطورين على الاستثمار في هذا الاتجاه.

الأثر الاقتصادي والحضري

على الرغم من أن مشاريع تحويل المباني المكتبية إلى وحدات سكنية لن تحل أزمة القطاع المكتبي بالكامل، أو تعالج نقص الإسكان بشكل جذري، فإنها تلعب دوراً مهماً في إعادة تنشيط مراكز المدن التي تأثرت بضعف نسب العودة إلى المكاتب.

ووفقاً لشركة «سي بي آر إي» (CBRE)، فإن المساحات المخصصة لمشاريع التحويل، والتي تبلغ 71 مليون قدم مربع، تمثل فقط 1.7% من إجمالي المساحات المكتبية في الولايات المتحدة.

وقال المطور ويليام رودين، الذي يحتفظ بحصة في مشروع تحويل 55 شارع برود في نيويورك: «هناك تغيير في الطريقة التي ينظر بها العالم إلى هذه العقارات».

تسهم هذه المشاريع في إحياء المباني الأيقونية التي لم تعد صالحة للاستخدام كمباني مكتبية. فعلى سبيل المثال، سيتم تحويل مبنى «فلاتيرون» في نيويورك إلى شقق سكنية. وفي سينسيناتي، يعمل مالك مبنى «اتحاد سنترال لايف للتأمين» على تحويله إلى أكثر من 280 وحدة سكنية، مع إضافة مسبح على السطح ونادٍ صحي ومساحات تجارية.

تحديات ومخاوف المطورين

أشار التقرير إلى أنه خلال العامين الأولين من جائحة كورونا، تمكن مالكو المباني المكتبية من الحفاظ على ممتلكاتهم بفضل المساعدات الحكومية واستمرار المستأجرين في دفع الإيجار بموجب عقود طويلة الأجل. غير أن واشنطن العاصمة تأثرت بشكل خاص بتباطؤ نشاط المكاتب، حيث أظهرت الحكومة الفيدرالية مرونة كبيرة في السماح للموظفين بالعمل من المنزل.

ورغم الزخم المتزايد، يبدي بعض المطورين حذراً بسبب التكاليف المرتبطة بمشاريع التحويل، مثل إعادة توطين المستأجرين وإجراء تعديلات معمارية لضمان الإضاءة والتهوية.

وأوضح المطور ميكي نفتالي: «عندما تقترب التكاليف من تكلفة البناء الجديد، تصبح التحويلات غير مجدية مالياً».

إستراتيجيات للنجاح

بدأ بعض الملاك بإضافة بنود في عقود الإيجار تتيح إخلاء المستأجرين لتسهيل مشاريع التحويل. في الوقت ذاته، يعقد آخرون صفقات مع الدائنين لشراء العقارات المكتبية المتعثرة بأسعار مخفضة. على سبيل المثال، تمكنت شركة «جي إف بي ريل استيت» من خفض تكاليف مشروعها في 25 شارعاً (ووتر) من خلال شراء الديون بسعر مخفض والتفاوض على خروج المستأجرين قبل انتهاء عقودهم.

ومع استمرار الضغوط على مالكي المكاتب نتيجة انتهاء عقود الإيجار وضعف الطلب، يعكس تزايد مشاريع التحويل واستعداد الأطراف المعنية للتكيف تحولاً كبيراً في ديناميكيات العقارات الحضرية. ويعتمد المطورون ومخططو المدن على هذه التحويلات لإحياء المناطق المتعثرة وتلبية احتياجات الإسكان الملحة؛ ما يشكل رؤية جديدة لمستقبل التطوير الحضري.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC