logo
مقالات الرأي

هدر بمليارات الدولارات في الإنشاءات الخليجية.. ما الحل؟

هدر بمليارات الدولارات في الإنشاءات الخليجية.. ما الحل؟
عمّال في موقع بناء بالقرب من العاصمة السعودية الرياض يوم 3 مارس 2024.المصدر: أ ف ب
تاريخ النشر:19 مايو 2025, 03:48 م

يشهد قطاع الإنشاءات في دول مجلس التعاون الخليجي تحولاً سريعاً مدفوعاً بالمشاريع الضخمة في البنية التحتية، والعقارات، والمشاريع التجارية.

ومع ضخ مليارات الدولارات في المدن الذكية، وشبكات النقل، والتطوير العمراني، أصبحت الكفاءة والسيطرة على التكاليف أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومع ذلك، تظل إعادة العمل، الناتجة عن العيوب، الأخطاء، أو سوء التخطيط، أحد أكبر التحديات التي تؤثر بشكل كبير على القطاع رغم أنها غالباً ما يتم التقليل من شأنها.

«إعادة العمل» ليست مجرد عائق بسيط، بل هي عامل رئيس يؤدي إلى ارتفاع التكاليف، وتأخير الجداول الزمنية، وانخفاض الإنتاجية. وفي صناعة يتم فيها إدارة الوقت والموارد المالية بدقة، فإن فهم مدى تأثير هذه المشكلة هو المفتاح لضمان نجاح المشاريع على المدى الطويل.

أخبار ذات صلة

عُمان.. سوق العقارات ينخفض 2.5% إلى 1.5 مليار دولار خلال الربع الأول

عُمان.. سوق العقارات ينخفض 2.5% إلى 1.5 مليار دولار خلال الربع الأول

التأثير المالي

«إعادة العمل» تمثل مشكلة عالمية تُكلف القطاع مليارات الدولارات سنوياً، ودول مجلس التعاون الخليجي ليست استثناءً. تشير الدراسات إلى أن إعادة العمل يمكن أن تمثل ما بين 5% و15% من إجمالي تكاليف المشروع، مما يؤدي إلى خسائر سنوية بمليارات الدولارات في المنطقة.

وفقاً لتقرير صادر عن معهد صناعة الإنشاءات (CII)، فإن إعادة العمل تمثل حوالي 9% من إجمالي تكاليف المشروع، مع تفاقم الخسائر المالية بسبب التكاليف غير المباشرة.

بالنسبة للمشاريع العملاقة في المنطقة، فإن معدل إعادة العمل البالغ 5% فقط في مشروع بقيمة مليار دولار يمكن أن يؤدي إلى تكاليف إضافية غير ضرورية تصل إلى 50 مليون دولار. في ظل الاستثمارات الضخمة في مشاريع البنية التحتية، تؤدي هذه الخسائر إلى تقليل الأرباح للمقاولين، وزيادة المخاطر المالية للمطورين، وتأخير المشاريع المدعومة من قبل الجهات المعنية.

أسباب إعادة العمل

هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى إعادة العمل، وأغلبها يعود إلى أوجه القصور في تخطيط المشاريع وتنفيذها. عدم التنسيق الجيد في مرحلة التصميم غالباً ما يؤدي إلى أخطاء تستوجب تصحيحها في المراحل اللاحقة من المشروع، مما يترتب عليه زيادة في التكاليف والوقت. ضعف التواصل بين الأطراف المعنية، مثل المطورين والمقاولين والموردين، يؤدي إلى اختلافات في التنفيذ تتطلب تعديلات كبيرة.

استخدام مواد بناء منخفضة الجودة أو ضعف كفاءة العمالة قد يفرض الحاجة إلى استبدال المواد أو إعادة تنفيذ أجزاء من المشروع، ما يسبب خسائر إضافية. كما أن غياب البيانات الفورية والاعتماد على عمليات التوثيق التقليدية يزيد احتمالية اكتشاف الأخطاء في وقت متأخر جداً، مما يؤدي إلى إعادة العمل على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم الامتثال للمعايير التنظيمية ومتطلبات السلامة يفرض تعديلات إلزامية تزيد تكاليف المشروع.

تأثير شامل

تؤثر إعادة العمل على المشاريع بأكثر من مجرد تكاليف مالية مباشرة، حيث تتسبب في تعطيل الجداول الزمنية، ما يؤثر على التدفقات النقدية والعوائد المالية للمطورين. كما أن التكاليف الإضافية للعمالة والمواد تضغط على هوامش أرباح المقاولين. يمكن أن تؤدي إعادة العمل أيضاً إلى اضطرابات في سلاسل التوريد، خاصة عندما تتطلب التعديلات مواد جديدة أو تغييرات في جداول التسليم المحددة مسبقاً.

بالنسبة للمشاريع واسعة النطاق، يمكن أن تؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى تأثير متسلسل يزيد تعقيد العمليات ويضع ضغطاً إضافياً على جميع الأطراف المعنية. تشير التقارير الصناعية إلى أن إعادة العمل قد تؤدي إلى تأخير الجداول الزمنية للمشاريع بنسبة تتراوح بين 10% و20%، مع زيادة التكاليف الإجمالية بنسبة تصل إلى 25%.

أخبار ذات صلة

هل تشهد أسعار العقارات في الإمارات والسعودية تصحيحاً خلال 2025؟

هل تشهد أسعار العقارات في الإمارات والسعودية تصحيحاً خلال 2025؟

حلول رقمية

يعد التحول الرقمي أحد أكثر الحلول فعالية للتقليل من تأثير إعادة العمل في قطاع الإنشاءات. يتيح اعتماد الحلول الرقمية إمكانية تتبع تقدم المشاريع في الوقت الفعلي، واكتشاف العيوب تلقائياً، وتحسين التعاون بين جميع الأطراف المعنية. من خلال التحول من العمليات اليدوية التقليدية، يمكن لشركات الإنشاءات تقليل فرص الأخطاء، وتعزيز الشفافية، وتحسين إدارة الموارد.

يعد جمع البيانات الفورية والتوثيق الرقمي عنصراً أساسياً في تحديد المشكلات المحتملة قبل أن تتفاقم إلى إعادة عمل مكلفة. كما تتيح الأنظمة الرقمية المؤتمتة للفرق الهندسية إدارة العيوب بكفاءة أكبر، مما يضمن حل المشكلات في المراحل المبكرة من المشروع. المنصات الرقمية أيضاً تعزز التواصل بين الفرق المختلفة، مما يقلل أخطار سوء الفهم وتكرار العمل بسبب المعلومات غير الدقيقة.

مع تبني المزيد من شركات الإنشاءات للتحول الرقمي في المنطقة، أظهرت التقارير انخفاضاً كبيراً في تكاليف إعادة العمل. تشير الدراسات إلى أن تتبع العيوب رقمياً وتحسين عمليات مراقبة الجودة يمكن أن يقلل إعادة العمل بنسبة تتراوح بين 30% و50%، مما يبرز الفوائد المالية والتشغيلية لاعتماد التقنيات الحديثة في قطاع الإنشاءات.

خطوات مستقبلية

لمواجهة مشكلة إعادة العمل المتزايدة، يجب على القطاع تبني نهج استباقي في مراقبة الجودة وتعزيز الكفاءة. يعتبر التخطيط الجيد في المراحل المبكرة من المشروع وتحسين تنسيق التصميم من العوامل الأساسية لتقليل التغييرات غير المتوقعة التي قد تؤدي إلى الأخطاء. يمكن أن يساعد استخدام الأدوات الرقمية لإدارة العيوب وتوثيق العمليات ومراقبة الجودة في تبسيط الإجراءات وتقليل الاعتماد على الإشراف اليدوي.

يعد تدريب فرق العمل ورفع كفاءتها في تنفيذ معايير الجودة من العوامل الأساسية للحد من الأخطاء. كما أن تعزيز التعاون بين المقاولين والاستشاريين والمطورين يلعب دوراً مهماً في ضمان حصول الأطراف جميعها على أحدث بيانات المشروع. تبني ثقافة تعتمد على الشفافية والمساءلة، مدعومة بقرارات تعتمد على البيانات، سيمكن شركات الإنشاءات من تقليل المخاطر وتجنب التكاليف غير الضرورية.

الخاتمة

تعد التكلفة الخفية لإعادة العمل في قطاع الإنشاءات تحدياً مالياً متزايداً يهدد كفاءة المشاريع وربحيتها. ومع ذلك، يمكن للقطاع تقليل النفقات غير الضرورية وتحسين تسليم المشاريع من خلال اعتماد الحلول الرقمية، وتعزيز التعاون، وإعطاء الأولوية لإدارة الجودة الاستباقية.

مع استمرار تطور القطاع بوتيرة سريعة، سيكون الاعتماد على الأدوات الرقمية واعتماد ممارسات إدارة المشاريع الذكية أمراً ضرورياً لتحقيق استدامة طويلة الأمد. ومن خلال معالجة الأسباب الجذرية لإعادة العمل وتطبيق الحلول المستندة إلى البيانات، يمكن لشركات الإنشاءات تحسين الكفاءة، وتحقيق نتائج أفضل، وحماية استثماراتها في بيئة تنافسية متزايدة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC