logo
مقالات الرأي

«قطار الاتحاد».. قوة دافعة للاقتصاد في دولة الإمارات

«قطار الاتحاد».. قوة دافعة للاقتصاد في دولة الإمارات
خالد بن محمد بن زايد آل نهيان وحمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم يشهدان إطلاق مشروع قطار الاتحادالمصدر: وام
تاريخ النشر:1 مايو 2025, 01:11 م

يشكل نظام القطارات فائقة السرعة أحد أبرز التحولات في قطاع النقل العالمي، لما يتيحه من بديل سريع وفعّال للقطارات التقليدية ورحلات الطيران القصيرة. وبعد أن أطلقت اليابان هذه التقنية الرائدة، باتت اليوم جزءاً لا يتجزأ من البنى التحتية في عدد من كبرى الاقتصادات مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا والصين.

وفي هذا السياق، يبرز مشروع «قطار الاتحاد» كأحد أهم المبادرات الاستراتيجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ يمثل خطوة محورية ضمن سلسلة المشاريع الاقتصادية الطموحة الرامية إلى تعزيز الترابط بين إمارات الدولة.

ووفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات نحو 568.57 مليار دولار أميركي في أكتوبر 2024، بمعدل دخل فردي تجاوز 51,000 دولار، ما يضعها ضمن مصاف الدول الأعلى في مستوى المعيشة عالمياً—وهو ما يعكس الحاجة الملحة إلى بنية تحتية متطورة للنقل تلبي متطلبات هذا المستوى الرفيع.

عند اكتماله، سيمتد المشروع على مسافة 1,200 كيلومتر، رابطاً بين منفذ الغويفات الحدودي مع المملكة العربية السعودية في الغرب، ومدينة الفجيرة على الساحل الشرقي المطل على المحيط الهندي، بكلفة تقديرية تبلغ 40 مليار درهم (نحو 11 مليار دولار).

وقد بدأت بالفعل شبكة الشحن في العمل، حيث تنقل قطارات البضائع مختلف أنواع السلع عبر الإمارات. وفي المقابل، يجري العمل على تدشين خدمة القطارات المخصصة للركاب، إلى جانب مشروع القطارات فائقة السرعة بين دبي وأبوظبي.

أخبار ذات صلة

قطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي يختزل زمن الرحلة إلى 30 دقيقة

قطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي يختزل زمن الرحلة إلى 30 دقيقة

آثار اقتصادية واسعة النطاق

من المنتظر أن تبلغ سرعة القطارات فائقة السرعة 350 كيلومتراً في الساعة، ما سيقلّص زمن الرحلة بين دبي وأبوظبي إلى أقل من 30 دقيقة، فيما تبلغ سرعة القطارات المخصصة للركاب 200 كيلومتر في الساعة، بطاقة استيعابية تصل إلى 400 راكب. وتستهدف الخطة الشاملة ربط 11 مدينة ضمن الإمارات السبع، في شبكة نقل مترابطة وغير مسبوقة.

وستبدأ الخدمة بمحطات رئيسة في أبوظبي ودبي والشارقة والفجيرة، متصلة بخطوط المترو والحافلات، لتكوّن منظومة نقل متكاملة. وتتوقع شركة "قطار الاتحاد" أن يخدم القطار نحو 36.5 مليون راكب سنوياً بحلول عام 2030، ما يسهم في تخفيف الازدحام المروري المتزايد على الطرق.

ومن شأن هذه الشبكة أن تعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي للأعمال والسياحة، إذ يُتوقع أن يضيف المشروع ما يقارب 145 مليار درهم (39.5 مليار دولار) إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال الخمسين عاماً القادمة، بمعدل 3 مليارات درهم سنوياً.

أما قطاع الشحن، فيتألف حالياً من 38 قاطرة وأكثر من 1,000 عربة مخصصة لنقل البضائع، ما يدعم قطاع الخدمات اللوجستية في الإمارات، والذي بلغت قيمته نحو 129 مليار درهم في عام 2023.

ويهدف المشروع إلى رفع هذه القيمة إلى أكثر من 200 مليار درهم خلال سبع سنوات، وفق ما أكده صاحب السمو حاكم دبي، في إطار تعزيز موقع الدولة كمركز عالمي للتجارة والخدمات اللوجستية.

وتسعى الخطة، بحلول 2030، إلى رفع القدرة الاستيعابية للشحن إلى 60 مليون طن سنوياً، ما سيسهم في تقليل عدد الشاحنات على الطرق والانبعاثات الكربونية الناتجة عنها. وتشير التقديرات إلى أن كل رحلة قطار واحدة يمكن أن تُزيل ما يصل إلى 300 شاحنة من الطرق، وتخفض كلفة النقل والصيانة.

كما قد يُسهم المشروع في تقليص نحو 8.2 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل 21% من الانبعاثات الناتجة عن النقل البري سنوياً بحلول عام 2050، بما يتماشى مع التزام الإمارات بتحقيق الحياد الكربوني الكامل بحلول 2050.

الأثر في القطاع العقاري

من المتوقع أن تؤدي شبكة القطارات فائقة السرعة إلى رفع جاذبية المناطق القريبة من المحطات، من خلال تحسين سهولة التنقل بين المدن وخلق فرص عمل جديدة في محيط هذه المراكز الحيوية، ما سينعكس بشكل مباشر على أسعار العقارات وزيادة الطلب الاستثماري عليها.

وقد تحتدم المنافسة بين المطورين العقاريين للحصول على الأراضي القريبة من محطات القطار، لتنفيذ مشاريع عمرانية حديثة تستفيد من الموقع الاستراتيجي.

وتشير التقديرات إلى ارتفاع متوقع في أسعار العقارات والإيجارات بنسبة تتراوح بين 10% إلى 15% في المناطق المحيطة بالمحطات، خصوصاً في مناطق مثل الجداف في دبي، التي تتمتع أصلاً بشبكة مترو فعالة.

وتُظهر تجارب سابقة تأثير مشاريع النقل في أسعار العقارات، إذ أشار تقرير صادر عن «سي بي آر إي» إلى أن أسعار العقارات الواقعة على بُعد 15 دقيقة سيراً على الأقدام من خط المترو الأحمر في دبي، سجلت نمواً بنسبة 26.7% بين عامي 2010 و2022.

أخبار ذات صلة

اتفاقية إماراتية - عُمانية لتطوير نقل المواد الخام عبر القطارات

اتفاقية إماراتية - عُمانية لتطوير نقل المواد الخام عبر القطارات

خاتمة

تُظهر تجارب مدن كبرى مثل طوكيو ونيويورك ولندن وشينزن أن البنية التحتية المتطورة للنقل قادرة على تحويل المدن إلى مراكز حضرية عالمية. وقد يُحقق «قطار الاتحاد» هذا التحول لكل من دبي وأبوظبي، جامعاً بين الإرث الثقافي والابتكار والسياحة.

وسيتيح المشروع إمكانية الإقامة في مدينة والعمل في أخرى، ما يمنع التركز السكاني والاقتصادي في مواقع محددة، ويفتح الباب أمام تنمية متوازنة في مختلف أنحاء الدولة.

كما يعكس المشروع المكانة العالمية للإمارات من خلال امتلاكها بنية تحتية تقارن بتلك التي تنفذ عادة في الاقتصادات المتقدمة، ويعزز ثقة المستثمرين في مستقبل الدولة الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC