logo
مقالات الرأي

الهند بين ضغوط واشنطن وأحضان بكين

الهند بين ضغوط واشنطن وأحضان بكين
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يصافح وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال اجتماع ثنائي في العاصمة الهندية نيودلهي، يوم 19 أغسطس 2025المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:20 أغسطس 2025, 04:00 م

تواجه الهند تحدياً اقتصادياً صعباً بعد قرار الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على صادراتها، وهو أعلى معدل يُفرض على شريك تجاري رئيسي. هذا القرار يهدد صناعات محورية مثل النسيج وقطع غيار السيارات، ويضع ملايين الشركات الصغيرة والمتوسطة تحت ضغط كبير، وهي بدورها تشكل العمود الفقري للتوظيف في البلاد.

زيارة لافتة من الصين

في خضم هذه الأزمة، جاءت زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى نيودلهي لتفتح باب التساؤلات، فهي الأولى على مستوى رفيع منذ الاشتباكات الحدودية الدامية عام 2020. ورغم أن الخلافات الحدودية ما زالت قائمة، فإن الزيارة تشير إلى رغبة الطرفين في استكشاف فرص جديدة للتقارب، خصوصاً في الجانب الاقتصادي.

ضغوط على حكومة مودي

الولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأكبر للهند، مع فائض لصالح نيودلهي يبلغ 40 مليار دولار. ومع الرسوم الجديدة، أصبحت الصادرات الهندية أقل قدرة على المنافسة مقارنة بدول أخرى، ما دفع عملاء أميركيين إلى التوجه نحو أسواق بديلة. هذا الوضع يضغط على حكومة مودي التي بنت جزءاً كبيراً من شعبيتها على شعار «الهند المزدهرة».

إصلاحات عاجلة

مودي أعلن خططاً لتبسيط ضريبة السلع والخدمات وتقليل البيروقراطية، مؤكداً أن حكومته ستقف في وجه أي تهديد للصناعة الوطنية. إلا أن خبراء الاقتصاد يرون أن هذه الخطوات لن تكون كافية، وأن الحكومة قد تضطر إلى تقديم دعم مالي مباشر للقطاعات الأكثر تضرراً.

خيار بكين

رغم تجميد الاستثمارات الصينية في السنوات الأخيرة، تدرك نيودلهي أن صناعاتها بحاجة إلى التكنولوجيا والتمويل لتعزيز قدراتها. زيارة وانغ يي قد تمثل بداية لانفتاح محدود على بكين، خصوصاً في القطاعات غير الحساسة. هذا الانفتاح قد يمنح الصناعة الهندية متنفساً في ظل الضغوط الأميركية.

الهند اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تتكيف مع الرسوم الأميركية المرتفعة وما تعنيه من خسائر في قطاعات التصدير، أو أن تستفيد من نافذة دبلوماسية مع الصين لتخفيف الأضرار. في كل الأحوال، سيبقى التحدي الأكبر أمام حكومة مودي هو الحفاظ على استقرار النمو والوظائف، دون التفريط بمصالحها الاستراتيجية.

دروس للعالم العربي

ما تواجهه الهند يسلط الضوء على درس مهم للدول العربية والخليجية على وجه الخصوص: ضرورة تنويع الشركاء التجاريين وعدم الارتهان لأسواق محددة؛ فالتقلبات السياسية والاقتصادية العالمية قد تجعل دولة كبرى مثل الولايات المتحدة تفرض قرارات مفاجئة تهدد سلاسل الإمداد وفرص العمل.

لذلك، فإن بناء شبكة واسعة من الشركاء شرقاً وغرباً، مع تعزيز التصنيع المحلي وإعداد الكفاءات الوطنية للمناصب الحساسة، يمثل استراتيجية أمان اقتصادي تضمن الاستقرار على المدى الطويل، وتحمي الاقتصادات من تقلبات السياسة الدولية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC