يشهد سوق العملات المشفّرة في الشرق الأوسط تحولًا كبيرًا، تقوده دولة الإمارات العربية المتحدة بفضل وجود سياسات تنظيمية مدروسة وإعفاءات ضريبية جاذبة، إلى جانب الاهتمام المتزايد من فئة الشباب بالتمويل الرقمي، مما رسّخ مكانة الإمارات كمركز عالمي رائد في مجال الأصول الرقمية.
ووفقًا لتقرير جديد صادر عن شركة "ماينينغ غريد"، الرائدة في تقديم حلول البلوكتشين وتعدين البيتكوين، سجّل سوق العملات المشفّرة في الإمارات تدفقات استثمارية بلغت 34 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من يوليو 2023 إلى يونيو 2024، محققًا معدل نمّو سنوي قدره 42%. ويعزّز هذا الأداء القوي مكانة الإمارات كلاعب رئيسي في منظومة العملات الرقمية، يدعمها في ذلك ارتفاع عدد المتداولين النشطين في الدولة إلى أكثر من 500 ألف متداول يومياً.
وعلى مستوى المنطقة، استقطبت أسواق الشرق الأوسط تدفقات إجمالية بلغت 338.7 مليار دولار أمريكي خلال نفس الفترة، بزيادة سنوية بلغت 11.73%، لتُصبح سابع أكبر سوق للعملات المشفّرة في العالم. وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 93% من تلك التدفقات جاءت عبر تحويلات مؤسسية، في دلالة واضحة على نضج السوق الإقليمي واعتماده على استراتيجيات استثمار طويلة الأمد.
وأظهر التقرير أن فئة الشباب في الإمارات تُشكّل قوة دافعة لنمو سوق العملات المشفّرة أن فئة الشباب في الإمارات تُشكّل قوة دافعة لنمو سوق العملات المشفّرة في الدولة، حيث عبّر 74% من الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عامًا عن اهتمامهم بتداول العملات الرقمية، فيما يخطط 21% منهم لبدء التداول خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وتُعدّ الإمارات في طليعة الدول الإقليمية من حيث تبنّي الشباب للتمويل الرقمي.
وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وواتساب ويوتيوب قنوات رئيسية لاستكشاف فرص تداول العملات المشفّرة لدى فئة الشباب، مما ساعد في تكوين جيل متصل اجتماعيًا يطمح لتحقيق استقلاله المالي من خلال الأصول الرقمية. وفي المقابل، يواجه هذا النمو تحديات عدة، حيث أبدى حوالي نصف الشباب المهتمين بالعملات المشفّرة مخاوفهم من انتشار المعلومات المضلّلة، مما يخلق فرصة أمام المنصات الموثوقة لتولي دور ريادي في نشر الوعي وتعزيز الاستخدام الآمن والمسؤول.
وتُسهم منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، واتساب ويوتيوب في تعزيز هذا التوجّه، إذ أصبحت بمثابة منصات رئيسية لاكتشاف الأصول الرقمية. ورغم هذا الزخم، أبدى حوالي نصف مستخدمي العملات المشفّرة من الشباب قلقهم من المعلومات المضللة، مما يفتح المجال أمام منصات موثوقة لقيادة جهود التثقيف والتبني المسؤول.
وقال سليمان الرفاعي، مؤسس وعضو مجلس إدارة شركة "ماينينغ غريد": "خلقت اللوائح التنظيمية الواضحة في دولة الإمارات، إلى جانب الإعفاء من ضرائب أرباح رأس المال، بيئة استثمارية مثالية لنمو العملات المشفّرة. ومع وجود شعب طموح ومتمكن تقنيًا، فليس من المستغرب أن تُعرف الإمارات اليوم بأنها عاصمة العملات الرقمية في العالم العربي".
وتشهد دول الخليج الأخرى بدورها تطورًا لافتًا في هذا المجال، إذ سجّل سوق العملات المشفّرة في المملكة العربية السعودية نموًا كبيراً بنسبة 153%، فيما اختارت سلطنة عُمان طريق الاستدامة من خلال استثمار أكثر من 1.1 مليار دولار في بنية تحتية صديقة للبيئة لتعدين العملات المشفّرة، لتُصبح مركزًا إقليميًا لهذا النوع من العمليات.
وعلّق رامي الصريدي، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، قائلاً: "تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة ولادة جيل جديد لا يكتفي بالاستثمار في العملات المشفّرة فحسب، بل يسعى لفهمها وتطويرها والمشاركة في رسم مستقبلها. كما تشهد السوق طفرة في قطاع تعدين البيتكوين، مدفوعًا بالرغبة في اللامركزية، الشفافية، والابتكار المستدام.
وحافظت عملة البيتكوين في الهيمنة على السوق، بينما تعزّز عملة الإيثريوم مكانتها بفضل مرونتها. وتُمثل العملات المستقرة اليوم 66% من إجمالي المعاملات عبر سلاسل بلوكتشين في الشرق الأوسط، ما يبرز دورها كمخزن للقيمة ووسيلة للدفع، في حين يجذب ترميز الأصول الواقعية مثل العقارات والسندات اهتمامًا متزايدًا من قبل الشركات في المنطقة.
وبفضل تواجدها في الإمارت، ومع وجود أكثر من 60 ألف مستخدم في المنصّة حول العالم، تلعب شركة "ماينينغ غريد" دورًا محوريًا في تسريع تبني العملات المشفّرة من خلال تقديمها حلول تعدين متاحة وسهلة الاستخدام وموفرة للطاقة.
وبالنظر نحو المستقبل، يتوقع محللو شركة "ماينينغ غريد" أن تُصبح حسابات العملات المشفّرة التي يديرها الشباب أكبر شريحة جديدة تنضم إلى السوق في المنطقة بحلول الربع الأخير من عام 2025، مع استمرار دول الخليج في استكشاف ممارسات تعدين العملات المشفّرة المستدامة. ويتوقع التقرير استمرار النمو في منصات العملات المشفّرة القائمة على الهواتف الذكية وتقنيات التلعيب الرقمية، إضافة إلى نمو المشاركة المؤسسية في الأصول الرمزية وتسريع تبنّي نماذج التعدين المدعومة بالطاقة النظيفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.