خسارة تاريخية لغوغل وأبل في أستراليا.. ما الأسباب والعواقب؟

في قرار تاريخي، قضت المحكمة الفيدرالية الأسترالية، اليوم الثلاثاء، بحكم ضد شركتي التكنولوجيا العملاقتين أبل وغوغل، ما يمثل انتصاراً كبيراً للمستهلكين في أستراليا، حيث وجدت المحكمة أن الشركتين انخرطتا في سلوك مناهض للمنافسة. 

ويأتي هذا الحكم ضمن سلسلة كبيرة من الاحكام التي تطال الشركتين الكبيرتين منذ أكثر من عام في مناطق شتى من العالم، ومنها في منطقة الاتحاد الأوروبي.

القاضي الأسترالي جوناثان بيتش، قضى بأن الشركتين خالفتا القانون من خلال إساءة استخدام قوتهما السوقية في الطريقة التي تديران بها متاجر التطبيقات التي تبيع كل شيء من تطبيقات الهواتف الذكية إلى ألعاب الكمبيوتر، وفقاً لما نشرته شبكة «إيه بي سي» الأسترالية على موقعها الرسمي.

تعويضات بالجملة للمستهلكين

ويمهد هذا الحكم القضائي الطريق أمام دعوتين قضائيتين جماعيتين تشملان ملايين المستهلكين والمطورين الأستراليين للسعي للحصول على تعويضات كبيرة عن السعر والعمولات التي دفعوها مقابل المحتوى الرقمي، والتي كانت مبالغا فيها بشكل كبير في متاجر التطبيقات، بحسب الممثلين القانونيين للدعاوى القضائية الجماعية.

 الأمر لا يتوقف عند أبل وغوغل، بل امتد نحو شركة «إيبك غيمس» (Epic Games)، التي تطور لعبة «فورتنايت» الشهيرة واسعة الانتشار حول العالم، وقد قرر القاضي الأسترالي نفسه

الحكم القضائي يشير إلى أن غوغل وأبل انتهكتا المادة 46 من قانون المنافسة وحماية المستهلك من خلال إساءة استخدام قوتهما السوقية لتقليل المنافسة، لكنه رفض مزاعم أخرى بقيام الشركتين بالانخراط في سلوك غير عادل.

تغير المشهد الرقمي في أستراليا

المتخصصون في التطبيقات التكنولوجية في أستراليا، يرون أن المشهد الرقمي لا سيما في عمل المنصات الرقمية في أستراليا سيتغير عقب هذا الحكم القضائي، كما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار وزيادة المنافسة والمزيد من الابتكار، حيث سيتم تحديد المبلغ الدقيق للتعويض الذي قد يحق لـ15 مليون مستهلك و150 ألف مطور تطبيقات، الحصول عليه في جلسة استماع أخرى.

وكانت قد أقيمت دعاوى جماعية من قبل شركتي المحاماة «فيني ماكدونالد» و «موريس بلاكبيرن»، نيابة عن مطوري التطبيقات الذين باعوا تطبيقاتهم ومحتويات أخرى، بالإضافة إلى المستخدمين الذين اشتروها من متاجر أبل وغوغل بين نوفمبر 2017 حتى يونيو 2022.

وأكد جويل فيبس، مدير شركة فيني ماكدونالد، لشبكة «إيه بي سي»، أن «حجم التعويضات قد يكون كبيراً، ومن المرجح أن يصل إلى مئات الملايين من الدولارات».

ردود فعل الشركات 

الحكم القضائي الأسترالي أثار ردود فعل غاضبة لدى الشركات التكنولوجية العملاقة، فقد نشرت شركة «إيبيك غيمس» بياناً في منصتها على إكس، تبنت فيه رأي أصحاب الدعوى القضائية ضد أبل وغوغل، معتبرة أن الشركتين مارستا احتكارات غير قانونية لمبيعات التطبيقات، من خلال حظر أو تثبيط المتاجر أو المواقع الإلكترونية الأخرى بشدة.

وهذا يعني أن مطوري التطبيقات اضطروا إلى استخدام منصات الدفع الخاصة بشركات التكنولوجيا العملاقة، حيث جمعت الشركتان ما بين 15 و30% من إيرادات المبيعات في شكل رسوم.

وكانت المعركة القانونية قد بدأت في عام 2020، عندما تم طرد «فورتنايت»، اللعبة ذاعة الصيت والانتشار حول العالم، من متجري تطبيقات أبل وغوغل لتقديم نظام الدفع الخاص به داخل التطبيق, والمعروف أن شركة «إيبيك غيمس» هي المطورة للعبة «فورتنايت»، وقامت هي الأخرى برفع دعاوى قضائية على أبل وغوغل.

ويُعد متجر تطبيقات أبل هو المنصة الحصرية التي يتم من خلالها توزيع تطبيقاتها الأصلية، وبموجب شروطها وأحكامها للمطورين، فإنها لن تسمح بتوزيع أي متجر تطبيقات تابع لجهة خارجية على أجهزتها آيباد وآيفون في أستراليا.

وفي الوقت الذي قالت فيه أبل إنها فرضت هذه القيود بسبب المخاوف الأمنية والمخاطر، حكم القاضي جاستس بيتش بأنها لا تزال مناهضة للمنافسة، وقال إن الطريقة التي تدير بها شركة أبل متجر التطبيقات الخاص بها ومتطلباتها التي تلزم المطورين باستخدام منصة الدفع الخاصة بها أثرت سلباً على المنافسة.

وفي بيان لها، قالت شركة أبل: «نرحب برفض المحكمة الأسترالية لبعض ادعاءات إيبيك، ومع ذلك، فإننا نختلف بشدة مع حكم المحكمة بشأن الجزء الآخر».

وأكد البيان أن شركة أبل تواجه منافسة شرسة في جميع الأسواق التي تعمل فيها، وتواصل الاستثمار والابتكار لجعل متجر التطبيقات المكان الأكثر أماناً للمستخدمين للحصول على التطبيقات، وفرصة عمل رائعة للمطورين في أستراليا وحول العالم.

وتقول شركة أبل إنها تواجه منافسة شديدة من غوغل وسامسونع ومتاجر أخرى، وأن العمولات التي تفرضها على المطورين تتناقص وأن الكثير منهم لا يدفعون أي شيء على الإطلاق.

معركة قانونية تاريخية كما وصفتها وسائل الإعلام الأسترالية، انتهت في فصلها الأول لصالح المستهلك الأسترالي، لكن مسيرة طويلة من الدعاوى لا تزال قيد الانتظار.. فهل تربح أبل وغوغل المعارك القانونية القادمة.. أم يتوقف قطار إنجازاتها في «سيدني»؟