logo
تكنولوجيا

المغرب يتجه إلى شبكات 5G.. خطوة نحو الاقتصاد الرقمي وجذب الاستثمار

المغرب يتجه إلى شبكات 5G.. خطوة نحو الاقتصاد الرقمي وجذب الاستثمار
موظفتان داخل مركز لمعالجة البيانات في مدينة الدار البيضاء ، المغرب - 5 أبريل 2018 المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:22 يوليو 2025, 04:00 ص

في خطوة تعكس تسارع وتيرة التحول الرقمي في المغرب، تتحرك الرباط نحو اعتماد شبكات الجيل الخامس (5G) كرافعة جديدة لدعم الاقتصاد، بعد موجة من الاستثمارات الضخمة في قطاعات البنية التحتية والطاقة، لتشكّل بذلك الضلع الثالث في معادلة التنمية، بالتزامن مع استعداد البلاد لاستضافة فعاليات كبرى مثل كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030.

وقد تُرجمت هذه التوجهات بإعلان المغرب، في 11 يوليو الجاري، فتح باب المنافسة أمام الشركات للحصول على تراخيص إنشاء واستغلال شبكات الجيل الخامس، وهي خطوة وصفها خبراء الاقتصاد بـ«الهامة للغاية»، إذ تأتي في سياق استكمال الرؤية الاقتصادية للمملكة 2030، وتعزيز الجاهزية التقنية لمشاريع واستثمارات وفعاليات كبرى مرتقبة.

فيما أكد خبراء أن تحديات قطاع الاتصالات، مثل الحاجة لتطوير البنية التحتية وتوفير التمويل، لن تُثني المغرب عن إطلاق الجيل الخامس، خاصة في ظل التوجه نحو دعم قطاعات استراتيجية مثل الصناعة والزراعة. كما توقعوا أن يشهد السوق تنافساً تقليدياً بين الشركات المحلية، مع احتمال دخول استثمارات أجنبية جديدة.

تستهدف استراتيجية «المغرب الرقمي 2030» رفع نسبة تغطية خدمة الجيل الخامس إلى 25% من السكان بحلول عام 2026، ثم إلى 70% بحلول عام 2030، وهو الموعد المقرر لاستضافة كأس العالم. كما تهدف إلى ربط 5.6 مليون منزل بالألياف البصرية بحلول 2030، وتغطية نحو ألفي منطقة نائية أو ضعيفة الاتصال بحلول 2026، إلى جانب تقديم منح لدعم تغطية القرى بإنترنت الأقمار الصناعية.

استثمارات متنامية في البنية التحتية

في فبراير الماضي، أعلن المغرب – عبر إعلانات صادرة عن الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء ووزارة النقل – عن استثمارات ضخمة في قطاعي الكهرباء والطاقة المتجددة، والسكك الحديدية، بقيمة تصل إلى 27 مليار درهم (2.7 مليار دولار) و96 مليار درهم (9.62 مليار دولار) على التوالي خلال خمس سنوات، وهي الفترة التي تنتهي مع انطلاق مونديال 2030.

بعد أشهر من هذه الخطط، أصبح قطاع الاتصالات في صلب الاهتمام، مع إعلان فتح باب المنافسة على تراخيص الجيل الخامس في 11 يوليو.

أخبار ذات صلة

«المركزي المغربي» يدرس إطلاق عملة رقمية وطنية للمدفوعات والتحويلات

«المركزي المغربي» يدرس إطلاق عملة رقمية وطنية للمدفوعات والتحويلات

أوضحت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، في بيان، أن هذه الخطوة تهدف إلى "تسريع التحول الرقمي، وتمكين المملكة من أحدث تقنيات الاتصال المتنقل، بما يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف المجالات".

وتُوفر تكنولوجيا الجيل الخامس سرعات نقل بيانات تصل إلى 20 غيغابت في الثانية، أي ما يزيد بأكثر من عشرين ضعفاً عن الجيل الرابع، كما تستجيب لاحتياجات قطاعات الصناعة، والنقل، والصحة، والزراعة، وفق البيان.

في يونيو الماضي، أعلنت شركة اتصالات المغرب، أكبر مشغل اتصالات في البلاد، عن جمع 3 مليارات درهم (330 مليون دولار) من أول إصدار خاص لسندات محلية، موضحة أن العائدات ستُستخدم لإعادة تمويل جزء من ديون الشركة ودعم استثماراتها في شبكات الجيل الخامس والألياف البصرية.

في الشهر نفسه، أعلنت الوزيرة المغربية المكلفة بالانتقال الرقمي، أمل الفلاح السغروشني، أمام البرلمان، قرب إطلاق خدمات الجيل الخامس في المملكة، مؤكدة أن المدن المستضيفة لمباريات كأس العالم 2030 ستحظى بتغطية كاملة. كما أوضحت أن المملكة تستهدف مساهمة الاقتصاد الرقمي بـ100 مليار درهم (11 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.

شراكات وتوسع في البنية الرقمية

في سبتمبر 2024، أطلقت الحكومة المغربية استراتيجية وطنية للتحول الرقمي بميزانية قدرها 1.1 مليار دولار، تهدف إلى رقمنة الخدمات الحكومية وتحفيز الاستثمار والتنمية الاقتصادية.

في مارس الماضي، أعلنت شركتا اتصالات المغرب (الحكومية) وإنوي (الخاصة) عن توقيع اتفاقية شراكة موسّعة لتسريع نشر شبكات الألياف البصرية وتكنولوجيا الجيل الخامس، شملت تأسيس شركتين، هما (FiberCo) لتسريع تنفيذ مليون وصلة بالألياف البصرية خلال عامين، و3 ملايين خلال خمس سنوات، و(TowerCo) لتشييد 2000 برج جديد خلال 3 سنوات، و6000 برج خلال 10 سنوات لدعم انتشار الجيل الخامس.

وتُقدَّر الاستثمارات المخصصة للمرحلة الأولى من هذا المشروع بنحو 4.4 مليار درهم (450 مليون دولار) خلال ثلاث سنوات، على أن يتم تنفيذ الشراكة بعد الحصول على موافقة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات.

في 22 أبريل الماضي، نقلت وسائل إعلام محلية تقديرات غير رسمية تشير إلى أن الإطلاق الفعلي لخدمة الجيل الخامس سيبدأ في نوفمبر المقبل، أولاً في المدن الكبرى، بالتزامن مع تنظيم كأس الأمم الإفريقية 2025، على أن يشمل تدريجياً ما يُعرف بـ«المواقع الاستراتيجية»، مثل المناطق الصناعية، والإدارات العمومية، ومراكز الأبحاث، ومصانع السيارات والطيران، والجامعات.

إنجاز كبير

قال رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، الخبير الاقتصادي المغربي رشيد الساري، في تصريحات لـ«إرم بزنس»، إن هناك عدة عوامل ساهمت في فتح الباب أمام شركات الاتصالات للحصول على تراخيص شبكات الجيل الخامس، في مقدمتها تطبيق رؤية المغرب 2030، والفعاليات الرياضية الكبرى المقبلة، إلى جانب الحاجة إلى مواكبة الاستثمارات الضخمة التي ضختها المملكة في قطاعات النقل والمواصلات والطاقة المتجددة. وأوضح أن تعزيز البنية التحتية يجب أن يُقابل بتطور تكنولوجي كبير، وهو ما يتحقق من خلال هذه الخطوة.

أخبار ذات صلة

المغرب يدعو الشركات إلى تقديم عروض لتراخيص شبكة الجيل الخامس

المغرب يدعو الشركات إلى تقديم عروض لتراخيص شبكة الجيل الخامس

ويرى الساري أن هذا الإعلان الحكومي من شأنه جذب استثمارات جديدة عبر توفير بيئة تنافسية تضمن جودة أعلى في قطاع الاتصالات، حتى وإن كانت بتكلفة أكبر، مرجحاً أن تسهم هذه التنافسية في استقطاب رؤوس أموال أجنبية تصب في صالح تعزيز الاقتصاد الوطني.

ورغم إقراره بوجود بعض الصعوبات المرتبطة بالبنية التحتية لشبكات الجيل الخامس، يؤكد الساري أن المغرب قادر على تحقيق "إنجاز كبير" في قطاع الاتصالات، كما فعل في قطاعات أخرى خلال السنوات الماضية.

فرص أكبر

من جانبه، يرى أستاذ قانون الأعمال والاقتصاد في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والمستشار الوزاري المغربي السابق، بدر الزاهر الأزرق، في حديثه لـ«إرم بزنس»، أن توجه المغرب نحو اعتماد تكنولوجيا الجيل الخامس يمثل تحولاً جوهرياً ضمن سلسلة من التحولات الاقتصادية المتسارعة التي تشهدها مختلف القطاعات.

أوضح الأزرق أن المغرب يسير نحو فك ارتباط اقتصاده التقليدي بالقطاعات الفلاحية والاستخراجية والسياحية والخدمية، متجهاً نحو دعم اقتصاد صناعي يرتكز على ثلاثة أعمدة: التكنولوجيا، واستثمارات النقل والمواصلات، والطاقات المتجددة، مشيراً إلى أن التوجه نحو الجيل الخامس يمثل أحد هذه الأعمدة الحيوية.

كما أكد أن الانتقال إلى الجيل الخامس لا يُعد ترفاً، بل ضرورة تمليها المتغيرات الاقتصادية والفعاليات الدولية الكبرى التي تستعد البلاد لاستقبالها، مثل كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030، قائلاً: «لا يعقل أن تستضيف البلاد هذه الفعاليات بشبكة اتصالات غير محدثة».

وشدد الأزرق على أن شبكة الجيل الخامس ستفتح آفاقاً أوسع للاستثمار في قطاعات اقتصادية متعددة، وستوفر فرصاً كبيرة في مجال التشغيل، خاصة أن معظم القطاعات باتت تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الحديثة.

أشار إلى أن المغرب سيواجه، بطبيعة الحال، تحديات مرتبطة بالبنية التحتية للاتصالات، إلا أن هذه التحديات ستُواجه بشكل أكثر فاعلية خلال الفترة المقبلة في ظل انخراط البلاد في مشروع استثماري ضخم.

وتوقع الأزرق أن يُسهم تحديث شبكة الاتصالات في فتح الباب على مصراعيه أمام المستثمرين، مرجحاً ألا تخرج نتائج المنافسة على تراخيص الجيل الخامس عن الشركات الثلاث الكبرى التي تحتكر السوق حالياً، بما في ذلك الشركة الحكومية، مع إمكانية تشكيل ائتلافات جديدة تضم مستثمرين أجانب للمشاركة في هذا الاستثمار الواعد.

نمو يتزايد

وفقاً للبيانات الرسمية الصادرة في أبريل الماضي، بلغ عدد مشتركي الإنترنت في المغرب بنهاية عام 2024 نحو 40.22 مليون مشترك، بحسب الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT).

فيما سجّل هذا العدد زيادة تقارب مليوني مشترك مقارنة بنهاية عام 2023. وشكّلت اشتراكات الإنترنت المتنقل 93.09% من إجمالي عدد المشتركين، في حين بلغت نسبة اشتراكات الإنترنت الثابت 6.59% فقط.

واستحوذت شركتا «أورنج» و«إنوي» على 69.24% من إجمالي عدد المشتركين، بينما نالت شركة "اتصالات المغرب" الحصة المتبقية البالغة 30.76%.

فيما يتعلق بسرعات الإنترنت، يستفيد 71.75% من مشتركي خدمات ADSL من سرعات تقل عن 8 ميغابت في الثانية، في حين يتمتع 28.25% بسرعات أعلى.

وفي الربع الأول من عام 2025، أعلنت مجموعة اتصالات المغرب أنها نجحت في توسيع قاعدة عملائها بنسبة 3.6%، لتقترب من 80 مليون مشترك.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC