تشهد سوق المحتوى الرقمي في منطقة الشرق الأوسط نمواً متسارعاً، مع تزايد الطلب على تجارب رقمية مخصصة للجمهور الناطق بالعربية، تشمل مجالات السرد القصصي والموسيقى والألعاب الإلكترونية. وتستجيب شركات ناشئة في المنطقة لهذه الفرصة من خلال توظيف الثقافة العربية في منتجاتها، مستفيدة من التطور التكنولوجي والبنية التحتية الرقمية المتنامية في المنطقة.
كما بادرت شركات عالمية إلى مواكبة هذا التوجه؛ إذ أطلقت «غوغل» ميزة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح تحويل النصوص إلى قصص متكاملة باللغة العربية، تتضمن صوراً أصلية وسرداً صوتياً وحواراً، بحسب تقرير نشره موقع AGBI.
إقليمياً، توسّع الشركة الناشئة القطرية «راوي الكتب» (Rawi Al Kotob) عروضها من المحتوى الصوتي العربي، بما في ذلك القصص والبودكاست والكتب الصوتية، لتشمل السوق السعودية.
وقالت المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية للشركة، رشا السليطي، لموقع AGBI إن الطلب على المحتوى الثقافي العربي «واضح ومتسارع» في مختلف أنحاء المنطقة، مشيرة إلى أن «الجمهور يريد محتوى يتماشى مع لغته وهويته وقيمه».
وأضافت السليطي أن التوسع نحو السعودية خطوة استراتيجية، بالنظر إلى منظومة الإبداع النشطة في المملكة، والبنية التحتية القوية للنشر، إضافة إلى وجود مسرّع أعمال متخصص في المشاريع الثقافية الناشئة.
وتسهم شركات أردنية أيضاً في هذا المشهد المتنامي. ففي أبريل الماضي، استحوذت منصة التعليم الأميركية «سيسو» (Seesaw) على شركة «ليتل ثينكينغ مايندز» (Little Thinking Minds)، وهي شركة أردنية تنتج قصصاً رقمية تعليمية باللغة العربية تستهدف طلاب المرحلة الأساسية بهدف تعزيز مهاراتهم اللغوية. كما تعمل شركة «طماطم» (Tamatem) الأردنية على تعريب ألعاب الفيديو العالمية لتتناسب لغوياً وثقافياً مع الجمهور العربي.
لكنّ ارتفاع الطلب الإقليمي لا يضمن النجاح دائماً. فقد أعلنت شركة «أنغامي» (Anghami)، أول منصة موسيقية عربية وأول شركة تقنية عربية تُدرج في بورصة «ناسداك» (Nasdaq)، عن تنفيذ تجزئة عكسية لأسهمها بنسبة 1 إلى 10، في محاولة لتفادي الشطب المحتمل بعد سنوات من التراجع المتواصل في سعر سهمها.
ورغم أن «أنغامي» تمتلك حقوق أكثر من 70 مليون أغنية، فإن الأغاني العربية لا تتجاوز 600 ألف، أي أقل من 1%. ومع ذلك، تمثل الأغاني العربية 60% من إجمالي عدد الاستماعات، بحسب الشريك الإداري في شركة «ميدل إيست فنتشر بارتنرز» (Middle East Venture Partners) والرئيس المالي السابق لـ«أنغامي»، ربيع خوري.
وقال خوري لموقع AGBI: «من المؤسف أن يحدث هذا في سوق ناشئة تمتلك بنية تحتية قوية للاتصالات ونسبة انتشار عالية للهواتف الذكية». وأضاف: «الأدوات اللازمة لتقديم المحتوى متاحة على نطاق واسع، ما يعني أن المحتوى الرقمي العربي عالي الجودة يمكن أن يكون مجدياً تجارياً عندما يتوفر».
لكن رغم تعثر بعض التجارب، لا يزال قطاع المحتوى العربي الرقمي يجذب المستثمرين، إذ أعربت الشريكة في «المنتدى العالمي للاستثمار في الشركات الناشئة» (WBAF)، لوسي تشاو، عن تفاؤلها تجاه المشاريع الرقمية باللغة العربية، لا سيما في قطاع الألعاب.
وأشارت إلى أن صناعة الألعاب العالمية تُقدّر قيمتها بنحو 200 مليار دولار، مضيفة أن تقريراً صادراً عن شركة «نيكو بارتنرز» (Niko Partners) كشف أن 75% من اللاعبين في السعودية والإمارات وقطر يعتبرون تمثيل الثقافة العربية داخل الألعاب عنصراً مهماً في تجربتهم.
ومع ذلك، لا تزال الألعاب المنتَجة باللغة العربية نادرة، وهو ما يشكل فرصة، بحسب تشاو التي قالت: «يتمتع المطورون والمنتجون في هذا المجال بموقع مثالي للاستفادة من النمو السريع الذي يشهده قطاع الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».