وسط تراكم الرسائل الإلكترونية في صناديق البريد بعد الإجازات، يجد المديرون التنفيذيون حلاً غير تقليدي في أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
فبدلاً من قضاء ساعات طويلة في مراجعة الرسائل، باتت شركات مثل «مايكروسوفت» و«غوغل» تقدم حلولاً قائمة على الذكاء الاصطناعي تتيح تصنيف الرسائل، تلخيصها، والرد عليها؛ ما يخفف العبء اليومي الهائل على المدراء والعاملين على حد سواء.
«جي ميل» (Gmail)، على سبيل المثال، يقدم أداة يمكنها تلخيص مئات الرسائل الإلكترونية في دقائق، وتحديد الأولويات العاجلة تلقائياً. ويعتمد بعض كبار القادة على أداة الذكاء الاصطناعي به لمسح آلاف الرسائل المتراكمة بعد إجازاتهم.
تقول ميلاني روزنواسر، رئيسة قسم الموارد البشرية في شركة «دروبوكس»، التي توسعت لتتجاوز نشاطها الأساسي في تخزين الملفات لتشمل عروض الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تلك التي تساعد على العودة إلى العمل بعد الإجازة: «من عوائق قضاء الإجازة عدم الرغبة في تفويت أي شيء أو أن تصبح العطلة عقبة في طريق تنفيذ المهام». وتضيف: «هذه الأدوات تُزيل بعض الشعور بالذنب»، وفقاً لما قالته وكالة «بلومبرغ».
بلغت قيمة سوق أدوات الذكاء الاصطناعي المعززة للإنتاجية نحو 9 مليارات دولار خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن تتجاوز 36 مليار دولار عالميًا بحلول عام 2030، وفقًا لتقديرات شركة «غراند فيو ريسيرتش». ويُعد هذا القطاع واحداً من بين ملايين الطرق، الكبيرة والصغيرة، التي يغيّر بها الذكاء الاصطناعي أساليب العمل حول العالم.
ورغم الزخم الكبير المحيط بهذه التكنولوجيا، فإن معدلات استخدامها لا تزال محدودة؛ إذ أشار استطلاع حديث لمركز «بيو» للأبحاث إلى أن 16% فقط من العاملين الأميركيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في وظائفهم.
أظهرت بعض الدراسات أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في إدارة البريد الإلكتروني يمكن أن يوفر للمديرين التنفيذيين ما يصل إلى 10 ساعات أسبوعياً، وهو وقت يمكن تخصيصه لمهام استراتيجية أخرى.
تقول ساندرا هامبلز، كبيرة مسؤولي التعلم في شركة «جونسون آند جونسون» للأدوية، إن الذكاء الاصطناعي ساعدها على وضع حدود أكثر صرامةً لعملها منذ حوالي عام. وتضيف: «استعدتُ 30% من وقتي»، مُشيدةً ببرنامج (Copilot) لأتمتة مهام مثل فرز البريد الإلكتروني وتخطيط المشاريع.
وتُظهر التجارب أن هذه الأدوات لا تقتصر على تصفية الرسائل المزعجة، بل تساعد أيضاً في تقديم ملخصات دقيقة لاجتماعات البريد الإلكتروني ومقترحات رد ذكية.
ورغم الفوائد، لا تزال هناك مخاوف تتعلق بالخصوصية ودقة الفهم السياقي. بعض المستخدمين يفضلون التدخل اليدوي في قراءة الرسائل الحساسة، ويرون أن الذكاء الاصطناعي لا يزال يفتقر إلى «اللمسة البشرية» المطلوبة في بعض الردود.
كما لا يريد الجميع أن يقرأ الذكاء الاصطناعي جميع مراسلاتهم، على سبيل المثال، الموظفين الذين يتعاملون مع معلومات حساسة أو سرية - مثل متخصصي الموارد البشرية أو الفرق القانونية أو المديرين التنفيذيين الذين يتعاملون مع العملاء - فإن فكرة وجود مثل هذه الأداة التي تبحث في الرسائل الخاصة تثير القلق حول تعرض البيانات للانتهاك. كما تكافح أدوات الذكاء الاصطناعي مع النبرة المختلفة والسخرية في السياق؛ ما يجعل من الخطر جعلها تلخص أو تقترح ردودًا.
ومع استمرار تطور التكنولوجيا، يبدو أن أدوات الذكاء الاصطناعي مرشحة لأن تصبح جزءاً أساسياً من بيئة العمل الحديثة، ليس فقط لتخفيف عبء الرسائل، بل أيضاً لإعادة تعريف الإنتاجية في المكاتب.