قمة سلامة الذكاء الاصطناعي ببريطانيا.. مساع دولية لدرء الخطر

خاص
خاص

يلامس سوق الذكاء الاصطناعي الـ207 مليارات دولار أميركي، ويٌُتوقع أن يحلق أكثر، لكنه يحمل في طياته مخاطر جمة، تؤثر على كافة مناحي الحياة، ما يستدعي تحركات دولية، لبحث تنظيم التكنولوجيا الجديدة.

ويقدر حجم سوق الذكاء الاصطناعي في العالم بنحو 207 مليارات دولار أميركي، ومن المتوقع أن ينمو، بحلول عام 2030، ليصل إلى ما يقرب من تريليوني دولار أميركي، وفقا لموقع "ستاتيستا" الإحصائي.

 لكن تتزايد المخاوف والتكهنات السلبية حول مستقبل البشر، مع التوغل المتسارع للذكاء الاصطناعي في الحياة.

وعلى الرغم من بعض الآراء التي تقول إن الذكاء الاصطناعي موجود لمواجهة المشاكل الصحية، وإصلاح الفجوات الرقمية في التعليم، والقيام بأعمال جيدة أخرى، إلا أن الآخرين يشعرون بالقلق، من التهديدات التي يشكلها في الحرب والأمن والمعلومات المضللة، وجرس إنذار في الأعمال التجارية وغير ذلك.

وفي هذا السياق، يجتمع مجموعة من رؤساء الحكومات، والأكاديميين والمنظمين، والشركات الناشئة، وكبرى شركات التكنولوجيا، وعشرات المنظمات الربحية وغير الربحية، في المملكة المتحدة، يومي الأربعاء والخميس، في أول حدث من نوعه، تحت عنوان "قمة سلامة الذكاء الاصطناعي".

وتنعقد القمة في بلتشلي بارك، الموقع التاريخي الذي كان في يوم من الأيام المقر الرئيسي لعمليات فك الشفرات السرية خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الآن المتحف الوطني للحوسبة.

وتهدف القمة إلى استكشاف بعض الأسئلة والمخاطر طويلة الأجل التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، من بينها "فهم مشترك للمخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي الحدودي والحاجة إلى العمل".

بالإضافة إلى "عملية مستقبلية للتعاون الدولي بشأن سلامة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك أفضل السبل لدعم الأطر الوطنية والدولية"، و"التدابير المناسبة التي يجب على المنظمات الفردية اتخاذها لزيادة سلامة الذكاء الاصطناعي"، وما إلى ذلك، وفقا لموقع "تيك كرانش" التقني.

اختلافات حول معايير الحضور

على الرغم من وفرة الأحداث التي تناقش قضايا الذكاء الاصطناعي ونواياها الحسنة، إلا أن القمة مثلت نقطة مؤلمة للغاية بالنسبة للناس، إذ يدور المؤتمر في أروقة السلطة، وسيتم إغلاق معظم الجلسات للضيوف المدعوين فقط.

وأرسلت مجموعة من 100 نقابة عمالية وناشط حقوقي رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، تفيد بأن الحكومة "تكتم" أصواتهم في المحادثة، من خلال عدم جعلهم جزءًا من حدث بلتشلي بارك، وفقا لـ"تيك كرانش".

ووصف خبير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي المقيم في لندن، عظيم أزهر، نظام الحضور المحدود في القمة بـ"التذاكر الذهبية".

فيما انتقدت جينا نيف، المديرة التنفيذية لمركز مينديرو للتكنولوجيا والديمقراطية في جامعة كامبريدج، القمة، واعتبرت أن مجموعة من الناس سيجتمعون "للحديث عن البقية كالعادة".

في المقابل، يعتقد ماريوس هوبهان، عالم أبحاث الذكاء الاصطناعي، وهو أيضًا المؤسس المشارك ورئيس شركة أبولو للأبحاث، أن الأعداد الأصغر يمكن أن تخلق أيضًا مزيدًا من التركيز: "كلما زاد عدد الأشخاص الموجودين في الغرفة، زادت صعوبة الوصول إلى أي استنتاجات، أو لإجراء مناقشات فعالة".

  العالم يتحرك من أجل السلامة

وبدأت جهود المملكة المتحدة في التوالي تباعا، فالقمة ليست الخطوة الأولي، إذ حدد سوناك، الأسبوع الماضي، نية لإطلاق معهد جديد للسلامة من الذكاء الاصطناعي، وشبكة أبحاث في المملكة المتحدة لوضع المزيد من الوقت والتفكير في تداعيات الذكاء الاصطناعي.

والخميس الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن تعيين لجنة استشارية عالمية مكونة من 39 عضوا لتقديم تقرير عن الحوكمة الدولية للذكاء الاصطناعي ومخاطره وتحدياته وفرصه الرئيسية.

وقال الأمين العام "في أوقاتنا الصعبة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز التقدم الاستثنائي للبشرية".

بينما أعلن البيت الأبيض، الاثنين، عن مجموعة قواعد ومبادئ تهدف إلى التحقق من أن أميركا "ترسم الطريق" لتنظيم الذكاء الاصطناعي، بدءًا من تمويل أشكال جديدة من التكنولوجيا، إلى تضييق الخناق على الانتهاكات المحتملة للذكاء الاصطناعي، وفقا لصحيفة "بوليتيكو" الأميركية.

  خطر وجودي

في هذا الإطار، أشار مات كيلي، أستاذ رياضيات الأنظمة في جامعة كامبريدج، إلى أن أحد الجوانب الضارة للذكاء الاصطناعي، والتي يتم الاستشهاد بها كثيرًا هو المعلومات المضللة.

وأوضح أن "المعلومات المضللة ليست جديدة.. ولكن هذا أحد المجالات التي نعتقد أن الذكاء الاصطناعي على المدى القصير والمتوسط، له مخاطر محتملة مرتبطة به وهذه المخاطر تتطور ببطء بمرور الوقت".

واعتبر أن القمة "محاولة لمحاولة فهم المخاطر بشكل أفضل قليلاً الآن".

 وحول المخاطر، قال ريشي سوناك، في خطاب الأسبوع الماضي: "في الوقت الحالي، ليس لدينا فهم مشترك للمخاطر التي نواجهها. وبدون ذلك، لا يمكننا أن نأمل في العمل معا لمعالجتها. لهذا السبب سنضغط بشدة للاتفاق على أول بيان دولي على الإطلاق حول طبيعة هذه المخاطر".

وعلى الجانب الاقتصادي، أشار سوناك إلى أنه "من خلال جعل المملكة المتحدة رائدة عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي الآمن، سنجذب المزيد من الوظائف والاستثمارات الجديدة التي ستأتي من هذه الموجة الجديدة من التكنولوجيا".

وفي حديث لـ"إرم الاقتصادية"، قال الخبير في التكنولوجيا، كيفين بينيدا: "كل المجالات التكنولوجية لها جانب سلبي، والعالم يحاول رصد الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي، ليسبقها بخطوة أو خطوات، وبالتالي يصبح قادرا على مواجهتها". 

ورأى بينيدا أن "القمة التي تنطلق في بريطانيا غدا، والقرارات التي صدرت مؤخرا من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وغيرها، بداية جيدة لمواجهة الآثار السلبية لمثل ذلك المجال الشائك".

واختتم: "لا شك أن الذكاء الاصطناعي طفرة قوية وفتح سوقا ضخما بمئات المليارات، وله تأثيره الإيجابي على تطورنا والاقتصاد العالمي، لكن لابد من فهمه جيدا، ورصد آثاره السلبية، ومواجهتها، قبل أن تتحول هذه التكنولوجيا إلى خطر يهددنا".

الأكثر قراءة

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com