العوا: تقدم إقليمي بالخدمات الحكومية مع اتساع الفجوة بين الدول العربية
في خطوة مهمة لتعزيز مسيرة التحول الرقمي، أشار تقرير للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، إلى أن المنطقة العربية حققت تقدماً ملحوظاً في مؤشر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية والنقالة (GEMS) لعام 2024، حيث ارتفع متوسط المؤشر من 43% في عام 2023 إلى 45% في عام 2024.
ويعكس هذا الارتفاع، بحسب التقرير، تحسناً ملموساً في جودة الخدمات الرقمية وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية والناشئة، مما يسهم في تعزيز الكفاءة العامة للخدمات الحكومية.
محمد نوار العوا، المشرف على إعداد المؤشر بالإسكوا، متحدثاً إلى «إرم بزنس»: قال «على الرغم من الظروف المختلفة التي مرت بها بعض الدول العربية في عام 2024، إلا أن التحول الرقمي آخذ في الاتساع، وأن المنطقة آخذة في الاعتماد على التكنولوجيات لتحسين خدماتها وزيادة فعاليتها وجعلها ملائمة للمستخدم.
وأضاف العوا: «أن المؤشر يقيس نضوج الخدمات، وهذا لا يشير فقط إلى توفر الخدمة، بل إلى استخدامها ورضا المستخدم عنها. فالأثر الإيجابي هو تحسن الخدمات الحكومية وتعزيز شفافية واستجابة المؤسسات الحكومية لمتطلبات الأفراد والشركات.»
ومع هذا التقدم الإقليمي، لفت العوا إلى استمرار وجود «فجوة كبيرة بين الدول ذات النضوج الرقمي المتقدم جداً، وتلك التي لا تزال في مراحل مبكرة من التطور الرقمي»، حيث اتسعت هذه الفجوة من 91% في عام 2023 إلى 95% في عام 2024.
وأرجع هذا الاتساع إلى «التفاوت الكبير في الموارد الوطنية المتاحة لكل دولة والتحديات المرتبطة بالقدرة على تبني التكنولوجيات الحديثة.» وعلّق العوا على هذه الفجوة قائلاً: «يُلاحظ اتساع الفجوة عالمياً وليس فقط عربياً، لأننا نشهد اعتماداً متزايداً على التكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات الحكومية، وهذا ما يجعل الهوة أكبر بين الدول الجاهزة لهذه التكنولوجيات، وتلك التي لم تستعد لها.»
تصدرت كل من السعودية والإمارات نتائج المؤشر بمستوى نضوج بلغ 96% و95% على التوالي، مما يعكس اهتمامهما الكبير والدفع القوي بمسيرة التحول الرقمي على المستوى الوطني.
وجاءت قطر أيضاً ضمن مجموعة النضوج المتقدم جداً، تليها سلطنة عُمان والكويت في مجموعة النضوج المتقدم.
سلط التقرير الضوء على أداء القطاعات المختلفة، حيث جاءت قطاعات التعليم والعمل والمرافق والداخلية في مقدمة القطاعات التي حققت مستويات متقدمة من النضوج الرقمي. في المقابل، أشار التقرير إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود في قطاعات الصحة والسياحة لتعزيز استفادتها من التقنيات الرقمية.
بات من الواضح وفقاً لتقرير الإسكوا، الاهتمام المتزايد في المنطقة العربية بتطبيق التكنولوجيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي وسلاسل الكتل والحوسبة السحابية. ومع ذلك، أكد العوا أن «استخدامها في تقديم الخدمات الحكومية ما زال محدوداً.»
وحول هذا، شدد العوا على أنه «لا بد من السباق مع الزمن لرفع جاهزية الدول العربية في مجال التكنولوجيات الناشئة عموماً والذكاء الاصطناعي خصوصاً».
وأوصى بـ «البدء في وضع خطة وطنية للذكاء الاصطناعي بحيث يجري تحديد الرؤية والأهداف المراد بلوغها، وتوصيف أهم المبادرات والمشاريع الواجب إطلاقها.»
وبسؤاله حول الآثار الاقتصادية للتقدم الرقمي، يرى العوا، أن تطبيق التكنولوجيا الرقمية في العمل الحكومي يمكنه أن يخفف الهدر، ويمكن أن يزيد شفافية المؤسسات وقابليتها للمساءلة.
ولتضييق الفجوة الرقمية وتحقيق تنمية اقتصادية أكثر توازناً، اقترح العوا، تبادل التجارب الناجحة في المنطقة العربية، إذ إن الدول العربية التي تنتمي إلى فئة النضوج المتقدم جداً حسب تصنيف المؤشر GEMS هي دول قد قطعت شوطاً مهماً في التحوّل الرقمي للخدمات الحكومية، وهي حتماً على استعداد لنقل تجربتها إلى الدول العربية الأخرى.
على الرغم من الانتشار الجيد للهواتف النقالة في المنطقة، إلا أن استخدام التطبيقات النقالة في تقديم الخدمات الحكومية لا يزال محدوداً، حيث لا تزال البوابات الإلكترونية هي الوسيلة الرئيسية، بحسب تقرير الإسكوا.
في هذا السياق أكد محمد العوا: أن الوسيلة الأكثر رواجاً لتقديم الخدمات الحكومية هي مواقع الإنترنت أو ما يطلق عليها «البوابات». مطالباً بضرورة تشجيع الجهات الحكومية على تطوير التطبيقات النقالة لما في ذلك من سهولة في إيصال الخدمة إلى الأفراد والشركات". كما شدد العوا على أهمية تعزيز الخصائص الرقمية التي تسهّل استخدام الخدمات من قبل الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى البحث في كلفة النفاذ إلى الإنترنت النقال الواسع النطاق (mobile broadband) إذ إن هذه الكلفة لا تزال مرتفعة في بعض الدول العربية.