تشهد الإمارات ودول الخليج تسارعاً ملحوظاً في التحول الرقمي، مما يدفع الشركات إلى الانتقال من التساؤل حول جدوى تبني الذكاء الاصطناعي إلى البحث عن أفضل السبل لتطبيقه بفعالية. ويعتمد نجاح الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على جودة البيانات، حيث تُعد بيانات العملاء الدقيقة والمصرح بها في الوقت الحقيقي حجر الزاوية في هذا المجال.
هذا ملخص ما جاء في دراسة أجرتها شركة «تيليوم»، المعنية بجمع وتحليل بيانات العملاء وتمكين الشركات، حيث أفادت الدراسة بأن 81% من مستخدمي منصات بيانات العملاء (CDP) يحققون ميزة تنافسية في مبادراتهم المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مما يبرز أهمية جاهزية البيانات في تعزيز الأداء الاقتصادي للشركات.
علي بهنام، الشريك المؤسس في «تيليوم» وعبر حديث مع "إرم بزنس" يقول إن هذه النسبة تعكس التأثير المباشر لبيانات العملاء على تمكين الشركات في قطاعات حيوية مثل التجزئة، الرعاية الصحية، والخدمات المالية، من تقديم حلول مبتكرة ومخصصة، تعزز من مكانتها في السوق.
وأعطى بهنام مثالاً لذلك، قائلاً: «على سبيل المثال، يمكن لشركات التجزئة تحليل سلوك العملاء عبر أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقديم بيانات دقيقة تستطيع من خلالها الشركات توفير عروض مخصصة لعملائها، بينما تستطيع المؤسسات المالية تحسين خدماتها بناءً على توقعات دقيقة لاحتياجات العملاء».
تُظهر الأرقام أن الذكاء الاصطناعي أصبح محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي في الإمارات. يقول كارل كروثر، نائب رئيس شركة ألتيريكس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، في حديث مع إرم بزنس، إذ قام 63% من الشركات في الإمارات بدمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها، بينما قام 65% من قادة تكنولوجيا المعلومات بتسريع تنفيذ هذه التقنيات خلال العامين الماضيين.
كروثر، يرى أن هذه النسب تعكس تحولاً جذرياً في النهج الاستراتيجي للشركات، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي طموحاً مستقبلياً، بل أصبح واقعاً يدفع النمو الاقتصادي. كما أشار كروثر إلى أن 82% من قادة الأعمال في الإمارات يرون أن الذكاء الاصطناعي يشكل مستقبل مؤسساتهم، بينما يؤكد 94% من المحللين أن دورهم أصبح يؤثر مباشرة على القرارات الاستراتيجية.
تستثمر الشركات في الذكاء الاصطناعي لتحقيق قيمة مضافة تتجاوز الأتمتة. فعلى سبيل المثال، يُستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بسلوك العملاء، مما يتيح للشركات تصميم خدمات مخصصة تلبي توقعات العملاء بدقة. كما يساهم في تحسين سلاسل التوريد من خلال توقع الطلب وتقليل الهدر، مما يعزز الكفاءة التشغيلية ويقلل التكاليف.
أصبحت العديد من الشركات تعطي أولوية لتخزين البيانات محلياً، مدفوعة بمتطلبات الامتثال التنظيمي المتطورة واستراتيجيات البيانات الوطنية. ولهذا السبب يؤكد الشريك المؤسس في «تيليوم» علي بنهام، على ضرورة الاستثمار في مراكز بيانات محلية في الإمارات، مما يمكّن الشركات من الوفاء بمتطلبات الإقامة البيانية مع تفعيل رؤى العملاء في الوقت الفعلي.
وبسؤاله حول أهمية ذلك، يرى بنهام، أن تخزين البيانات محلياً يعزز الأمان ويقلل من المخاطر المرتبطة بانتهاكات البيانات، مما يعطي الشركات ميزة تنافسية في بناء الثقة مع العملاء. على سبيل المثال، يمكن للمؤسسات المالية استخدام بيانات العملاء المخزنة محلياً لتقديم خدمات مصرفية مخصصة مع ضمان الامتثال للوائح حماية البيانات.
بحسب تقرير نشرته شركة (PWC) ، يتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 320 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2030. هذا التوقع يعكس وفق كارل كروثر، نائب رئيس شركة ألتيريكس لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ، الإمكانات الهائلة في دفع النمو الاقتصادي لمختلف القطاعات وذلك عبر الاستفادة من أدوات تحليلية سهلة الاستخدام ومنخفضة التعليمات البرمجية.
تساهم هذه الأدوات، بحسب كروثر، في تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من الاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية. على سبيل المثال، يمكن لشركات التجزئة الصغيرة استخدام أدوات تحليلية لفهم أنماط الشراء وتحسين استراتيجيات التسويق، مما يعزز نموها الاقتصادي.