القاهرة تعوّل على المتحف لاستقطاب 3 ملايين سائح إضافي
في وقت كانت القاهرة تستعد لافتتاح «المتحف المصري الكبير» كأبرز حدث سياحي لهذا العام، جاءت الحرب بين إسرائيل وإيران لتفرض واقعاً مختلفاً، فقد دفعت التوترات الجيوسياسية الحكومة إلى تأجيل الافتتاح حتى الربع الأخير من العام بدلاً من مطلع يوليو المقبل، وسط اضطراب كبير في حركة الطيران وإلغاء واسع للحجوزات، خاصة في مدن السياحة الساحلية.
ورغم استمرار بعض الوجهات في جذب الزوار، إلا أن القطاع السياحي المصري ككل تأثر سلباً؛ ما ألقى بظلاله على موسم كان يُتوقع أن يكون استثنائياً بـ18 مليون سائح في نهاية العام الحالي، بعد النمو الملحوظ الذي شهدته الحركة السياحية خلال السنوات الأربع الماضية،
تعول القاهرة على «المتحف المصري الكبير» لزيادة أعداد السياح بنحو 3 ملايين شخص قبل أن تلقي التطورات في المنطقة بظلالها على واقع السياحة المصرية وفق ما أكده مسؤولون وخبراء بالقطاع لـ«إرم بزنس».
وأدت الحرب بين إسرائيل وإيران، والتي استمرت نحو أسبوعين، إلى خلل كبير في مسار الرحلات الجوية، وإلغاء آلاف الحجوزات الفندقية تحديداً في مدن مثل شرم الشيخ، وطابا، ونويبع، إضافة إلى تأجيل حجوزات أخرى كانت متوقعة مع دخول موسم الصيف السياحي.
ولم تفصح وزارة السياحة والآثار المصرية بالأرقام عن مدى تأثر الحركة السياحية خلال الأسبوعين الماضيين «فترة الحرب»، لكن الوزير شريف فتحي، تحدث مؤخراً عن نمو الحركة السياحية 26% خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي؛ ما يعني أن مصر كانت على موعد مع موسم سياحي حافل وواعد جداً.
استقطبت مصر 15.7 مليون سائح خلال العام الماضي بزيادة 5%، في وقت تعمل تأمل فيه الدولة مضاعفة هذه الأعداد إلى 30 مليوناً خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
قال عضو غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة المصرية، مجدي صادق لـ«إرم بزنس»، إن الصراع بين إسرائيل وإيران، دفع عدداً كبيراً من السيّاح لإلغاء حجوزاتهم في المدن القريبة من الأحداث على غرار شرم الشيخ، ودهب، ونويبع.
وقدّر حجم إلغاء الحجوزات بنحو 10%، مشيراً إلى تعويض هذه النسبة جزئياً في منطقة الساحل الشمالي، التي شهدت إقبالاً واسعاً من السياح، إذ شهدت الأيام الماضية نشاطاً ملحوظاً لنشاط طائرات «الشارتر» في الساحل الشمالي، ومدينة مطروح.
بدوره، رأى الخبير السياحي عماري عبد العظيم أن تأثير الحرب على السياحة المصرية كان طفيفاً، خاصة مع عدم تأثر المجال الجوي المصري بقوة بالأحداث الأخيرة.
ولفت إلى أن غالبية الوفود السياحية القادمة لمصر لم تتأثر بالأحداث، خاصة في ظل التنوّع الكبير في جنسيات الوافدين القادمين من روسيا، وإيطاليا، وإنجلترا، وألمانيا، وفرنسا.
توقّع عبد العظيم، حفاظ مصر في العام الحالي على معدلات السياحة الوافدة العام الماضي، أو زيادتها بنسبة قليلة نظراً لعدم وضوح الرؤية بشأن مآلات الأحداث في المنطقة، رغم وقف إطلاق النار أمس الثلاثاء بين إسرائيل وإيران.
في المقابل، جَزَمَ صادق بأن تحقيق النمو المستهدف في الحركة السياحية المصرية بنهاية العام الحالي، مرهون بتحقيق السلام بين إسرائيل وإيران من جهة، وإسرائيل وفلسطين من جهة أخرى.
وأضاف أن استمرار التوترات الجيوسياسية بالنصف الثاني من العام، سيجعل من الصعب بلوغ الرقم المستهدف، والوصول إلى 18 مليون سائح، وبالتالي سيكون تحقيق نفس معدلات وأرقام العام الماضي بمثابة إنجاز.
ورجح أن يشهد النصف الثاني من العام الحالي نشاطاً ملحوظاً للحركة السياحية، وزيادة معدلات إشغال الفنادق، خصوصاً أن أغسطس هو شهر «الإجازات» في مختلف أنحاء دول العالم.
ولفت إلى إمكانية التعويل على أكتوبر لاستقطاب المزيد من السيّاح إلى مصر، التي تتحول في هذا الشهر إلى «مشتى عالمي» لاسيما في الغردقة، ومرسى علم، وشرم الشيخ.
ولفت إلى سعي الحكومة لرفع معدلات إنفاق السيّاح عبر إنشاء مشروعات ترفيهية داخل الأماكن الأثرية بهدف تحفيز السيّاح على زيادة الإنفاق.
تفيد بعض الأرقام والتقديرات، أن السائح الواحد ينفق نحو 1000 دولار في المتوسط خلال رحلته إلى مصر، والتي تتراوح مدتها بين أسبوع و10 أيام.
وتعمل وزارة السياحو حالياً على وضع خطط ومشاريع لرفع هذا المعدل إلى نحو 1600 دولار، أي بزيادة 60%.
قال عبد العظيم، إن حدثاً كبيراً ومهماً كافتتاح المتحف المصري الكبير، سيكون له انعكاس ملحوظ على نمو الحركة السياحية هذا العام، وقد يعوّض أي تراجع في الحركة السياحية خلال الفترة الماضية.
من جهته، أشار عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية، ورئيس غرفة السلع السياحية، علي غنيم لـ«إرم بزنس» أن افتتاح المتحف خلال الربع الأخير من العام، سيسهم بشكل مباشر في زيادة عدد السيّاح، ليكون بمثابة «حصان» السياحة الرابح لهذا العام.
ورجّح غنيم، أن يشهد النصف الثاني من العام، زيادة في عدد السيّاح بين 20 و25% على الأقل، بدفع من رغبة السيّاح الكبيرة في زيارة المتحف المصري، الذي يعد أكبر متحف أثري في العالم.
وتوقّع غنيم، زيادة الوفود السياحية من دول كإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وإنجلترا بعد افتتاح المتحف المصري الكبير؛ نظراً لاهتمام مواطني تلك البلدان بالسياحة الثقافية.
كشف رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، حسام الشاعر لـ«إرم بزنس»، عن انخفاض حجم الحجوزات السياحية الجديدة بسبب تداعيات الأحداث في المنطقة، مقدّراً في الوقت نفسه تراجع الحجوزات بين 25% و30%.
وشدّد بالمقابل على أن المقاصد السياحية المصرية التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في الحجوزات يتجاوز بعضها 80% هي مناطق البحر الأحمر، وجنوب سيناء، والأقصر، وأسوان، ولا تزال تحافظ على نسب إشغال مرتفعة.
وأشار، إلى أن الانخفاض في الحجوزات السياحية يعد أمراً مؤقتاً، معرباً عن تفاؤله بأن الوضع سيعود إلى الاستقرار بعد وقف التصعيد في المنطقة.
ولفت كذلك، إلى امتلاك مصر العديد من العوامل التي تجعلها وجهة سياحية مفضلة، مثل المعالم الأثرية الفريدة، والشواطئ المميزة، مشيراً إلى أن الاتحاد المصري للغرف السياحية، يعمل بالتعاون مع وزارة السياحة والهيئات الحكومية، على وضع استراتيجيات لتحفيز القطاع السياحي عبر تقديم سلسلة حوافز للمستثمرين في القطاع الفندقي، بهدف تحسين جودة الخدمات السياحية.
بغية تعزيز حركة السياحة، وضعت القاهرة، الاستراتيجية الوطنية للسياحة المستدامة 2030 من أجل زيادة عدد السيّاح إلى 30 مليوناً.
وتعد هذه الاستراتيجية جزءاً من رؤية الدولة للتنمية المستدامة، والتي تهدف إلى تحويل البلاد إلى واحدة من أبرز الوجهات السياحية عالمياً.