«أنت من مصر... أم من Egypt؟»، عبارة تبدو في ظاهرها طرفة لغوية، لكنها في العمق مرآة لواقع اجتماعي معقّد يعيشه شباب العالم العربي اليوم. فاللهجة، وطريقة الحديث، وحتى الكلمات الأجنبية التي تتسلل إلى حديثنا اليومي، أصبحت جميعها مؤشرات غير مباشرة على الطبقة الاجتماعية، أو ربما الطموح الطبقي.
الفرق لم يكن في الانتماء الوطني، بل في الانتماء الطبقي.
ففي مجتمعاتنا، لا تحدد اللهجة من أين أتيت جغرافيًّا فحسب، بل أين تقف اجتماعيًّا. واللهجة اليوم ترتبط بشكل مباشر بعوامل أساسية:
مكان السكن، ونوع التعليم، ومستوى الإنفاق.
بمعنى آخر، لا تصنع اللهجة الطبقة الاجتماعية، لكنها تعكسها بدقة.
الفرق واضح اليوم بين من يعيش «نمط حياة فاخراً» ومن يكتفي بالحد الأدنى من الأساسيات.
أحدهم يفضل السوشي والبيتزا، ويقضي عطلته في المنتجعات.
وآخر يكتفي بالكشري والمنسف، ويقضي وقته في البحث عن فرصة عمل.
ليس الفارق مجرد ذوق، بل نتيجة منظومة اقتصادية تصنع طبقات متباعدة في نمط المعيشة والاستهلاك، بل وحتى في شكل الترفيه والمصطلحات المستخدمة في الحديث اليومي.
وفقًا لتقرير «الباروميتر العربي»، فإن معظم الشباب العربي الذين يفكرون في الهجرة، كانت دوافعهم اقتصادية بالدرجة الأولى:
90 ٪ من شباب الأردن
89 ٪ من تونس
72٪ من لبنان
45 ٪ من المغرب
جميعهم يبحثون عن فرصة معيشية أفضل، وقد تكون الهجرة وسيلتهم لتغيير طبقتهم الاجتماعية في المستقبل.
في الحقيقة، لا، ما نشهده اليوم هو صراع طبقي اقتصادي يتجلى في كل شيء: في اللهجة، في السكن، في التعليم، وفي أسلوب الحياة.
فالفرق بين «مصر» و«Egypt» ليس لغويًّا بقدر ما هو اجتماعيًّا واقتصاديًّا.
وقد يؤثر هذا الفرق في نظرة الآخرين إليك، على فرصك المهنية، وربما على قدرتك على الاندماج في طبقة معينة من المجتمع.