logo
اقتصاد

«رسوم التنازل».. هل تُربك سوق عقارات الساحل الشمالي في مصر؟

التطوير العقاري: اجتماعات مستمرة مع الحكومة لجدولة الرسوم على 5 سنوات

خبير: تباطؤ متوقع في مبيعات الشركات الأكثر تضرراً بالرسوم

«رسوم التنازل».. هل تُربك سوق عقارات الساحل الشمالي في مصر؟
منظر عام لأبراج مدينة العلمين الجديدة عند الغروب خلال مهرجان العلمين 2024، مصر، يوم 8 أغسطس 2024.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:1 أغسطس 2025, 04:00 ص

في الوقت الذي يتأهب فيه الساحل الشمالي بمصر لمبيعات عقارية قياسية، بالتزامن مع اقتراب طرح وحدات المرحلة الأولى من مشروع رأس الحكمة العملاق، دخلت المنطقة الأكثر جذباً للمستثمرين الخليجيين في حالة ارتباك.

يأتي ذلك عقب إعلان هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فرض «رسوم تنازل» على مشروعات الشراكة العقارية بمنطقة الساحل الشمالي وأراضي الطريق الصحراوي الرابط بين القاهرة والإسكندرية، في إجراء تقول إنه يهدف لمنع تهرب الشركات من سداد رسوم التنازل عن الأراضي.

تُطبّق الرسوم الجديدة على كل الأراضي التي تُنفّذ عليها مشروعات سياحية بنظام الشراكة بين شركات مختلفة، وتتراوح قيمتها ما بين 500 جنيه (نحو 10 دولارات) للمتر للأراضي الواقعة جنوب الطريق الساحلي، و750 جنيهاً للمتر للأراضي الواقعة شمال الطريق، و1000 جنيه للمتر في الأراضي التي لها واجهة شاطئية، بحسب ما أوضحه مسؤولون مطلعون على وثيقة الرسوم الجديدة لـ«إرم بزنس».

الوثيقة الحكومية، والتي لم يصدر بها مخاطبات رسمية حتى الآن، ألزمت الشركات بسداد نصف قيمة الرسوم مقدّماً، على أن تتم جدولة القيمة المتبقية على عامين.

آثار سلبية

أثارت الرسوم الجديدة استياء عدد كبير من المطورين العقاريين في مصر، خصوصاً بعد قيام بعض أجهزة المدن في البلاد بتنفيذ قرارات وقف التعامل، والتوقف عن إصدار التراخيص والموافقات، وقطع المرافق عن بعض المشروعات بالساحل الشمالي، لحين سداد الرسوم المفاجئة.

أخبار ذات صلة

صفقة رأس الحكمة.. كيف أثرت على أسعار عقارات الساحل الشمالي في مصر؟

صفقة رأس الحكمة.. كيف أثرت على أسعار عقارات الساحل الشمالي في مصر؟

قال رئيس مجلس إدارة إحدى شركات العقارات المتضررة من القرار، فضّل عدم ذكر اسمه، إن الرسوم المفاجئة التي فرضتها هيئة المجتمعات العمرانية ربما تحتاج إلى إعادة نظر بصورة عاجلة، خاصة أن تطبيقها بصورتها الحالية سيترتب عليه آثار سلبية على الشركات، لا سيما مع تزامنها مع موسم ذروة البيع في منطقة الساحل الشمالي، والذي يبدأ من يوليو حتى سبتمبر من كل عام.

أضاف رئيس الشركة لـ«إرم بزنس» أن الرسوم الجديدة، وإن كانت تستهدف تحجيم نشاط المطورين غير الجادين وضبط السوق العقارية، فإن تطبيقها بشكل مفاجئ ودون مناقشات مسبقة مع المطورين الجادين أضرّ بكل العاملين في الساحل الشمالي.

اعتبر المسؤول الرسوم الجديدة غير عادلة، خاصة مع اتجاه تطبيقها بأثر رجعي، ودعا إلى ضرورة قصر تطبيقها على المشروعات الجديدة التي لم تُصدر لها قرارات وزارية.

مذكرة عاجلة للحكومة

من جهته، قال المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين، محمد يوسف، إن الجمعية أرسلت مذكرة عاجلة إلى مجلس الوزراء المصري، قبل أيام، تطالب بعدم تطبيق الرسوم الجديدة على الشركات بأثر رجعي، واقتصارها على المشروعات الجديدة فقط.

أوضح يوسف لـ«إرم بزنس» أن المذكرة تضمنت أيضاً المطالبة بتشاور هيئة المجتمعات العمرانية مع المطورين العقاريين قبل إصدار القرارات المؤثرة على عملهم.

توقع مدير الجمعية أن تُربك الرسوم الجديدة الشركات العقارية العاملة في الساحل الشمالي، وأن تؤثر على عمليات تسعير الوحدات المرتقب طرحها خلال الفترة المقبلة.

كما استبعد يوسف أن تؤثر الرسوم الجديدة على حركة الطلب على عقارات الساحل الشمالي، خاصة أن هذه المنطقة باتت تمثل نقطة جذب كبيرة للمستثمرين الأجانب.

ودعا إلى ضرورة عقد اجتماع عاجل يضم ممثلي الجهات الحكومية والمطورين العقاريين والتوافق على صيغة مُرضية لحل الأزمة في أقرب وقت ممكن.

جدولة الرسوم

بدوره، قال مدير عام غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، أسامة سعد الدين، إن الغرفة تعقد اجتماعات يومية مع ممثلي الجهات الحكومية لسرعة حل أزمة الرسوم.

أضاف سعد الدين لـ«إرم بزنس» أن أبرز مطالب غرفة التطوير العقاري لحل الأزمة الحالية تتضمن جدولة الرسوم الجديدة على خمس سنوات، لتخفيف أعبائها على المطورين العقاريين.

أخبار ذات صلة

مع قفزات السوق العقارية.. هل تنجح مصر بتفعيل صناديق الاستثمار؟

مع قفزات السوق العقارية.. هل تنجح مصر بتفعيل صناديق الاستثمار؟

تابع: «لسنا ضد الرسوم لأننا نراها عادلة، خاصة أن الدولة المصرية تسعى لاستغلال حصيلة الرسوم في تنمية الساحل الشمالي، وإنشاء ممشى سياحي عالمي، وإقامة بنية تحتية متطورة، لكننا ندافع أيضاً عن أحقية شركات التطوير العقاري في سداد تلك الرسوم خلال مدة التنمية، وليس دفعة واحدة أو خلال مدة قصيرة».

أضاف أن الغرفة تسعى لتطبيق ما وصفه بـ«مثلث التوازن» الذي يراعي مصالح الدولة، والمطور العقاري، والعميل في آنٍ واحد، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

كما اعتبر مدير الغرفة أن رفض بعض الشركات للرسوم الجديدة أمر غير عادل، وقال: «من غير المنطقي أن تتحمل خزانة الدولة والمواطنون الفقراء، الذين يمولون الضرائب، كلفة التنمية الشاملة في الساحل الشمالي.. الأمر الطبيعي أن يتحمّل المستفيدون من التنمية، وهم المطورون أو العملاء الأثرياء، جزءاً من تلك التكاليف، لكن بشرط أن يتم ذلك بشكل منطقي وتدريجي».

استهداف غير الجادين

قال سعد الدين إن هناك نحو 123 شركة يجري حالياً دراسة أوضاعها بشكل منفرد عبر لجنة وزارية مختصة، تمهيداً لاتخاذ قرارات نهائية بشأنها.

أضاف: «بعض الشركات غير جادة، وسيتم سحب الأراضي منها، بينما توجد شركات جادة لكنها تمر بتعثّر مؤقت، وهؤلاء سنسعى إلى جدولة الرسوم المتبقية عليهم، أما الشركات الجادة والمستمرة في البناء فهذه ستلتزم مباشرة بالرسوم وستستفيد من الطفرة التنموية في المنطقة».

ورجّح سعد الدين أن تكون الجدولة حسب قدرات كل شركة، ولن تُفرض صيغة موحدة على الجميع.

تطبيق الرسوم بأثر رجعي

اعتبر مدير غرفة التطوير العقاري تطبيق الرسوم بأثر رجعي أمراً طبيعياً وغير مؤثر في الأزمة، خصوصاً أن حصيلة الرسوم ستدخل في أعمال التنمية التي سترفع من قيمة وحدات الساحل الشمالي بنسبة كبيرة.

«الفيصل في هذا النقاش هو مدى استفادة المشروع أو الوحدة من التنمية التي تنفذها الدولة، فإذا طوّرت الدولة البنية التحتية وأدخلت خدمات وممشى سياحياً، فمن العدل أن يسهم المستفيدون، حتى لو اشتروا وحداتهم سابقاً، لأن قيمة ممتلكاتهم سترتفع بشكل مباشر بسبب هذه التنمية»، وفق سعد الدين.

ورأى مدير الغرفة أن المطورين الجادين يرحبون بالتنمية، لأنها ترفع مستوى المشروعات وتزيد من فئة العملاء المستهدفين، وبالتالي تحقق أرباحاً أعلى، مضيفاً: «بعض المطورين اعترضوا على الأثر الرجعي، لكن الحقيقة أن التنمية تخلق قيمة مضافة، ومن الطبيعي أن يُطلب من المستفيدين المشاركة في تكلفتها».

هل يتأثر الاستثمار في الساحل الشمالي بالرسوم؟

انتقد الخبير الاقتصادي محمد أنيس القرارات الحكومية المباغتة التي تصدر دون حوار مسبق مع القطاع الخاص حتى لا تتأثر سمعة السوق المصرية أمام المستثمرين المحليين والأجانب.

قال أنيس لـ«إرم بزنس»: «الجهات الحكومية في مصر مطالبة بإدارة الملف من خلال عقد اجتماعات عاجلة مع المطورين المعنيين بالأزمة، وحصر المخالفات بدقة، وطرح جدول زمني للتسوية، بدلاً من إصدار قرارات قد تُفهم على أنها تراجع عن الالتزامات والعقود والتعهدات الحكومية السابقة».

هل تنعكس الأزمة على أسعار الوحدات؟

توقّع أنيس تأثيراً محدوداً لأزمة الرسوم على مبيعات العقارات في الساحل الشمالي خلال أشهر الصيف التي تشهد ذروة البيع.

«بعض القرى المخالفة قد تواجه تباطؤاً في المبيعات أو ضغوطاً سعرية مؤقتة، نتيجة حالة عدم اليقين لدى المشترين»، بحسب أنيس، والذي أشار إلى أنه في حال استمرت حالة الغموض، فقد تتأثر أيضاً القرى المجاورة سواء من حيث التسعير أو مستويات الطلب.

رأى الخبير الاقتصادي أن الأثر يمكن احتواؤه سريعاً حال بادرت الحكومة إلى توضيح موقفها الرسمي من الرسوم، وبدأت اجتماعات التسوية مع الأطراف المعنية.

وقال: «حلّ الأزمة الحالية ربما لا يتطلب أكثر من 72 ساعة فقط إذا توفرت الإرادة السياسية واتضحت الرؤية، دون الإضرار بالقطاع أو هزّ الثقة بين الدولة والمستثمرين».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC