لطالما كانت «بورشه» مرادفاً للسيارات الرياضية الفاخرة، خاصة مع أيقونتها (911) التي تحظى بمكانة تضاهي «فيراري F40» و«لامبورغيني ميورا». لكن في السنوات الأخيرة، تحاول الشركة أن تجمع بين هويتها الرياضية الأصيلة وطموحها في سوق سيارات الدفع الرباعي (SUV)، وهي معادلة لم تُثبت جدواها حتى الآن.
رغم المكاسب الأخيرة في سوق الأسهم بعد تخفيف الرسوم الجمركية، لا تزال «بورشه» تعاني إستراتيجياً. منذ بداية العام، انخفض سهمها بنسبة 21%، مقارنة بارتفاع 8% لـ«فيراري»، ما يعكس أزمة ثقة في مسار الشركة. السبب؟ أكثر من 60% من سياراتها المباعة، مؤخرًا، كانت من فئة الـ(SUV)، وليس سيارات رياضية.
بدأت «بورشه» رحلتها في قطاع الدفع الرباعي، العام 2002، مع طراز «كايين»، وتوسعت، لاحقاً، مع «ماكان». لكن على عكس (911) التي تُعامل مثل قطعة فنية نادرة، فإن «ماكان» سيارة تُباع بكميات ضخمة في سوق مزدحم ومنافس.
هذا التوسع في فئة الـ(SUV) أفقد بورشه ميزة «التسعير النخبوي»، خاصة أمام منافسين، مثل: «مرسيدس» و«بي إم دبليو»، الذين ينتجون سياراتهم محلياً في الولايات المتحدة، مما يجعلهم أقل تأثراً بالرسوم الجمركية.
رغم طموح «بورشه» إلى أن تكون 80% من سياراتها كهربائية بحلول 2030، لم تسر الأمور كما خُطط لها. فعدد سيارات تايكان المباعة كان مخيباً عالمياً، وتراجعت شحنات الشركة إلى الصين بنسبة الثلثين خلال عام واحد. حتى الجيل الثاني من ماكان الكهربائية لم يُحقق التأثير المطلوب، ما يطرح تساؤلات حول جدوى هذا الاستثمار المكلف في سوق غير مضمونة.
تُعد «بورشه» من أبرز علامات مجموعة فولكس فاجن، لكنها تفتقر إلى الاستقلالية التشغيلية، بعكس "فيراري" التي تنعم بهوية منفصلة رغم ملكية مجموعة أنييلي. أسوأ ما في الأمر أن سيارات الـ SUV من «بورشه» تُبنى على نفس قواعد طرازات أرخص من علامات أخرى، ما يُضعف من خصوصية العلامة.
صحيح أن «بورشه» تُحقق هوامش ربح جيدة (13% في الربع الأخير)، لكن بعض المحللين يرون أن هذه الأرباح تخفي أخطاء إستراتيجية واضحة، مثل سوء إدارة التوسع في الصين، أو التأخر في التفاعل مع منافسين جدد مثل «شاومي».
المفارقة أن «فيراري»، رغم دخولها المتأخر في عالم الـ(SUV) من خلال «بوروسانغوي»، حدّدت إنتاج هذا الطراز عند 20% من إجمالي الإنتاج، لتضمن عدم تآكل صورتها النخبوية. بينما تواصل «بورشه» التوسع في كل الاتجاهات، دون سقف واضح لماهية «سيارتها الحقيقية».
حاولت «بورشه» أن تكون «فيراري» و«مرسيدس» في آنٍ واحد، لكنها وجدت نفسها بين المطرقة والسندان. فالسوق لا يرحم، والهوية التجارية لا تحتمل التناقض. فيراري تُكافأ على تمسّكها بجوهرها، بينما تبدو «بورشه» عالقة بين فخّ الطموحات الكهربائية، والقيود الإنتاجية، والضغوط السياسية والجمركية.