دقّ السيناتور براون ناقوس الخطر بشأن مستقبل القطاع الزراعي الأميركي، محذراً من تداعيات فشل الاتفاق التجاري الأخير مع الصين، الذي أثار موجة جديدة من الشكوك حول إمكانية التوصل إلى تسوية دائمة بين أكبر اقتصادين في العالم.
فقد أثارت الهدنة التجارية التي أُعلن عنها الأسبوع الماضي بين الولايات المتحدة والصين تكهنات بشأن الشكل المحتمل لاتفاق قادم بين الطرفين. غير أن المزارعين الأميركيين يبدون حذرين، خاصة أن تجربة «المرحلة الأولى»، التي وُقعت في يناير 2020 خلال ولاية دونالد ترامب الأولى، لم تلبِّ التطلعات.
فالاتفاق المذكور ألزم الصين برفع مشترياتها من المنتجات الزراعية الأميركية بشكل كبير، غير أن بكين لم تفِ بتعهداتها، ما جعل الاتفاق هشاً منذ البداية. ورغم أن إدارة بايدن لم تمدد العمل به، ولم تُظهر اهتماماً كبيراً بتطبيقه، فإن مسؤولين أميركيين أعادوا أخيراً طرح مسألة عدم التزام الصين بتلك التعهدات.
تقوم الاتفاقية على تعهدات مبنية على القيمة الدولارية للمشتريات، إذ كان من المفترض أن تستورد الصين منتجات زراعية أميركية بقيمة 36.5 مليار دولار في عام 2020، أي بزيادة 50% عن متوسط ما قبل الحرب التجارية.
وقد شكّل فول الصويا -الذي يمثل نحو نصف الصادرات الزراعية الأميركية إلى الصين- محور هذه الزيادة المتوقعة، غير أن الصين كانت واضحة منذ البداية في أن مشترياتها ستتم وفقاً لظروف السوق، ما يعني أنها لن تشتري كميات تتجاوز حاجتها، وهي عبارة شكلت نقطة ضعف قاتلة في الاتفاق.
وفي حين سجلت صادرات فول الصويا إلى الصين رقماً قياسياً من حيث القيمة عام 2022 وبلغت 17.9 مليار دولار، فإن الحجم الفعلي كان أقل بنسبة 12% مقارنة بعام 2020، ما يشير إلى أن ارتفاع الأسعار العالمية هو الذي أنقذ الأرقام الظاهرية.
وكان من المفترض أن تستمر وتيرة زيادة المشتريات حتى عام 2025، غير أن الجزء الإلزامي من الاتفاق انتهى فعلياً في 2021، فيما التزمت إدارة بايدن الصمت حيال مستقبل الاتفاق والتجارة الزراعية مع بكين.
من الانتقادات الرئيسة التي طالت الاتفاق أن أهدافه كانت غير واقعية وعشوائية، إذ لم تُقدّم أي تبريرات للرقم المحدد البالغ 36.5 مليار دولار. ويُعتقد أن تركيز ترامب على تقليص العجز التجاري هو ما دفعه إلى هذا النوع من الأهداف.
ويبدو أن الوضع الحالي يزداد سوءاً، إذ تشير البيانات إلى تراجع الصادرات الزراعية الأميركية إلى الصين بنسبة 49% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى أحد أدنى مستوياتها منذ عقدين.
وفي هذا السياق، أشار براون إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تكون في حالة يقظة، خصوصاً أن الصين غالباً ما تتفاوض انطلاقاً من استراتيجيات خفية. وضرب مثالاً على ذلك بقرار بكين فرض رسوم جمركية مرتفعة على فول الصويا الأميركي عام 2018، رغم أنه بدا خياراً غير منطقي في حينه. لكن الصين كانت تعلم، على الأرجح، بتأثير وباء أصاب قطاع تربية الخنازير لديها، ما خفّض الطلب على الأعلاف ومكّنها من تجاوز الاعتماد على فول الصويا الأميركي.
ويُعتقد أيضاً أن الصين استشرفت ما ينتظر العالم في عام 2020، إذ سبق توقيع الاتفاق بيوم واحد فقط إعلان منظمة الصحة العالمية تحذيراً من فيروس جديد مصدره الصين. في ضوء هذه المعطيات، دعا براون الإدارة الأميركية إلى مراجعة نهجها التفاوضي مع الصين، وتبنّي استراتيجية أكثر حذراً واستدامة في أي اتفاق مستقبلي، خصوصاً في ما يخص المنتجات الزراعية.