رغم ترحيب «وول ستريت» باتفاق الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلا أن الصحافة الأميركية تحذر من أن الاقتصاد الأميركي لا يزال يواجه مخاطر حقيقية، وسط استمرار حالة عدم اليقين التي تخيم على المشهد العالمي.
وأعلنت واشنطن وبكين، يوم الاثنين، تعليقاً مؤقتاً لمعظم الرسوم الجمركية العقابية المتبادلة لمدة 90 يوماً، في خطوة هدفت إلى تهدئة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، ووفقاً للتفاهم الجديد، خفضت الولايات المتحدة الرسوم من 145% إلى 30%، بينما خفضتها الصين من 125% إلى 10%.
لكن هذا التراجع، بحسب افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست»، لا يلغي القلق بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، إذ «تظل حالة الغموض قائمة، وتشكل تهديداً مستمراً للاستثمار والنمو».
وصفت الصحيفة الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه في جنيف بأنه «تحسن واضح» مقارنة بالأسبوع الماضي، حين لم تُظهر أي من العاصمتين استعداداً للتفاوض.
أضافت أن هذه التهدئة «تشير إلى أن البيت الأبيض مستعد للتفاوض على خفض الرسوم، وأن قادة القوتين الاقتصاديتين يدركون مخاطر انهيار الاقتصاد العالمي».
غير أن التهدئة لم تقنع الجميع؛ إذ حذرت «واشنطن بوست» من أن الإبقاء على الحد الأدنى من الرسوم الجمركية بنسبة 10%، وهو مستوى ترفض واشنطن التراجع عنه، كفيل بإذكاء التضخم، وتعطيل سلاسل التوريد، وكبح النمو الاقتصادي.
من جهته، أشار موقع «سي إن إن» إلى أن وول ستريت أبدت ارتياحاً أولياً، لكنه «من المبكر القول إن الاقتصاد الأميركي أصبح في مأمن».
أما صحيفة «لوس أنجليس تايمز» فنقلت عن خبراء اقتصاديين قولهم إن تداعيات الحرب التجارية لم تختفِ بعد، محذرين من أن النقص في الإمدادات وارتفاع أسعار السلع الصينية قد يستمر خلال الأسابيع المقبلة، ما سيضغط على المستهلكين الأميركيين.
ذكرت الصحيفة أن العديد من تجار التجزئة رفعوا أسعارهم بالفعل، وأن تكاليف الشحن مرشحة للارتفاع مع سعي المصنّعين والموزعين لتعويض الخسائر، ما قد يفاقم من تقلبات الأسواق خلال الفترة المقبلة.
في السياق ذاته، اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن تراجع الرئيس الأميركي يمثل دليلاً جديداً على محدودية النهج الهجومي الذي تبناه دونالد ترامب في الملفات التجارية، مشيرة إلى أنه «أثار أزمات على أمل تحقيق تنازلات سريعة، لكنه في مواجهة خصم اقتصادي مماثل في الحجم، وربما أكثر استعداداً للتحمّل، فقرر التراجع».
أما «وول ستريت جورنال» فرأت أن الأسواق المالية أجبرت ترامب على التخلي عن حلمه بمرحلة ذهبية قوامها رسوم جمركية مرتفعة.
أضافت: «ربما لن يعترف بذلك علناً، لكنه خاض حرباً تجارية ضد آدم سميث، خبير الاقتصاد ومناصر التجارة الحرة... وخسرها».