بدأت مجالس إدارات ومُلاك شركات التجزئة الأميركية الذين تضررت أسهمهم بشدة من الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يميلون بشكل متزايد إلى قبول عروض البيع والاستحواذ، هرباً من الفوضى السوقية التي تسببت في تقلبات حادة في تقييمات شركاتهم خلال الأشهر الأخيرة.
وكانت شركات التجزئة من بين الأكثر تضرراً بسبب إعلانات التعرفة الجمركية المفاجئة والمتغيرة، ما جعلها عاجزة عن تقديم توقعات دقيقة للأرباح، وفق تقرير لوكالة «رويترز».
بعد صفقة الاستحواذ التي أبرمتها شركة الأحذية الرياضية الأميركية «سكيتشرز» (Skechers) هذا الشهر لتحويلها إلى شركة خاصة، يتوقع صانعو الصفقات أن تحذو شركات تجزئة أخرى حذوها قريباً، خاصة إذا لم يستقر ترامب قريباً على سياسة تجارية أكثر ثباتاً، وفقاً لما أفاد به 10 مصرفيين قانونيين ومحامين مختصين بصفقات الاندماج والاستحواذ.
وفي حالة «سكيتشرز»، بدأت الشركة محادثاتها مع شركة الاستثمار «ثري جي كابيتال» (3G Capital) منذ فترة طويلة، حتى قبل أن تبدأ قيمة الشركة في الانهيار من أعلى مستوى لها عند 11.85 مليار دولار في 30 يناير الماضي، أي قبل يوم واحد من إعلان البيت الأبيض أول دفعة من التعريفات ضد الصين.
وبحلول نهاية أبريل، وبعد سيل من إعلانات الرسوم الجمركية، انخفضت قيمة الشركة إلى نحو 7.4 مليار دولار، ومع تصنيع معظم منتجاتها في الصين وفيتنام، اضطرت سكيتشرز لسحب توقعاتها لأرباح 2025، مشيرة إلى «الضبابية الاقتصادية الناتجة عن السياسات التجارية العالمية».
شركة «سكيتشرز» مملوكة في غالبيتها لعائلة غرينبيرغ، وقد جعلتهم اضطرابات التعرفة يفكرون بشكل أكثر جدية في خيار الخصخصة، وفي 5 مايو، أعلنت الشركة نيتها البيع إلى «ثري جي كابيتال» مقابل صفقة بقيمة 9.4 مليار دولار.
وستزيل هذه الصفقة أسهم «سكيتشرز» من التداول العام، وتحمي أرباح الشركة من رقابة السوق المفتوح، وتجنبها تقلبات التقييم المرتبطة بمزاج المستثمرين.
بحسب ما نقلت «رويترز» عن مصادر، هناك شركات تجزئة أخرى بدأت بالفعل مفاوضات مع شركات استثمارية وشركات أخرى بغرض الاستحواذ.
يقول كيرت أنتوني، رئيس قطاع التجزئة في بنك UBS: «التقلبات الكثيفة وغير المتوقعة جعلت أعضاء مجالس الإدارة يفكرون: هل من الأفضل إدارة الأعمال بشكل خاص بعيداً عن ضغوط الإفصاح الفصلي؟ وهل يمكننا اتخاذ قرارات تشغيلية ومالية بحرية أكبر؟».
وتهدف سياسة ترامب التجارية إلى إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، ولكن وفقاً لتقرير نشره موقع «فاينانشال تايمز»، يشير المحللون إلى أن التأثير الفوري لهذه السياسات قد يتمثل في زيادة أسعار الأحذية الرياضية، ويعود ذلك إلى افتقار الولايات المتحدة للمصانع المتخصصة والقوى العاملة الماهرة اللازمة لإنتاج الأحذية الرياضية عالية الجودة، ما يجعل من غير المحتمل أن يعود التصنيع إلى الأراضي الأميركية في المدى القريب.
كان قطاع التجزئة أكثر القطاعات تضرراً بسبب الرسوم الجمركية، خاصة مع تصنيع معظم بضائع الشركات خارج الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن ترامب خفف مؤقتاً من لهجته التجارية، إلا أنه عاد الجمعة لتهديد شركة «أبل» والاتحاد الأوروبي، ما أربك الأسواق مجدداً بعد تعافيها النسبي.
وحتى الجمعة، كان مؤشر S&P لتجزئة التجزئة قد انخفض بنسبة 6% منذ بداية العام، مقارنة بانخفاض 1.1% فقط في المؤشر الأوسع S&P 500.
جيمي سالتر، الرئيس التنفيذي لشركة (Authentic Brands Group)، قال: «كثير من الرؤساء التنفيذيين قالوا لي: أنا متعب، وأحب عملي، لكن ربما حان وقت العودة للقطاع الخاص»، وفق «رويترز».
شركة سالتر التي تملك علامات مثل (Reebok) و(Champion)، استحوذت مؤخراً على حقوق علامة (Dockers) من (Levi's).
وستضاف التعريفة الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب، وتبلغ 46%، إلى التعريفات الحالية بنسبة 20% على واردات الولايات المتحدة من الأحذية الرياضية ذات الأجزاء العلوية المصنوعة من القماش، بحسب «جمعية صناعة الملابس والأحذية الأميركية». ونتيجة لذلك، يواجه المصنعون تحديات كبيرة في تعديل سلاسل توريدهم.
ومع استمرار الفوضى في السياسات التجارية، يبدو أن المزيد من شركات التجزئة تتجه نحو خيار الخصخصة كملاذ أكثر استقراراً ومرونة لمواجهة العواصف الاقتصادية القادمة.