تمر شركة نيسان اليابانية بمرحلة دقيقة في تاريخها، بعد أن سجلت خسائر مالية تجاوزت 4.5 مليار دولار خلال سنة مالية واحدة. هذا الرقم لا يعكس أزمة طارئة، بل يشير إلى خلل عميق ومستمر يهدد مكانة إحدى أقدم شركات صناعة السيارات في العالم.
رغم تاريخها الطويل في الابتكار، لم تتمكن نيسان من مواكبة التحول السريع نحو السيارات الكهربائية. طرازاتها التقليدية لم تعد تلبي توقعات الأسواق الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، فقد باتت المنافسة تحتدم مع علامات مثل تويوتا، هيونداي، وتسلا.
وزاد الطين بلة الإرث الإداري المعقد الذي خلّفه كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي السابق، الذي قاد استراتيجية توسع عالمي غير متوازنة؛ فبدلاً من الاستثمار في التطوير والهندسة، ركزت نيسان على الانتشار، ما أدى إلى تضخم التكاليف من دون مردود ربحي حقيقي.
1. بطء في التحوّل الكهربائي
رغم أنها كانت من أوائل الشركات التي طرحت سيارة كهربائية شعبية (Leaf)، توقفت نيسان عن الابتكار لاحقاً، مما جعلها تتخلف عن الركب في أهم معركة مستقبلية للقطاع.
2. تصاميم بلا هوية مميزة
افتقرت الطرازات الأخيرة إلى الجاذبية البصرية والتميّز، ما أضعف صورتها في الأسواق، خاصة أمام طوفان من السيارات التي تجمع بين الأداء والتصميم العصري.
3. تراجع ثقة العملاء والمستثمرين
القرارات الإدارية المرتبكة، والتسريبات المتكررة حول مشاكل داخلية، أثرت سلباً في سمعة الشركة، ما انعكس مباشرة على مبيعاتها وقيمتها السوقية.
لم تقف نيسان مكتوفة الأيدي؛ فقد أعلنت خطة إعادة هيكلة جذرية تهدف إلى خفض التكاليف وتحقيق الربحية بحلول 2026. وتشمل الخطة:
رغم التحديات، تمتلك نيسان مقومات قد تساعدها على النهوض من جديد:
كانت من أوائل الشركات التي طوّرت أنظمة متقدمة مثل الدفع الرباعي الذكي (AWD)، وقدّمت مبكراً حلولاً في مجال الأمان والقيادة الذاتية.
شراكتها مع رينو وميتسوبيشي توفّر لها قدرة على مشاركة الموارد، وخفض التكاليف، وتوسيع النفوذ التكنولوجي من دون مغامرات استثمارية ضخمة.
الانتشار الجغرافي لمصانعها يمنحها ميزة تنافسية في التكيّف مع اضطرابات السوق والطلب الإقليمي.
الإجابة مرهونة بقدرتها على استعادة ثقة الأسواق وتقديم طرازات تلبي تطلعات الجيل القادم من المشترين، خصوصاً في قطاع السيارات الكهربائية. لا تزال لديها أوراق رابحة، لكن الوقت ينفد. السنوات الثلاث المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت نيسان ستنجح في صناعة التغيير، أم تكتفي بمراقبته من الصفوف الخلفية.