وول ستريت
وول ستريتليوبارد 2، Shutterstock

حملة بوتين ونوايا ترامب تقفزان بأسهم أوروبا الدفاعية

على وقع حملة بوتين العسكرية في أوكرانيا، وتهديدات المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب الاستفزازية للحلفاء الأوروبيين في الـ "ناتو"، تشهد أسهم قطاع الدفاع في القارة العجوز، زخماً يرفع قيمتها ويجذب المستثمرين.

فبعد سنوات من الغموض، ارتفعت أسهم شركات مثل راينميتال الألمانية وساب السويدية، بعد غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، وتراجع زخمها الصيف الماضي عندما كانت أوكرانيا تحرز تقدماً ملحوظاً في ساحة المعركة، لكنها عاودت الارتفاع هذا الشتاء مرة أخرى، حيث قفزت أسهم راينميتال بنسبة 60% تقريباً منذ بداية العام.

واليوم وعلى الرغم من الزخم في أوكرانيا، واندلاع الحرب في إسرائيل، يبقى العامل الحاسم في الارتفاع الأخير، هو سياسة العزلة الأميركية، ففي الحملات الانتخابية الشهر الماضي، هاجم المرشح الرئاسي دونالد ترامب منظمة حلف شمال الأطلسي، التي تقدم الدعم الأميركي للأمن الأوروبي. وفي الوقت نفسه، لا تزال حزمة المساعدات المقدمة لأوكرانيا عالقة في الكونغرس.

وبعد حملة الاستقلال الكامل في مجال الطاقة عام 2022، أصبح الاستقلال الأمني الآن حديث العواصم الأوروبية. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لشبكة أخبار بروكسل الشهر الماضي، إنه من المتوقع أن تنفق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي 350 مليار يورو على الدفاع هذا العام، أي ما يعادل حوالي 380 مليار دولار، بارتفاع من 240 مليار يورو في عام 2022.

وعززت الشركات ثقة المستثمرين أيضاً، حيث ذكرت شركة راينميتال يوم الخميس، أن إيراداتها زادت بنسبة 12% العام الماضي، والأهم من ذلك أنها قالت إنها تتوقع نمواً بنسبة 40% تقريباً في عام 2024. وقدمت ساب الشهر الماضي، توجيهات لنمو إجمالي يبلغ حوالي 15% سنوياً في المتوسط، حتى عام 2027، وهو معدل كبير مقارنة مع هدفها السابق البالغ 10%.

إيرادات بعض شركات الدفاع الأوروبية.
إيرادات بعض شركات الدفاع الأوروبية.

واستفادت الشركتان بشكل مبكر من زيادة الإنفاق العسكري، لأنهما تبيعان الكثير من الذخائر – القذائف والصواريخ، حيث تحتاج الجيوش لشراء هذه المنتجات مقدماً، كما يقول ساش توسا، محلل الطيران والدفاع في شركة أبحاث الأسهم إيجينسي بارتنرز. كما بدأت شركات مثل ليوناردو الإيطالية - التي وضعت الأسبوع الماضي، خططاً لمضاعفة التدفقات النقدية بحلول عام 2028 - تشهد ارتفاعاً في طلبياتها، وتصنع ليوناردو المروحيات والرادارات والإلكترونيات الدفاعية وما شابه.

وحتى الشركات التي لا ترتبط تقليدياً بالدفاع بدأت فجأة تروج لأعمالها. وأشارت شركة تصنيع الشاحنات الإيطالية إيفيكو، وهي جزء من إمبراطورية فيات القديمة، إلى تسارع مفاجئ في طلبات الدفاع - نتيجة أعمالها في الولايات المتحدة، حيث أبرمت شراكة مع شركة الدفاع البريطانية بي أيه إي سيستمز، لتزويد مشاة البحرية بشاحنات برمائية جديدة.

ومن عوامل جذب القطاع للمستثمرين، هو وجود شركات عالية الجودة، فالأسلحة هي منتجات متخصصة، حيث تكون الجودة أكثر أهمية من السعر، مما يجعل الأعمال التجارية مربحة بقوة، عندما يكون الطلب قوياً. وتتوقع راينميتال تحقيق هامش تشغيل، يتراوح بين 14% و15% هذا العام، مقارنة بـ 12.4% العام الماضي.

وتاريخياً، كان بعض المستثمرين يتجنبون موردي الأسلحة لأسباب أخلاقية، ولا يزال قطاع الدفاع يحظى بتصنيفات أسوأ من المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، مقارنة بالقطاعات الأخرى، لكن "سيتي" يقول إن قطاع الاستثمار المستدام يتجه نحوه على أي حال، حيث يتأرجح الرأي العام والسياسي خلف الأمن القومي.

وربما يتمثل الخطر الرئيسي في أن النمو لا يرقى إلى مستوى التوقعات في مضاعفات الأرباح، والتي أصبحت الآن أعلى من المتوسطات التاريخية، حيث يتم تداول أسهم راينميتال بمعدل 21 مرة وسهم ساب بمعدل 27 مرة.

وفي حين أن تراكم الطلبات الكبيرة، يبرر مثل هذه التقييمات على المدى القصير إلى المتوسط، فإن أي إشارة إلى أن البيئة الأمنية ستهدأ، من شأنها أن تلقي بظلالها على التوقعات على المدى الطويل. ويشكل تعامل الحكومة الألمانية مع الديون مصدراً للقلق أيضاً، حيث أدخلت نظام كبح الديون، الذي يحد من عجز ميزانيتها من خلال إنشاء صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو، للقوات المسلحة في عام 2022، لكنها تحتاج إلى حل أطول.

وأصبحت أسهم الدفاع الأوروبية وسيلة للتحوط ضد المخاطر الجيوسياسية، تمامًا مثل الذهب. ويسبب تعطل النمو في أوروبا، ارتفاعاً في أسعاراً في الطاقة، منذ أن خفض فلاديمير بوتين تدفقات الغاز إلى المنطقة، مع تأثر شركات مثل شركة الكيماويات الألمانية العملاقة BASF بشكل خاص، ومن النادر أن يكون موردو الأسلحة من المستفيدين من مشكلة روسيا، مع تعرضهم للاقتصاد الكلي بشكل ضئيل.

ومع ذلك، فإن الاتجاه نحو زيادة الإنفاق العسكري في أوروبا يبدو قوياً - أياً كان من سينتهي به الأمر في البيت الأبيض. وفي حين أن تهديدات ترامب لحلف شمال الأطلسي استفزازية بشكل خاص، فإن انسحاب الرئيس بايدن من أفغانستان أثار استياء القادة الأوروبيين أيضاً، كما أدى صعود الصين إلى تغيير أولويات واشنطن وابتعادها، وأصبح موردو الأسلحة أمام مهمة صعبة لملء هذه الفجوة.

Related Stories

No stories found.
إرم الاقتصادية
www.erembusiness.com