أفاد محللون بأن اللوائح الجديدة للأصول الرقمية في دولة الإمارات العربية المتحدة ستسهم في دفع نمو سوق الأصول الرقمية، من خلال تعزيز وإطلاق منتجات تشفير أكثر تعقيداً، حيث من المتوقع أن يسرّع التحديث الأخير لأنظمة العملات المشفرة في دبي هذا التطور بشكل ملحوظ.
وشمل التحديث الأخير منح «سلطة تنظيم الأصول الافتراضية» (Vara)، وهي الجهة التنظيمية المختصة بأنشطة الأصول الرقمية في دبي، مزوّدي خدمات الأصول الافتراضية (VASPs) مهلة حتى 19 يونيو للامتثال لإطار تنظيمي محدث يهدف إلى تعزيز الأمان والامتثال للمعايير الدولية في مكافحة غسل الأموال والقيود المفروضة على التعاملات المالية.
ويقدّم الإطار الجديد إرشادات أوضح لإنشاء وتداول الأصول الرقمية (Tokenised Assets)، وهي رموز مدعومة بأصول حقيقية مثل العقارات أو الذهب أو الأعمال الفنية، وتُتيح تنفيذ المعاملات مباشرة عبر تقنية «البلوكتشين».
وصرّحت أروشي غويل، رئيسة السياسات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «تشيناليسيس» المتخصصة في تحليلات «البلوكتشين»، لموقع AGBI: «تقدّم القواعد المعدّلة مساراً منظماً وواضحاً لمزودي الخدمات لطرح منتجات تشفير أكثر تعقيداً، مثل الإقراض بالهامش، للمستثمرين الأفراد»، مضيفة أن «ذلك من شأنه توسيع السوق بشكل كبير».
ومن أبرز التعديلات أيضاً تقديم مزيد من الوضوح التنظيمي حول ترميز الأصول (Tokenisation)، والذي لا يزال يُعد مجالاً رمادياً في العديد من الدول، بحسب غويل. وقد بدأت شركات في الإمارات بالفعل بتطبيق تقنيات ترميز الأصول على أصول متنوعة تشمل العقارات والخيول المشاركة في السباقات.
كما تُلزم اللوائح الجديدة جميع مزوّدي الخدمات بإجراء عمليات تحقق دقيقة من العملاء والمعاملات للتأكد من عدم تعارضها مع قوائم العقوبات وغسل الأموال، وذلك بالرجوع إلى كل من القوائم الدولية وتلك الخاصة بالإمارات. ويهدف ذلك إلى الانتقال بسوق الأصول الرقمية في دبي من مرحلة البنية التحتية الأساسية إلى بيئة مالية شاملة تدعم خدمات مثل الحفظ المؤسسي ومنتجات التجزئة ضمن إطار تنظيمي واضح.
كما صرّحت جوانا كابيلدو، الرئيسة التنفيذية لشركة «دي-جي إن» (D-GN) المتخصصة في بيانات تدريب الذكاء الاصطناعي الأخلاقي، لموقع (AGBI) قائلة: «تتحرّك سلطة (Vara) بشكل استباقي لمعالجة المخاطر النظامية، خصوصاً فيما يتعلق بتعرّض الأفراد والممارسات القائمة على الرافعة المالية والهياكل الرمزية الغامضة، قبل أن تتحول إلى إخفاقات واسعة في السوق».
وتطمح الإمارات العربية المتحدة، ودبي بشكل خاص، إلى أن تتبوأ موقعاً ريادياً في قطاع صناعات التشفير الناشئة، حيث تأسست (Vara) عام 2022 لتشرف على أنشطة الأصول الافتراضية في مناطق دبي الحرة والأراضي التابعة لها على اليابسة، مع استثناء «مركز دبي المالي العالمي»، وهي تعد ركيزة أساسية لتحقيق هذه الطموحات.
وقد سلطت حوادث مثل الهجوم السيبراني على بورصة «باي بت» (Bybit) ومقرها دبي في فبراير، والذي تم خلاله سرقة ما يُقدّر بـ1.4 مليار دولار من عملة الإيثيريوم، الضوء على أهمية تعزيز الحوكمة التنظيمية. إلا أن كابيلدو ترى في القواعد الجديدة شرطاً تمهيدياً لجذب موجة جديدة من رؤوس الأموال المؤسسية، وليس مجرد رد فعل على تلك الحوادث.
وأضافت: «هذه التعديلات تُعدّ شرطاً مسبقاً، أكثر من كونها استجابة مباشرة، لدخول رؤوس الأموال العابرة للحدود والمُمتثلة للقانون إلى السوق»، مشيرة إلى أن الوضع التنظيمي في دبي يقترب من نظيره في مناطق تنظيمية رائدة مثل برمودا وسويسرا وسنغافورة.