في بيئة أعمال تتجه أكثر نحو خفض التكاليف والاستعانة بمصادر خارجية، برز فؤاد أفان، المهندس الباكستاني المقيم في دبي، كرائد أعمال اختار طريقاً مختلفاً قوامه الجودة والانضباط والاستثمار المحلي في فرق العمل الهندسية.
هذا التوجه، كما يقول في مقابلة خاصة مع «إرم بزنس»، لم يكن قراراً نظرياً، بل استجابة مباشرة لفراغ في السوق، حيث لاحظ أن المشاريع التي تُنفذ خارجياً كثيراً ما تُعاني من تأخيرات وسوء تنسيق، مضيفاً: «العملاء مستعدون للدفع مقابل الجودة، ويفضّلون التنفيذ الموثوق والفعّال... وهذا هو الفراغ الذي قررت سدّه».
يقود أفان اليوم شركة (FSK & Partners)، وهي شركة هندسية متعددة التخصصات تتخذ من دبي مقراً لها وتنفّذ خدماتها داخلياً بالكامل، في محاولة جادة للسيطرة على الجودة وضمان الالتزام بالمواعيد. ويقول: «نصمم، ندير، وننفذ... نفي دائماً بأكثر مما نَعِد، ونلتزم بالمواعيد، بل نتجاوزها أحياناً».
منذ انطلاقها عام 2019، نمت (FSK) بشكل تدريجي ومدروس لتتحول إلى شركة تعمل في مشاريع في الخليج وإفريقيا وآسيا، ويصف أفان بداياتها بأنها مؤسسة على فلسفة بسيطة لكن فعالة: «لا تستسلم... ابحث دائماً عن الحلول. أؤمن أن الحلول موجودة قبل أن تظهر المشكلة، فقط عليك أن تنظر في الاتجاه الصحيح».
ويوضح أن أحد أبرز المشاريع التي رسّخت سمعة الشركة كان في السعودية، حيث تولّت (FSK) مشروعاً كان متوقفاً منذ عامين بسبب تعقيدات فنية وعدم رضا العميل. ويقول أفان: «تم ترشيحنا من قبل المستشار الرئيس، وتسلمنا المهمة. نفذنا المشروع خلال 10 أشهر فقط، وحققنا جميع الالتزامات، وكان العميل سعيداً جداً».
لكن ما يميّز هذه التجربة ليس فقط الإنجاز الفني، بل النهج الإداري الذي يربط بين الجودة المهنية والبيئة الإنسانية داخل الشركة. يوضح أفان: «أستلهم قيادتي من السيد راتان تاتا... أحترم أخلاقياته ومهنيته، وأحاول أن أطبّق بعض مبادئه. نحن في (FSK) أشبه بعائلة، أريد لفريقي أن يشعر بالراحة لا بالضغط، ولاسيما في صباحات يوم الاثنين».
هذه الثقافة الإدارية انعكست بشكل واضح خلال جائحة كورونا، التي تعامل معها أفان بوصفها «فترة إعداد وليست أزمة»، مضيفاً: «كما يقول المثل.. من الأفضل أن تكون محارباً في حديقة على أن تكون بستانياً في حرب. هذا كان تفكيرنا». وفي وقت انكفأ فيه كثيرون على أدوات الاتصال الرقمي، حرص أفان على اللقاء المباشر مع العملاء. «كنت أستمر في مقابلة العملاء وجهاً لوجه. أؤمن بالزيارات المباشرة والاتصالات الباردة وطرق الأبواب... هذا ما أبقانا مستمرين».
ويصف بيئة ريادة الأعمال في الإمارات بأنها عنصر أساسي في دعم طموحه، قائلاً: «بفضل الله وبدعم شركائنا والحكومة، هدفنا هو إيصال هذه العلامة التجارية المولودة في الإمارات إلى العالمية. كل ما لدينا هو بفضل القيادة هنا. رؤيتهم وبنيتهم التحتية ساعدتنا على النمو في نواحٍ كثيرة».
ورغم انشغاله اليومي الذي يمتد لـ14 أو 15 ساعة، لا يغفل أفان عن مبدأ التوازن، سواء في وقته مع العائلة أو في دعمه لفريقه. يقول: «أقضي وقتاً نوعياً مع أسرتي — لا مجرد مشاهدة التلفاز، بل تواصل حقيقي. وأبقى نشيطاً من خلال تمارين الأداء الوظيفي، وأجد الوقت لها مهما كانت مشاغلي». ويضيف: «القيادة لا تعني فقط الإنجاز الشخصي، بل تمكين من حولك من النجاح. كن شخصاً يعتمد عليه الآخرون».
الاستثمار في التعليم والتطوير الداخلي يُعد من ركائز فلسفته الإدارية. الشركة تدعم موظفيها البالغ عددهم نحو 35 شخصاً في التدريب والتعليم المستمر، وتموّل احتياجاتهم حسب الحاجة. ويختصر أفان رؤيته بجملة واحدة: «الانضباط والجهد اليومي... استعد في كل يوم حتى إذا جاءت اللحظة الكبرى، تكون جاهزاً».