تتجه العديد من الشركات المدرجة، بينها شركة أسّسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى ضخ استثمارات ضخمة في العملات المشفّرة، مستفيدة من ارتفاع أسعار الرموز الرقمية وتراجع القيود التنظيمية، في إطار ما يُعرف بـ«استراتيجيات الخزانة ببيتكوين».
وفقاً لتقرير صادر عن «ستاندرد تشارترد»، اعتمدت 61 شركة مدرجة لا تنشط أساساً في مجال الأصول الرقمية، هذه الاستراتيجية التي تقوم على تخصيص جزء من احتياطياتها النقدية للاستثمار في أكبر عملة مشفّرة في العالم.
العديد من هذه الشركات تسعى إلى تكرار نجاح شركة «ستراتيجي» (الاسم الجديد لـ«مايكروستراتيجي») التي بدأت شراء «بيتكوين» في عام 2020، وتبلغ قيمة ما تملكه اليوم أكثر من 63 مليار دولار. ارتفع سهم الشركة بأكثر من 3,000% منذ ذلك الحين، بالتوازي مع صعود العملة المشفّرة إلى مستويات قياسية تجاوزت 110,000 دولار هذا العام.
وفقاً للتقرير، ضاعفت الشركات المقلّدة لـ«ستراتيجي» ممتلكاتها من «بيتكوين» خلال الشهرين الماضيين لتبلغ قرابة 100 ألف وحدة، من بينها «ترامب ميديا آند تكنولوجي غروب» التي أسّسها ترامب، جمعت 2.5 مليار دولار الشهر الماضي لهذا الغرض.
في حين يستطيع الأفراد شراء «بيتكوين» مباشرة أو عبر صناديق متداولة، فإن الشركات المدرجة تتمتع بميزة إضافية، إذ يمكنها استخدام أدوات مالية، مثل: السندات القابلة للتحويل للحصول على تمويل إضافي لشراء مزيد من العملات المشفّرة.
إلى جانب «ستراتيجي» و«ترامب ميديا»، أعلنت مجموعة مشتركة تضم «سوفت بنك» و«تيثر» و«كانتور فيتزجيرالد» في أبريل الماضي عن إطلاق مشروع بقيمة 3.6 مليار دولار تحت اسم «توينتي وان» لشراء البيتكوين.
كذلك، أعلنت شركة الطاقة الشمسية «سولار بانك» في تورونتو أنها ستعتمد استراتيجية خزانة بالبيتكوين لجذب «فئة جديدة من المستثمرين المهتمين بالتكنولوجيا». ولم تكشف الشركة عن حجم مشترياتها المحتملة، مشيرة إلى أن ذلك سيُحدَّد لاحقاً من قِبل الإدارة.
أما شركة المنتجات الاستهلاكية «أوبكسي»، فأطلقت استراتيجية مشابهة لكن باستخدام عملة «سولانا» المشفّرة.
من جانبه، قال برايان روديك، مدير الاستراتيجية في «أوبكسي» لرويترز، إن هذا التوجه «وسيلة فعّالة للشركات للفت الانتباه وتحقيق نمو سريع».
تأتي هذه الموجة وسط تحولات في السياسة الأميركية حيال العملات الرقمية، يقودها ترامب الذي أعلن خلال حملته الانتخابية عن نيته دعم القطاع. وقد وقّع في مارس مرسوماً لإنشاء «احتياطي استراتيجي» من «بيتكوين»، واستقبل ممثلين عن القطاع في البيت الأبيض؛ ما عزز من الزخم حول العملات المشفّرة.
يقول خبراء إن بعض الشركات قد تسعى لكسب ودّ صانعي السياسات في هذا المجال، إذ بات الملف الرقمي يحظى باهتمام واضح من ترامب.
رغم الزخم، تبقى هذه الاستراتيجيات محفوفة بالتقلبات. ويشير تقرير حديث لـ«تشارلز شواب» إلى أن الشركات التي تحتفظ بكميات كبيرة من العملات المشفّرة قد تواجه أزمة سيولة في حال انهيار الأسعار بشكل مفاجئ.
وتقدّر «ستاندرد تشارترد» أن انخفاض «بيتكوين» دون مستوى 90,000 دولار قد يدفع نصف احتياطيات الشركات إلى المنطقة السالبة. كما أشار رافي دوشي، المدير المشارك لأسواق «فالكون إكس»، إلى أن «مثل هذه الحمى الاستثمارية دائماً ما تنتج رابحين كباراً وخاسرين أكبر».