logo
اقتصاد

التجارة الحرة.. سلاح أميركا الوحيد لمواجهة الصين وروسيا

التجارة الحرة.. سلاح أميركا الوحيد لمواجهة الصين وروسيا
تاريخ النشر:22 مارس 2023, 02:47 م

أنشأت الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، حلف شمال الأطلسي والتحالفات في المحيط الهادئ، ورَعَت التجارة الحرة بين الحلفاء من خلال الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة GATT، والاتحاد الأوروبي وغيرها من الترتيبات الإقليمية.

وكان الاقتصاد الأميركي كبيرًا بما يكفي لضمان النظام بأكمله، ودعم جيشًا كافيًا لخوض الحروب عبر المحيطات الكبيرة، وعرض على الحلفاء سوقًا مهمًا لتطوير صناعاتهم.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، سعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى دمج روسيا والصين في النظام التجاري الغربي.

لكن شعار “إحداث التغيير عبر التجارة Wandel durch Handel" أثبت فشله وأصبحت أوروبا تعتمد بشكل مأساوي على الغاز الطبيعي الروسي، في حين استغلت روسيا والصين الوصول إلى الأسواق الغربية والتكنولوجيا التجارية، لخلق اقتصادات أكثر حداثة وتعزيز جيوشها.

ولم يمنح الغرب روسيا والصين حرية الوصول إلى تقنيتها العسكرية وحسب، بل الكثير من التكنولوجيا التجارية ذات الاستخدام المزدوج، لدرجة أن كلا من روسيا والصين قادرتان على إحداث الكثير من التأثير حول العالم.

وما زالت الولايات المتحدة تنفق على الدفاع أكثر مما تنفقه الصين وروسيا والعديد من الدول الأخرى مجتمعة، لكنها لا تستطيع ضمان أمن تايوان، ففي حالة الحرب، لن تكون البحرية الأميركية قادرة على دعم القوات الأميركية في المحيط الهادئ، والالتزامات العسكرية في أماكن أخرى، وكذلك تأمين سلاسل التوريد الأميركية، التي أصبحت الآن أكثر اعتمادًا على التجارة البحرية.

وفي الوقت نفسه، أصبحت السياسة الخارجية الأميركية مفتونة بالعقوبات الاقتصادية، وتعتقد أن العقوبات ستكسر روسيا قبل أن يهدأ الرأي العام الأوروبي والأميركي، بشأن التكاليف المتزايدة لدعم كييف، ولكن في نهاية المطاف، سيتعين على الولايات المتحدة مواجهة الركود ونفقات الحرب التي لا نهاية لها.

وعلى المدى القريب، يستقر الاقتصاد الروسي بعد الدفعة الأولى من العقوبات، وخسارة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3% في عام 2022، ويتوقع صندوق النقد الدولي نموا لعام 2023، لكن الضربة الحقيقية للعقوبات ضد روسيا ستكون الخسارة التراكمية على المدى الطويل للتقدم التكنولوجي والنمو، فالحروب تخاض هنا والآن، ويمكن لروسيا أن تتحمل التكاليف على المدى القصير، وبالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين، فإن الفوز هو ضرورة وجودية.

أما المنافسة الحقيقية على العقوبات فهي تصعيد الرئيس جو بايدن تجاه الصين.

تعد أشباه الموصلات الحديثة عنصراً أساسياً في صنع أسلحة عسكرية متفوقة، وقد شعرت الصين بإحباط شديد في جهودها لتطوير صناعة محلية تدعم جيشها، وكما هو الحال مع تأمين ممرات التجارة، يجب على الولايات المتحدة الاعتماد على الحلفاء لخنق الطموحات الصينية.

ولم تعد الولايات المتحدة تصنع أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا في تايوان وكوريا، بل هذه المعامل تعتمد على الهندسة الأميركية والآلات الهولندية واليابانية.

أما الصين فلديها أوراقها الخاصة للَّعب، من النحاس والنيكل والكوبالت والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة الأساسية لصنع العديد من المنتجات الإلكترونية وأشباه الموصلات.

تُظهر حرب روسيا وأوكرانيا أن الحرب الحديثة تتسارع نحو استخدام أسلحة باهظة الثمن.

في هذا السياق، فإن سياسات بايدن الحمائية الصناعية التي تستبعد شركاء الولايات المتحدة الأمنيين تعدّ هزيمة ذاتية، ويجب على الولايات المتحدة إعادة تطوير تصنيع الرقائق والقدرات الدفاعية الصناعية الأوسع وتأمين المصادر الآمنة في الغرب للمعادن الأرضية النادرة وغيرها من المواد الحرجة.

لكن سياسات "شراء المنتجات الأميركية" - مثل تلك التي تم تبنيها في مجال الطاقة الخضراء والمركبات الكهربائية، بالكاد تحقق الدعم لليابان وأوروبا لاستبعاد الصين من سلسلة توريد أشباه الموصلات.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC