القمر ساحة للسباق على البلاتين والتيتانيوم
بدأت دول تتسابق على استغلال الموارد الأولية على القمر والسيطرة عليه. ويشير العلماء إلى أن الصراع على البلاتين والتيتانيوم والليثيوم -وهي معادن نادرة مفيدة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية على وجه الخصوص-، وحتى الجليد القمري هو جار بالفعل، حيث يأمل البعض بإمكانية تحويل هذه الموارد إلى وقود للذهاب إلى المريخ، وما هو أبعد من ذلك.
وعنونت مجلة "نيوساينتست" صفحتها الأولى "عام 2024 هو عام القمر". فإطلاق صاروخ "فولكان" في 8 يناير الماضي كان بمثابة بداية لما يمكن أن يكون أكبر مجموعة من المهام سيشهدها القمر على الإطلاق، وسط توقعات بأن تطأ قدم البشر من جديد ترابه خلال عامين.
كان السباق المحموم على القمر قد بدأ بالفعل مع وصول الصين إليه عام 2019، والهند في أغسطس 2023، واليابان في يناير، ثم في الشهر الماضي، عادت الولايات المتحدة إلى القمر بعد مهمتها المأهولة التي قامت بها بمركبتها الفضائية "أبولو 17". وهذا الإنجاز يلفت النظر أكثر من غيره، لأنه يمثّل أول مهمة تقوم بها شركة خاصة بالتنسيق مع وكالة ناسا.
وليس من المستغرب أن يتم هذا العام نشر العديد من المؤلفات المخصصة لهذا الكوكب، الذي أصبح شريكاً للأرض. وفي كتابها "قمرنا"، الذي صدر في يناير الماضي، تذكّر الصحفية العلمية ريبيكا بويل "بالروابط الوثيقة التي تربط القمر والأرض والإنسانية"، حسب ما نقلته مجلة "ذا كريستيان ساينس مونيتور". ومن جهته، يتساءل الفيلسوف البريطاني أنتوني كليفورد غرايلينغ "من يملك القمر"؟
كسب المال
وتذكر صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" أن في ستينات القرن التاسع عشر، كانت الشهرة هي جوهر البعثات إلى القمر. وفي القرن العشرين، أصبح الهدف من البعثات إلى القمر كسب المال.
وتؤكد ريبيكا بويل في صحيفة كريستيان ساينس مونيتور: "هناك الكثير من الإثارة والاهتمام بكسب المال على القمر أو إنشاء اقتصاد قمري جديد". ومع ذلك، أعربت عن أسفها بقولها: "لدي انطباع بأن هناك نقاشات قليلة بشأن شروط هذه المشاريع وأصحاب المصلحة فيها، ومن يحق لهم المشاركة في هذا الشأن".
وبالإضافة إلى الشهوات التي يثيرها القمر، فهو يمثّل موضوعا للعلوم واكتساب المعرفة. وتشدّد مجلة "نيوساينتست" على أن "بإمكان هذا السطح، الذي ظلّ بعيدا عن النشاط الجيولوجي والبيولوجي، أن يكشف تفاصيل مهمة ليس فقط عن ماضي الأرض، بل عن تطور النظام الشمسي برمته أيضًا". وتضيف :"سيكون ذلك أمراً لا يغتفر إن لم نتعلم من أخطائنا، في إشارة إلى الآثار المستمرة وحتى المدمرة للأنشطة البشرية على البيئة".
إطار قانوني فضفاض
تنقل صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" عن الفيلسوف غرايلينغ عدم تفاؤله بمستقبل السباق في الهيمنة على معادن سطح القمر، إذ يخشى الاحتكاك المحتمل بين الوكالات العامة والشركات الخاصة التي تستثمر بكثافة في استغلال الموارد القمرية. وعلى وجه الخصوص، يخشى أن يتردد صدى الصراع على القمر على كوكب الأرض.
وكتبت الصحيفة الأسترالية اليومية: "على الرغم من أن هذا الفيلسوف ليس أول من حذر من خطر التدافع الفوضوي على أراضي القمر، إلا أنه يذكرنا بأن الإطار القانوني المتعلق بالاستعمار والتعدين التجاري على القمر ليس ملزما".