logo
اقتصاد

بين الذهب والعقار.. أين تتجه مدخرات المصريين بعد تراجع عوائد الشهادات؟

مصرفي: عملاء الشهادات يفضّلون الدخل الثابت.. ويخشون المخاطرة

«فهيم»: سيولة الشهادات تبدأ التحرك بعد تراجع الفائدة دون 20%

«راشد»: «المعدن الأصفر» يحفظ القيمة والعقار يدر الربح

بين الذهب والعقار.. أين تتجه مدخرات المصريين بعد تراجع عوائد الشهادات؟
متعاملون داخل أحد فروع البنك الأهلي المصري بالعاصمة المصرية القاهرة، في 3 أبريل 2023.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:15 يوليو 2025, 04:00 ص

أثارت قرارات البنك المركزي المصري، بخفض أسعار الفائدة بنحو 3.25% منذ بداية العام الحالي، وما تبعها من توقف للشهادات مرتفعة العائد، وتراجع الفائدة على «الشهادات الثلاثية»، تساؤلات حول قدرة القنوات الاستثمارية البديلة، وتحديداً الذهب على اقتناص حصة من مدخرات المصريين.

لفترة طويلة، جذبت الشهادات مرتفعة العائد والتي استمرت 16 شهراً، نحو 1.3 تريليون جنيه (حوالي 26 مليار دولار) لأكبر بنكين في مصر، وهما «الأهلي المصري» و«مصر»، وفق تقديرات أعلنها سابقاً رئيس اتحاد بنوك مصر.

خياران اثنان 

بينما اعتبر مسؤول خزانة في أحد البنوك المصرية تحدث لـ«إرم بزنس» أن فرص احتفاظ العملاء بالاستثمار بشهادات الادخار لا تزال كبيرة جداً، في ظل استمرار منحها فائدة حقيقية (معدل الفائدة مطروح منه معدل التضخم) تتجاوز 4%، رجّح مسؤولون وخبراء اقتصاديون، هروب جزء من سيولة الشهادات لأوعية استثمارية بديلة على رأسها الذهب والعقارات.

فائدة الحقيقة

قال مسؤول خزانة في أحد البنوك المصرية لـ«إرم بزنس»، إن تراجع معدلات التضخم بشكل متتالٍ خلال الأشهر الماضية، عزّز الفائدة الحقيقية على شهادات الادخار، رغم تراجع العائد عليها أكثر من مرة منذ شهر أبريل الماضي.

المسؤول الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أوضح أن معظم المستثمرين في الشهادات المصرفية يبحثون عن الدخل الشهري الثابت، لذا يرفضون تحمّل أى مخاطرة جراء الاستثمار في بدائل أخرى، وهو ما يدفعهم للاستمرار في الادخار بالمنتجات المصرفية حتى في ظل تراجع عوائدها.

واستبعد المسؤول، أي خفض إضافي لأسعار الفائدة على شهادات الادخار في مصر خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، خاصةً مع تثبيت البنك المركزي أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية نهاية الأسبوع الماضي، وتزايد التوقعات بالإبقاء على نفس المعدلات في الاجتماع المقبل المقرر عقده في شهر أغسطس.

أخبار ذات صلة

البنوك المصرية على خطى «المركزي».. خفض العائد على الشهادات الادخارية

البنوك المصرية على خطى «المركزي».. خفض العائد على الشهادات الادخارية

 أسعار الفائدة

قبل أيام، قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، الإبقاء على أسعار العائد الأساسي على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند نفس مستوياتها أي عند 24% و25% و24.5% على التوالي. كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 24.5%.

قرار البنك المركزي الأخير، جاء بعد أن خفّض الفائدة في آخر اجتماعين للجنة السياسات النقدية، بإجمالي 325 نقطة أساس لأول مرة منذ نحو 5 سنوات.

جاءت قرارات «المركزي» نحو التيسير النقدي منذ بداية العام الحالي، مدفوعة بتباطؤ التضخم في مدن مصر، والذي تراجعت وتيرته إلى 14.9% خلال يونيو الماضي على أساس سنوي.

متى تتحرك السيولة؟

قال المحلل الاقتصادي، وخبير أسواق الذهب، أحمد فهيم، إن شهادات الادخار ستظل محتفظة بعملائها، طالما بقيت معدلات الفائدة في مصر أعلى من 20%.

في تصريح لـ«إرم بزنس» اعتبر فهيم أن الـ20% بمثابة حاجز نفسي لعملاء الشهادات، وأن تراجع الفائدة لمستويات دون ذلك سيدفع بعض العملاء نحو قنوات استثمارية بديلة، خاصة العقارات والذهب، لكن أغلب العملاء سيبقون على استثماراتهم في الشهادات دون تغيير، خاصة أنهم يعتبرونها أداة دخل أكثر منها أداة ربح.

فهيم أشار كذلك إلى أن الذهب والعقارات في مصر أصبحا حالياً سوقاً تكاملية وليست تنافسية، وأن العميل الواحد يقبل على الاستثمار في القطاعين معاً، لذا فإن السيولة الخارجة من الشهادات، ستوجه لأحد هذين القطاعين أو كلاهما معاً. 

فرص «المعدن الأصفر»

بدوره، توقّع رئيس قسم التحليل الفني لمنطقة الشرق الأوسط بشركة «غولد إيرا» أسامة زرعي، أن يعيد التراجع الأخير في عوائد الشهادات البنكية، تشكيل خريطة توجهات المستثمرين بالفترة المقبلة.

زرعي رجّح في حديث لـ«إرم بزنس» أن يتجه جزء كبير من مستثمري الشهادات إلى الذهب، خاصة أن عملاء الشهادات دائماً ما يبحثون عن أدوات آمنة، كالمعدن الأصفر وتحديداً في حال تراجع عوائد الشهادات.

فقدان العائد الثابت

«الشهادات كانت تتميّز بعائد مرتفع وثابت، ومع فقدان هذه الميّزة، من المتوقع أن يتزايد الإقبال على الذهب خلال الأشهر المقبلة»، بحسب زرعي الذي توقّع أن يكسر سعر غرام الذهب «عيار 21» (العيار الأكثر انتشاراً في مصر) حاجز الـ5200 جنيه قبل نهاية العام الحالي، مدفوعاً بتغيرات السوق والطلب المتوقع.

ورأى أن تراجع عوائد الشهادات البنكية، فرصة مهمة لإعادة تنشيط سوق الذهب، لا سيما بعد فترة من التباطؤ في الطلب على «المعدن الأصفر» رغم تحقيقه مكاسب قوية خلال الفترة السابقة.

اتفق معه في هذه النقطة على وجه التحديد، المدير التنفيذي لمنصة «آي صاغة» المصرية لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، سعيد إمبابي، الذي اعتبر أن الذهب يتصدر المشهد كملاذ آمن للمدخرين في مصر حتى قبل تراجع عوائد الشهادات البنكية، بسبب استمرار الضغوط التضخمية في البلاد، وتذبذب سعر الصرف.

إمبابي، أضاف في تصريحات لـ«إرم بزنس» أن الذهب لا يمنح عائداً دورياً، لكنه يحافظ على القوة الشرائية للمدخرات، بل ويحقق مكاسب رأسمالية مع مرور الوقت، خصوصاً في أوقات عدم اليقين الاقتصادي. 

أخبار ذات صلة

استقرار سعر الذهب في مصر اليوم.. هل يستمر الهدوء؟

استقرار سعر الذهب في مصر اليوم.. هل يستمر الهدوء؟

50 مليون طن

أشار إمبابي، إلى أن السوق المصرية شهدت خلال الأشهر القليلة الماضية زيادة في الإقبال على شراء السبائك الذهبية والفضية، صغيرة الحجم، والتي توفّر فرصة للدخول في الاستثمار بأحجام مختلفة تناسب جميع شرائح المجتمع الاقتصادية.

بلغت مشتريات المصريين من الذهب 50.1 طن خلال العام 2024 بتراجع 12% عن العام 2023، بحسب بيانات «مجلس الذهب العالمي» والتي أظهرت أن هذا التراجع استمر خلال الربع الأول من العام 2025 بوتيرة أعلى، حيث انخفضت المشتريات بنسبة 16% إلى 11.1 طن، مقارنة بـ13.2 طن خلال نفس الفترة من العام 2024.

ورغم تراجع الطلب نسبياً على «المعدن الأصفر» في مصر منذ بداية العام الحالي، لكن أسعاره بالأسواق المحلية قفزت بنسبة 25% خلال النصف الأول من العام، بحسب بيانات منصة «آي صاغة».

منافسة شرسة

اعتبر إمبابي، العقارات منافساً تقليدياً قوياً للذهب في سباق اقتناص سيولة الشهادات البنكية، لكن حجم السيولة المطلوبة لدخول السوق العقارية يجعل الذهب خياراً أكثر مرونة خصوصاً لصغار المدخرين.

إمبابي قال أيضاً، إن سوق العقارات في مصر تعاني حالياً من تباطؤ نسبي في المبيعات في ظل ارتفاع تكلفة البناء والتشطيب بجانب صعوبة التخارج منها بعكس الذهب، والذي يمكن تسييله بسهولة وبسرعة في أي وقت.

وعلى العكس من ذلك، اعتبر زرعي، إن القطاع العقاري لديه فرص أكبر من الذهب حالياً في استقطاب السيولة الخارجة من الشهادات البنكية، لا سيما في ظل التسهيلات الكبيرة التي يتيحها لجهة السداد، مثل إمكانية شراء وحدة عقارية بدفع مقدم 10% فقط.

زرعي، رجّح أن تشهد السوق، منافسة شرسة بين الذهب والعقار على جذب السيولة، لكنه استدرك قائلاً: «قد يربح الطرفان في آن واحد، لكن العقار يظل أكثر جاذبية للبعض حالياً بفضل خطط السداد المرنة».

ورأى أن المنافسة بين الذهب والعقار على مدخرات المصريين ليست محسومة، فرغم أن العقار يحقق مكاسب كبيرة، إلا أن أبرز عيوبه تكمن في صعوبة تسييله مقارنة بالذهب، الذي يمكن بيعه وتحويله إلى سيولة في أي وقت.

أوضح، أن الذهب أثبت قدرته على تحقيق عوائد قوية، لا سيما وأن «المعدن الأصفر» سجل أرباحاً تجاوزت 28% العام الماضي، مقابل نحو 30% للعقار، ما يعكس تقارب الأداء بين القطاعين. 

في المقابل، رجّح زرعي توجه السيولة الخارجة من الشهادات البنكية بشكل رئيسي نحو الذهب أو العقارات، نظراً لعدم وجود بدائل استثمارية أفضل في الوقت الراهن، خصوصاً أن مستثمر الشهادات مختلف جذرياً عن المستثمر في أسهم البورصة، والذي يتسم سلوكه بالمضاربة والميل للاستثمار طويل الأجل، بينما يفضّل مستثمر الشهادات الأدوات الآمنة مثل الذهب والعقار.

من يكسب الرهان؟

من جانبه، انحاز الخبير العقاري، وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، محمد راشد، للقطاع العقاري في سباق اقتناص سيولة الشهادات المصرفية، معتبراً أن العقارات تحقق أرباحاً، في حين يعد الذهب أداة تحوط لا تدر أرباحاً كبيرة.

قال راشد لـ«إرم يزنس» إن الشهادات البنكية ذات العائد بين 18% و21% غير مربحة حالياً بالقيمة الحقيقية، وأن ما تمنحه من فائدة تلتهمها زيادة الأسعار، وبالتالي فهي لا تعود على العملاء بأي دخل حقيقي.

راشد أشار إلى أن الذهب أثبت خلال السنوات الخمس الماضية قدرة كبيرة في الحفاظ على القيمة، لكنه في الوقت نفسه لا يدر دخلاً شهرياً بخلاف القطاع العقاري.

كما اعتبر، أن أكثر ما يُميّز العقار بصفة عامة، والخدمي منه تحديداً، من مكاتب وعيادات ومحال تجارية، هو أنه أصل يعمل من أجل العملاء، فالعقار السكني يدر دخلاً يتراوح من 5% الى 7% سنوياً، بينما العقار الخدمي يحقق عوائد مضاعفة في بعض المناطق.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC