تقترب سوق السندات الأميركية من إصدار إشارة جديدة على احتمال الركود، إذ كان عائد السندات لأجل عامين على وشك الإغلاق أدنى من نظيره لأجل عشر سنوات، وفقاً لتقرير «ماركت واتش».
ويعكس هذا التحول في منحنى عوائد السندات احتمال ظهور إشارة ركود جديدة، مع التوقعات بأن يدخل المؤشر المرتبط بمنحنى العوائد إلى منطقة إيجابية لأول مرة منذ عام 2022.
ووفقاً لبيانات داو جونز، فقد ظل عائد السندات لأجل عامين يتجاوز عائد السندات لأجل عشر سنوات لمدة قياسية بلغت 544 يوم تداول، بما في ذلك يوم الأربعاء.
تاريخياً، تعدُّ الانعكاسات في منحنى العائد مؤشراً دقيقاً على الركود الاقتصادي، ومع ذلك فإن التحول المعكوس أو المقلوب، أو عودة منحنى العائد إلى وضعه الطبيعي حيث تتفوق العوائد طويلة الأجل على قصيرة الأجل، يُنظر إليه عادةً على أنه إشارة تحذير على تباطؤ اقتصادي محتمل.
وبحلول ظهر يوم الأربعاء، كانت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات وسنتين تتداول بالقرب من بعضها، إذ بلغ كلاهما 3.78%، وفقاً لبيانات (FactSet). ولإنهاء حالة الانعكاس رسمياً، يجب أن يُغلق العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات فوق العائد على سندات الخزانة لأجل سنتين.
ويتابع المستثمرون منحنى العائد بترقب شديد، مستذكرين كيف كانت الظروف مشابهة قبل الركود القصير الذي تسبب فيه جائحة كورونا في عام 2020.
رغم الإشارات المقلقة التي يرسلها سوق السندات، يعتقد بعض الخبراء أن الركود ليس أمراً حتمياً، يقول جاي ليباس، كبير إستراتيجيي الدخل الثابت لدى «جاني مونتغمري سكوت»، إنه لا يوجد دليل على وجود ركود وشيك.
على حين يعترف ليباس بتباطؤ النمو الاقتصادي، إلا أنه يظل متفائلاً بحذر، مشيراً إلى أن المتداولين قد سعّروا نحو 10 تخفيضات في أسعار الفائدة خلال الدورة الحالية، ويعتقد أن هذا التوقع مبالغ فيه، مستشهداً بأن الاحتياطي الفيدرالي قد خفض الفائدة تاريخياً ثلاث مرات على مدار ثلاثة أرباع في سيناريو «هبوط سلس».
ويضيف ليباس أن تجاوز هذا العدد من التخفيضات قد يكون دليلاً على مشاكل اقتصادية أكثر خطورة، ويشير التقرير إلى أن أحد الأسباب التي قد تجعل المؤشرات المعتادة للركود غير دقيقة هذه المرة هو مدة الفائدة المنخفضة للغاية التي استمرت لسنوات.
تباينت ردود فعل سوق الأسهم تجاه احتمالية انتهاء انعكاس منحنى العائد.
تاريخياً، شهد مؤشر «إس آند بي 500» زيادة متوسطة قدرها 2.6% بعد مرور ثلاثة أشهر من تحول منحنى العائد إلى وضع إيجابي يستمر مدة 50 يوم تداول أو أكثر، وفقاً لبيانات الـ40 عاماً الماضية.
ومع ذلك، يوجد استثناءات ملحوظة، مثل الانخفاض الحاد بنسبة 11% في السوق بعد الانعكاس في عام 2000، وكذلك التراجع بنسبة 12.9% الذي أعقب ذلك بعام.
وينتظر المستثمرون تقرير الوظائف الأميركية المزمع صدوره يوم الجمعة، يشدد جاي ليباس على أهمية هذه البيانات في تقييم صحة الاقتصاد، ويلاحظ ليباس أن الأسواق بدأت شهر سبتمبر بنبرة مضطربة، إذ أسهمت تقلبات سوق الأسهم في زيادة حالة عدم اليقين بين المستثمرين.
ويشير ليباس إلى أن إصدار السندات من قبل الشركات هذا الأسبوع قد يسحب السيولة من أسواق الأسهم، فقد أُصْدِرَت كمية كبيرة من السندات من قبل الشركات يوم الثلاثاء، ومن المتوقع أن يتبعه مزيد يوم الأربعاء، ما قد يضيف ضغطاً إضافياً على أسواق الأسهم.
يواصل مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي متابعة مسار الاقتصاد بدقة، يقول رافائيل بوستيك، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، إن «الاقتصاد يفقد زخمه»، مشيراً إلى عدم وجود حالة من الذعر بين قادة الأعمال.
ويضيف بوستيك أن النمو الاقتصادي يتباطأ، ولكنه لا يتوقع حدوث انهيار وشيك.
في مساء الأربعاء، ظل سوق الأسهم في المنطقة الحمراء، إذ تراجعت مؤشرات «إس آند بي 500»، و«داو جونز الصناعي»، و«ناسداك المركب»، ينتظر المستثمرون مزيدًا من البيانات الاقتصادية في وقت لاحق من الأسبوع.
مع اقتراب سوق السندات الأميركية من تحول كبير في منحنى العائد، يستعد المستثمرون للتداعيات الاقتصادية المحتملة، وعلى حين لا يزال بعض الخبراء متفائلين بإمكانية تجنب الركود، تشير البيانات التاريخية وظروف السوق الحالية إلى أن الأشهر المقبلة قد تواجه تحديات كبيرة.
سيُرَاقَب تقرير البطالة يوم الجمعة من كثب للحصول على إشارات إضافية حول صحة الاقتصاد، على حين تظل الأسواق متوترة وسط احتمالية حدوث تباطؤ اقتصادي.