logo
اقتصاد

منع ذبح أضاحي المغرب.. «تضحية مؤقتة» بالمبيعات وتنمية للقطيع

منع ذبح أضاحي المغرب.. «تضحية مؤقتة» بالمبيعات وتنمية للقطيع
صورة لسيدتين أمام جزارة جنوب المغرب، 18 فبراير 2025المصدر: أ ف ب
تاريخ النشر:31 مايو 2025, 05:57 ص

وجّه العاهل المغربي الملك محمد السادس دعوة هي الرابعة من نوعها في تاريخ المملكة، تحث المواطنين على الامتناع عن ذبح الأضاحي هذا العام، في إطار جهود رسمية لحماية الثروة الحيوانية التي تضررت بفعل موجات جفاف متتالية منذ أكثر من ست سنوات، أدت إلى تراجع أعداد القطيع بنحو 35% ليصل إلى أكثر من 18 مليون رأس.

الدعوة الملكية، التي انعكست مباشرة على السوق بانخفاض كبير في الأسعار نتيجة قلة الطلب، تأتي ضمن مساعي إنعاش القطاع الحيواني، وفق ما أفاد به خبراء مغاربة تحدثوا لـ«إرم بزنس».

وأشاروا إلى أن الحكومة تعمل على دراسة آليات لتعويض التجار المتضررين من ضعف المبيعات، في خطوة قد تُسهم في استقرار القطاع وتحفيز استعادته لعافيته، على أمل أن يُستأنف ذبح الأضاحي في المواسم المقبلة، ربما قبل حلول عام 2027، في حال تحسّنت الظروف المناخية وتوفرت الكميات الكافية من القطيع.

أخبار ذات صلة

المغرب وإسبانيا.. توقيع بروتوكولات لمشاريع استثمارية بـ50 مليون دولار

المغرب وإسبانيا.. توقيع بروتوكولات لمشاريع استثمارية بـ50 مليون دولار

يذكر أن المغرب سبق أن شهد قرارات ملكية بإلغاء شعيرة ذبح الأضحية في عيد الأضحى خلال سنوات 1963، 1981، 1996، لأسباب مرتبطة بالحفاظ على القطيع الحيواني، وفي أواخر فبراير 2025، «أهاب الملك بالمواطنين المغاربة عدم نحر الأضاحي هذه السنة في ظل تراجع أعداد الماشية».

وتراجعت أسعار الأغنام في الأسواق المغربية بنسبة تصل إلى 50%، عقب المناشدة، وسجل سعر الأكباش نحو 3500 درهم (348 دولاراً) مقابل 6 آلاف درهم قبل أشهر، كما بلغ أقصى سعر للنعاج 2000 درهم، في حين راجت تقديرات غير مؤكدة أنها وصلت إلى ألف درهم، بحسب وسائل إعلام مغربية.

كما تراجعت أسعار اللحوم الحمراء بشكل ملحوظ؛ إذ عرفت لحوم الأغنام تراجعاً بنحو 57 %، من 140 درهماً (نحو 15 دولاراً) للكيلو غرام إلى بين 60 إلى 90 درهماً حسب الجودة، وانخفضت أسعار لحوم الأبقار بحوالي 30%. وتتراوح أسعارها اليوم ما بين 65 و85 درهما للكيلوغرام الواحد، وأسعار لحوم الأغنام ما بين 65 و90 درهما، حسب الجودة.

وفرة منتظرة

رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز في المغرب، عبدالرحمن مجدوبي، قال لـ«إرم بزنس» إن أسواق الأضاحي مفتوحة لكن المبيعات تشهد ركوداً؛ تجاوباً مع مناشدة الملك محمد السادس، مشيراً إلى أن هذا التجاوب الحالي من المواطنين والركود بسوق الأضاحي أسهم في وفرة ومكاسب بالثروة الحيوانية تكاد تتجاوز 6 ملايين رأس سيتم توفيرها.

وأوضح مجدوبي أن توجيه ملك المغرب بعدم ذبح الأضاحي هذا العام جاء بعد مجموعة من التقارير بشأن ما مر به قطيع الأغنام من ظروف صعبة جداً منذ جائحة كوفيد 19 بخلاف الجفاف الذي تجاوز 6 سنوات في البلاد، خاصة أن القطيع الوطني يعتمد بالأساس على المراعي، لافتاً إلى أن القرار تكرر سابقاً 3 مرات بتاريخ البلاد وتم تجربة استيراد الأضاحي العام الماضي من أوروبا والخارج، لكن كانت الأثمان غالية ولم يكن ذلك المقترح مفيداً.

مجدوبي أشار إلى أن القرار كان يمس المربين بالطبع وتحركت الجمعية مع الجهات الرسمية لتعويضهم، خاصة أن عليهم ديوناً والتزامات، وبالفعل قررت وزارة الفلاحة، بتوجيه ملكي، إطلاق برنامج يشمل إعادة جدولة ديون مربي الماشية، ودعم الأعلاف، وإطلاق عملية ترقيم إناث الماشية، وإطلاق حملة علاجية وقائية، وتنظيم عملية تأطير تقني لمربي الماشية.

وكان وزير الفلاحة المغربي أحمد البواري كشف في بيان يوم 22 مايو عن عن تلك المحاور الخمسة، في إطار "توجيهات ملكية بأن «عملية إعادة تكوين القطيع ناجحة على جميع المستويات»، مؤكدا أن كلفة تدابير هذه الإجراءات ستبلغ، بحلول نهاية سنة 2025، ما يناهز 3 ملايين درهم، علاوة على تخصيص 3,2 مليار درهم سنة 2026.

ولفت مجدوبي إلى أن القطيع كان يبلغ قبل أزمة كوفيد-19 نحو 26 مليون رأس من الأغنام والماعز، وحالياً تقريباً نقص 35% ويتجاوز 18 مليوناً مع هذا العام، وتوجيه منع الذبح ووجود دعم حكومي قد يصلان بالقطيع إلى 26 مليوناً، خاصة مع جهود أخرى منها التلقيح الصناعي.

ولفت إلى أن أسعار اللحوم سجلت مع قرار المنع تراجعاً من 120 درهماً (نحو 12دولاراً) إلى 80 درهماً، مشيراً إلى أنه لو تم تنفيذ ذبح الأضاحي هذا العام كنا سنرى نقصاً كبيراً من الثروة الحيوانية وفقد مليون رأس على الأقل.

وأوضح رئيس الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز في المغرب أن الأغنام موجودة في الأسواق بالمغرب حالياً ولكن هناك قلة تصل لنحو 10 إلى 15% ستُضحى من الميسرين والباقي سيذهب لمحال الجزارة لتحصل على لحوم حسب قدرتها الشرائية، متوقعاً أنه مع قرارات دعم السلطات ستتم العودة إلى قرار الذبح العام المقبل خاصة مع وفرة بالثروة الحيوانية.

أخبار ذات صلة

المغرب يطلق خريطة طريق للتجارة تستهدف 9 مليارات دولار صادرات إضافية

المغرب يطلق خريطة طريق للتجارة تستهدف 9 مليارات دولار صادرات إضافية

فوائد

أستاذ قانون الأعمال والاقتصاد في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والمستشار الوزاري المغربي السابق، بدر الزاهر الأزرق، في حديث لـ«إرم بزنس»، يرى أن الأسواق الأسبوعية العادية فقط هي التي تعمل، ليس هناك أسواق مخصصة لأضاحي العيد كما هو معتاد، موضحاً أن أسعار رؤوس الأغنام انخفضت أيضاً مقارنة بالأشهر الماضية، خاصة أن المسألة مرتبطة بالعرض والطلب.

وأوضح أن هذا القرار ليس مفاجئاً، بل تم أكثر من مرة قبل ذلك، وكان هناك ارتياح عام له بهذه السنة خاصة أن الأسعار انخفضت مباشرة بعد القرار الملكي الذي اتخذ بعد تقديم معطيات إحصاء المواشي التي أكدت انخفاض أعداد القطيع.

ولفت الأزرق إلى أن أسعار اللحوم بعد القرار انخفضت بشكل لافت تحت عتبة المئة درهم، بين 80 أو 90 درهماً، وهذا ثمن منخفض مقارنة بـ 120 درهماً خلال الأشهر الماضية، ولكنه لا يزال مرهقاً للقدرة الشرائية للطبقات الفقيرة في ظل أن الحد الأدنى للأجور هو 3500 - 4000 درهم وهناك آلاف الأشخاص يتقاضون أقل من ذلك.

ويعتقد أنه سيكون استقرار في الأسعار بانتظار إعادة تشكيل القطيع، وأغلب الأسر تختار اللحوم البيضاء والسمك والسردين، إذ إن ثمن الكيلو بين 15 و 30 درهماً، لافتاً إلى أن هناك استراتيجية عُرضت أمام ملك المغرب وتشكيل القطيع قضية وقت فقط.

ويوضح أن هذه السنة التي شهدت تساقطات مطرية لن يضطر خلالها الفلاحون لبيع مواشيهم كما يحدث في وقت الجفاف، ولن يكون هناك إغراق للسوق بالعرض، وسيبقى الطلب معتدلاً والظروف مواتية لإعادة تشكيل القطيع.

كذلك، يؤكد مدير مرصد مراقبة العمل الحكومي، الخبير الاقتصادي المغربي، محمد جدري، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن المغاربة "قدراتهم الشرائية متدهورة وهم مرحبون بإلغاء شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام".

ويرى أن "أغلب أسر ذوي الدخل المحدود ستكتفي بشراء بعض كيلوغرامات من اللحم يوم العيد؛ لأن تكلفة العيد تثقل كاهلهم مع تضاعف أسعار اللحوم خلال السنوات الأربع الأخيرة، مشيراً إلى أن إلغاء ذبح الأضاحي هذا العيد من "أجل مساعدة القطيع في استرجاع عافيته، الذي قد يعود لسابق عهده قبل 2027.

وانخفض التضخم السنوي في البلاد إلى 0.7% في أبريل الماضي، من 1.6% في الشهر السابق بعد انخفاض أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية، وعلى أساس شهري، انخفض مؤشر أسعار المستهلكين في أبريل 0.3%، كما تراجع عدد الفقراء في المغرب 37.5% من أربعة ملايين نسمة في 2014 إلى 2.5 مليون في 2024، حسب ما نقلته وكالة «رويترز» عن إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط في المغرب في 22 مايو الجاري.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC