ويجتمع وزراء مالية الدول السبعة والعشرين يومي الأربعاء والخميس في بروكسل لمناقشة إصلاح قواعد الميزانية في منطقة اليورو.
وهذه المعايير التي تحدد عتبات العجز (3% من الناتج المحلي الإجمالي) والديون (60%)، والمعلقة منذ تفشي كوفيد في عام 2020، يتعيّن أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير 2024، وفقاً لما نقلت صحيفة لو فيغارو.
والمشكلة الوحيدة، بعد أشهر من المفاوضات الصعبة، أن الأوروبيين يجهلون ما هي القواعد التي قد تنطبق: أهي تلك القواعد الخاصة باتفاق الاستقرار والنمو الموروثة من ماستريخت، والتي حكم عليها الرأي العام بأنها عفا عليها الزمن؟ أو تلك الإصلاحات الأكثر مرونة التي اقترحتها المفوضية الأوروبية، والتي أشادت بها البلدان التي تنفق كثيرا مثل فرنسا أو إيطاليا، ولكنها تثير المعارضة في العديد من العواصم، بدءاً ببرلين؟
ونتيجة هذا الغموض، قدمت الدول الأعضاء في منطقة اليورو إلى المفوضية في خريف هذا العام، مشاريع ميزانية لعام 2024 تعارض إلى حد ما، خفض العجز والديون.
وخاصة وأن النمو آخذ في الضعف، وترتفع تكاليف الاقتراض بشكل مذهل، الأمر يهدد الموارد المالية العامة.
وفي المتوسط، من المتوقع أن يعود العجز في منطقة اليورو إلى وضعه الطبيعي، لينتقل من 3.2% هذا العام إلى 2.8%، أي أقل من هدف اتفاقية ماستريخت. ولن ينخفض إجمالي الدين إلا قليلا جدا، أي من 89% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 88.6%، وفقاً للمفوضية.
والدول الفاشلة السابقة في منطقة اليورو، وهي البلدان الواقعة في جنوب القارة الأوروبية، هي التي أصبحت تمثل أفضل الطلاب.
فالبرتغال وإيطاليا وأيرلندا، واليونان وأسبانيا، يقدمون الآن دروساً في الإدارة المالية للآخرين.
وهذه هي حال أيرلندا، التي تتمتع بفائض في الميزانية، والتي لا تعرف ماذا تفعل بإيراداتها إلى الحد الذي دفعها إلى إنشاء صندوقين سياديين للاستثمار في المستقبل.
ولكن أيضا البرتغال، التي تمكنت حكومتها اليسارية بقيادة أنطونيو كوستا من توليد فوائض مريحة.
وجزيرة قبرص أيضا تنتمي إلى هذه المجموعة. دون أن ننسى اليونان التي تحترم قواعد العجز وتخفض ديونها القياسية بسرعة عالية.
ووعدت إسبانيا، من جانبها، بالعودة إلى عتبة الـ 3% في العام المقبل. وعلى العكس من ذلك فإن إيطاليا، المثقلة بالديون والنمو الهزيل، تظل الحلقة الضعيفة في منطقة اليورو.
وفرنسا، على الرغم من الجهود التي يبذلها وزير المالية برونو لومير، هي أيضاً في معسكر الطلاب السيئين. وهي لا تخطط للعودة إلى أقل من 3% من العجز في الميزانية قبل عام 2027.
وعلى هذا النحو، إذا تم احترام القواعد حقاً في بداية العام المقبل، فسوف تكون فرنسا واحدة من الدول السبع التي يجب أن تجد نفسها من الناحية النظرية تحت إجراءات العجز المفرط من قبل المفوضية، مع إيطاليا وبلجيكا وسلوفينيا وسلوفاكيا ومالطا، وفقًا لدراسة أجراها بنك "اتش اس بي سي".
وهذا يتطلب منها تعديل إنفاقها العام بنسبة 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، لخفض ديونها.
والتراخي في الميزانية من جانب بعض جيران فرنسا، يعزز موقف ألمانيا التي تطالب بخفض قوي لديون البلدان التي تعاني من عجز مفرط، حتى ولو احتدمت المناقشة داخلياً أيضاً، داخل الائتلاف الحاكم في برلين.
ولن يصل متوسط خفض الإنفاق في منطقة اليورو إلا إلى 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024. وسوف تأتي غالبية هذه الجهود، كما هي الحال في فرنسا، من الحد من مجالات الطاقة وليس من المدخرات الهيكلية الحقيقية.
وأصبحت المعادلة معقدة بالنسبة لوزراء الاقتصاد، مع تلاشي النمو وتقلص الإيرادات، في حين ترتفع التكاليف مع ارتفاع أسعار الفائدة.